عون يحذر الحلفاء السابقين والحاليين ويشن معركة وجودية!

ميشال عون

حملت كلمة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون إلى اللبنانيين اليوم، خارطة طريق جديدة لمنهجية تعاطيه مع ملف تشكيل الحكومة بعد أن بات تكليف الرئيس سعد الحريري لتأليفها يوم غد الخميس أمرا مفروغا منه، فأعلن بشكل واضح بأنه يملك الكثير من الاوراق الداخلية التي تمكنه من أن يكون شريكا أساسيا وعنيدا في التأليف وفي خوض معركة “وجودية” بينه وبين النهج السياسي والاقتصادي الذي يمثله الرئيس الحريري بعدما كسرت الضغوطات الدولية معادلة سعد – جبران معا إما داخل السلطة أو خارجها.

اقرأ أيضاً: عون يُذكّر الحريري بالتضحية لأجل حكوماته.. ويُناشد النوّاب: فكّروا بآثار التكليف على التأليف!


لم يستطع رئيس الجمهورية أن يقول “لعيون جبران لن تتشكل أي حكومة من دونه” وإن كان يتم تداولها بين مناصري التيار على مواقع التواصل الاجتماعي، فكان لا بد من تحريض النواب على الرئيس الذي من المفترض تكليفه بتحميله كل الاخفاقات الاقتصادية والمعيشية التي جرت في عهده وأيضا في هدم كل “حيطان العمار” مع المحيط العربي والمجتمع الدولي، متغاضيا عن حقيقة أن رئيس الجمهورية يمثل لبنان في علاقته مع دول العالم وأن الرئيس عون قام بهذا الدور على مدى أربع سنوات في وقت كان النائب جبران باسيل يتولى حقيبة الخارجية أيضا.
لا شك في أن هذه المعركة التي أعلن الرئيس عن خوضها ستكون مكلفة على اللبنانيين لأن الهوامش المالية والاقتصادية التي كانت تبقي البلد واقفا على رجليه بالرغم من حصول فراغ رئاسي لأكثر من عامين أو إطالة فترة تأليف الحكومة تسعة أشهر إنتهت، ولن يبقى أمام اللبنانيين سوى الاختناق المعيشي والاقتصادي قبل الانزلاق نحو جهنم التي تحدث عنها الرئيس عون نفسه.

فارس سعيد
فارس سعيد

تعاطف إنساني

بناء على كل ما تقدم ستشهد الساحة الداخلية المزيد من التطورات والتجاذبات في الايام المقبلة يمكن تلمسها بعد إنتهاء الرئيس عون من كلمته، إذ حفلت مواقع التواصل الاجتماعي بمحاولات فهم الرسائل التي أراد الرئيس عون إيصالها ومن هذه المحاولات كلام للنائب السابق فارس سعيد الذي سارع إلى “إشهار تعاطفه الانساني معه بعد أن أعلن عجزه عن إدارة شؤون البلاد”، ويفسر ل”جنوبية” موقفه بالقول:”أعلن الرئيس عون أمرين، الاول أنه سيعرقل عملية تشكيل الحكومة لا سيما أن من سيُكلف هو مسؤول عن عدم إدارة البلاد بشكل جيد حتى الان، والثاني أعلن عن عجزه كرئيس للجمهورية في إدارة الشأن العام وبالتالي قال الشيء ونقيضه”، مشيرا إلى أنه “من جهة أعلن عن نيته في عرقلة المساعي التي سيقوم بها الرئيس المكلف في تشكيل حكومة، ومن جهة أخرى أعلن أن كل المشاكل التي كانت موجودة في بداية عهده لم يستطع حلها وكأن هذا الرئيس هو رئيس العرقلة والعجز وليس هناك أي شي إيجابي في كلامه وأنا اعلنت تعاطفي الانساني معه لأنه “بيلوي القلب”.

سعيد لـ”جنوبية”:عون رئيس العرقلة والعجز و وكلامه “بيلوي القلب”


ويضيف: “من واجب رئيس الدولة العمل لتأمين حقوق المواطن وعندما يقول أنه لن يتساهل في تشكيل الحكومة حتى حدود العرقلة سينعكس سلبا على المواطن، والفيصل في هذا الموضوع هو الدستور وإتفاق الطائف ولا أحد يلتزم بالدستور لا الرئيس الحريري الذي تكلف (عمليا) خارج الاستشارات النيابية تمسك بإتفاق الطائف ولا كلام الرئيس عون الذي هومؤتمن على الدستور وعلى عيش اللبنانيين”.
ويختم:”اللبنانيون امام معركة خاسرة جديدة من معارك الرئيس عون اتمنى من موقعي كماروني أن لا يتحول هذا الامر إلى إشتباك سني – ماروني ولذلك علينا أن نتمسك بالدستور والوفاق الوطني حفاظا على المصلحة الوطنية”.

الياس الزغبي

وقع كلام عون


إذا كلام الرئيس عون كان حافلا بالرسائل إلى من يعنيهم الامر من الافرقاء الداخليين، فكيف سيكون إيقاع هذا الكلام على الإستحقاقات الداخلية والتي تبدأ غدا بالاستشارات النيابية في قصر بعبدا؟، يجيب الكاتب السياسي الياس الزغبي “جنوبية” بالقول: “خطاب الرئيس عون يمكن إختزاله بنقطتين، الاولى هي خطاب إعلان العجز فهو بعدما توجه بكلمة مكتوبة إلى اللبنانيين، قال في حديثه مع الاعلاميين المعتمدين في القصر الجمهوري أنه لا يستطيع أن يفعل شيئا لا في التشريع ولا في التنفيذ، وأنه بعد اربع سنوات أعلن إفلاس عهده كليا والاهم أنه طرح سلسلة أسئلة عن مصير الاصلاحات التي كان يريد تنفيذها، وهو في موقع الرئاسة الاولى ويطرح الاسئلة متنوعة حول شؤون حياتية ومالية وإقتصادية وصحية”، مشيرا إلى أنه “إذا كان رئيس الجمهورية في موقع طرح الاسئلة فماذا يبقى للمواطن أن يسأل، لم يترك سؤالا يطرحه المواطن الذي ينزل ليعبر عن رأيه في الساحات والطرقات كي يسأل عنه”. يضيف: “إذا كان رئيس السلطات وحامي الدستور والساهر على تطبيقه وعلى السيادة الوطنية يتكلم بهذه الطريقة، فماذا يمكن أن يفعل المواطن العادي يسمع خطابا يرفع عن صاحبه كل المسؤولية ويلقيها على مجهولين؟ كما أنه توجه إلى النواب كي يحسنوا تكليف رئيس حكومة وكأنه يقول لا يريد تكليف الرئيس سعد الحريري وهذا أمر واضح من خلال رفض رئيس تياره لتكليف الحريري، وكأنه يحمل الرئيس الحريري المسؤولية عن كل ما حصل في 4 سنوات الماضية”.

الزغبي لـ”جنوبية: كلام عون مؤشر تغيير في نهجه الخارجي و تغطية سلاح حزب الله


يعتبرالزغبي أن “الاخطر أن الرئيس عون يسأل أين لبنان وأين موقعه من التطورات والتغيرات والتفاهمات المحورية التي تحصل في المنطقة، فإذا كان رئيس الجمهورية يسأل هذا السؤال وهو المسؤول الاعلى في السياسة الخارجية وهذا عرف درجت عليه الحكومات قبل الطائف وبعده، أي أن رئيس الجمهورية هو مسؤول السياسة الخارجية وبالتالي كان الرئيس عون مسؤولا عن هذه السياسة خلال الاربع سنوات الماضية من عهده وقبل ذلك بأربع سنوات أخرى من خلال تكليف صهره بوزارة الخارجية”، سائلا “كيف يسأل أين موقع لبنان في السياسة الخارجية وهوالمسؤول عمليا منذ 8 سنوات، وهي التي جعلت لبنان ينزلق إلى محور الممانعة بقيادة إيران وقد غطى كل هذه السنوات ومنذ العام 2006 (التفاهم مع حزب الله) غطى سلاح حزب الله وموافقه الداخلية والخارجية في سوريا والعراق واليمن وبلاد الله الواسعة”، مشددا على أن “من إتبع هذه السياسة لا يحق له بعد أن أمّن الغطاء لهذا السلاح السؤال عن موقع لبنان وسياسته الخارجية ومصيره، وهنا يجب أن نتوقف عند الدافع لطرح الرئيس عون لهذا السؤال تحديدا، هل هذا مؤشر إلى تغيير في نهجه الخارجي وفي تغطية سلاح حزب الله، نتيجة كل الممانعة التي مارسها الحزب في الاونة الاخيرة في ما خص الوضع الداخلي بما لا يريح الرئيس عون ولا وريثه في التيار النائب جبران باسيل، وهل هو دليل على رد فعل حزب الله خصوصا بعد الازمة التي حصلت عقب تشكيل لجنة لترسيم الحدود؟ “.
يضيف:”كل ذلك يؤشر إلى ان الرئيس عون ربما يتجه إلى فك تحالفه مع حزب الله وإنتهاج سياسة منسجمة مع التاريخ والواقع اللبناني أي إتجاه العرب والغرب والولايات المتحدة الاميركية، وربما هذا التبدل في حال حصوله ليس نتيجة خيار بل نتيجة خوف من العقوبات ، وقد شهدنا مسألة رمزية جدا في دلالاتها حينما رفض الموفد الاميركي ديفيد شنكر أن يلتقي باسيل”.


يشير الزغبي إلى أنه “في خلفية كل هذه المواقف نرى ان المشهد الرئاسي المقبل هو الذي يضغط على وريث الرئيس عون، بمعنى أن حظوظه تدنت كثيرا وربما إنهارت كليا بعد السياسة الخرقاء التي مارسها على الاقل خلال الاربع سنوات الماضية، في إستدراج العداوات من الاطراف السياسية الاخرى وإقفال أبواب لبنان عن العالم العربي والعالم الاوسع بفعل السياسة الخارجية التي لم تكن تناسب مصلحة لبنان العليا”، لافتا إلى أنه “في الهجوم غير المباشر على الحريري يسعى إلى تغطية موقف رئيس التيار العوني، وأوحى أنه لا يؤجل الاستشارات ولكنه يحاول تبرئة ذمة وريثه من تأجيلها في المرة الاولى ويعرف مسبقا أنه سيتم التكليف لكنه يحذر على طريقته، من ان يذهب الرئيس الحريري إلى تسويات وإتفاقات قد تؤدي عمليا إلى استمرار الازمة على كل مستوياتها”.
ويختم: “الخطاب اليوم ينذر بأن عون وقد ألمح أنه لديه صلاحيات في التكليف والتأليف وكأنه يقول بأنه سيكون له مسؤولية مباشرة ودور مباشر في تشكيل الحكومة وكأنه سيرفض أي صيغة لا ترضي وريثه السياسي”.

السابق
بعد اتهام مناصريه باحراق قبضة الثورة.. «المستقبل» يوضح!
التالي
تنبيه من «الصحة» للمواطنين.. احذروا فحوص الـ PCR المزورة!