عصام خليفة لـ«جنوبية»: المفاوضات شاقة وموقف لبنان قوي.. رغم الأخطاء!

عصام خليفة
تتجه الانظار إلى يوم 14 تشرين الاول الحالي الاربعاء المقبل موعد إنطلاق المفاوضات اللبنانية- الاسرائيلية لترسيم الحدود البحرية بينهما في مقر قيادة القوات الدولية في الناقورة برعاية الامم المتحدة وبوساطة من الولايات المتحدة الاميركية، حيث ستجتمع وفود البلاد المشاركة الاربعة من دون أن يعرف إلى الان إذا كان التفاوض بين لبنان والجانب الاسرائيلي مباشرا أو بالواسطة أو شكل طاولة المفاوضات التي ستجلس عليها الوفود.

بعد أسبوعين على إعلان رئيس مجلس النواب نبيه بري عن إتفاق- الاطار لمفاوضات ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل، لا بد من قراءة التحضيرات اللبنانية ( القانونية والعلمية) لهذه المفاوضات والتي يصفها أستاذ التاريخ في الجامعة اللبنانية عصام خليفة لـ”جنوبية” بأنها “ستكون صعبة وعلينا التمسك بحقوقنا بالبر والبحر علما أن موقف لبنان قوي من الناحية القانونية والعلمية، ولكن علينا الانتظار لنر كيف ستدار المفاوضات وأعتقد أنها ستكون طويلة وشاقة  ولن تنتهي بسرعة “. 

ويستند خليفة في كلامه هذا إلى العديد من المعطيات، مبديا ملاحظاته على الجانب اللبناني على عدم إعتماده وثيقة رئيسية كان يجب أن تكون في أساس التفاوض مع اسرائيل، وهي وثيقة ترسيم الحدود بين لبنان وفلسطين في 10 آذار 1923 ووثيقة ترسيم الحدود بين 5 و15 كانون الأول 1949 بموادها ال 12، المرفقة بخريطة توضح خط الحدود الدولية والنقاط الحدودية، وإتكال الجانب اللبناني فقط على القرار 1701 الصادر عن مجلس الأمن في 11 آب 2006 في “الاتفاق – الإطار”.

يشدد خليفة على ضرورة استعمال وثيقة ترسيم الحدود بين لبنان وفلسطين في 10 آذار 1923 ووثيقة ترسيم الحدود بين 5 و15 كانون الأول 1949 بموادها ال 12 اساساً للتفاوض

وإعتبر أنه “يمكن إعتماده كمرجع ضروري لكن الخط الازرق ليس حدود لبنان الدولية والقرار 425 أقوى من القرار 1701، إذ يطالب إسرائيل بالإنسحاب إلى خط الحدود الدولية، ويمكن إعتماد ال 1701 في أساس التفاوض، لكن يجب أن تضاف إليه الوثائق التاريخية والمعاهدات الديبلوماسية والخرائط ذات الصلة، أما في الترسيم البحري فيجب أن نؤكّد أنّ مرجعيتنا هي الاتفاقية الدولية لقانون البحار”. 

ويُذكّر خليفة أن الخطأ الذي أوصل لبنان إلى الوضع الذي نحن فيه “هو خطأ وزارة الاشغال في لبنان بتوقيع إتفاق بيننا وبين قبرص عام 2007 ينص على تقاسم المنطقة الاقتصادية بين البلدين مناصفة وهذا إجحاف بحقّ لبنان، إذ أنّ قبرص جزيرة ولبنان برّ وبالتالي يحقّ لنا بأكثر من ذلك وقد إستدرك خبراء الجيش هذا الخطأ واستبدلوا النقطة واحد بالنقطة 23 جنوباً،  لكنّ إسرائيل إستفادت من الخطأ وأبرمت إتفاقاً مع قبرص، لكن في  الإتفاق اللبناني القبرصي هناك مادة تقول إنّه اذا كان أي طرف يريد أن يوقّع اتفاقاً مع طرف ثالث عليه أن يسأل الطرف الآخر، وهذا ما لم يحصل إذ أن قبرص أبرمت اتفاقاً مع إسرائيل ولم تُعلم لبنان.

إقرأ أيضاً: الجنوب يحترق و«الثنائي» يتفرج..وخمسة صهاريج للمهربين وواحد «رشوة» للدولة!

واسرائيل تقول اليوم إنّ النقطة رقم 1 هي ما اتفق عليه بين لبنان وقبرص، فالخلاف هو بين النقطة واحد والنقطة 23، وهذه المساحة تطالب بها إسرائيل”.

لبنان مغبون!

ويشرح أنه “بعد هذا الخلاف تدخل الجانب الاميركي مقترحين تقسيم منطقة النزاع إلى قسمين وهو ما يعرف بخط (فردريك هوف) واقترحوا إستثمار هذه المساحة وتوزيع أرباحها على الجانبين لكنّ لبنان رفض”، معتبرا أنه “حتى إعتماد النقطة 23 فيه غبن للبنان، إذ للبنان ما يزيد عن الألف كلم2 إضافية وراءها، بحسب الاتفاقية الدولية للبحار، والمساحة المعطاة لنا هي نحو 17500 كلم2، بينما يجب أن تكون 23632 كلم2، إذ أنّ طول ساحلنا 169 كلم، وطول ساحل إسرائيل 149 كلم، وقد أعطيت إسرائيل 27 ألف كلم2، في وقت نحن شاطئنا أطول من شاطئها، فكيف حصل ذلك؟ “.

بعد كل ما تقدم يمكن القول أن لبنان قادم على صراع مع إسرائيل من نوع آخر، يستخدم فيه الصبر والحنكة والادلة القانونية والعملية، وهذا ما يوافق عليه خليفة  قائلا :”سلاحنا الأكيد أنّه قوّة جيشنا وشعبنا، لكن هناك قوّة ثانية هي العلم، أي الوثائق التاريخية، لكني أسأل أين شبعا في إطار التفاوض؟ ما هو موقعها ومصيرها؟ هل هي من الجولان أو من لبنان؟ هذا سؤال مهم وأنا نظريتي كأستاذ تاريخ أنّ مزارع شبعا جزء من حاصبيا لا من الجولان”.

اتفاق نانت يؤكد لبنانية المزارع

ويشدد على أن  “مزارع شبعا وقرية النخيلة هي داخل الأراضي اللبنانية منذ قيام لبنان الكبير، وقد حصل على وثائق من NANTES نانت الفرنسية تبرهن أنها جزء من لبنان، كما أبرز اتفاقا بين لبنان وسوريا سنة 1946 موقّع من قاض عقاري سوري اسمه عدنان الخطيب، وقاض عقاري لبناني اسمه رفيق الغزاوي، وهناك اتفاق ترسيم حدود في شبعا بيننا وبين سوريا”.

وسأل ” لماذا لا يبرزونه؟ بينما يستمرون في طرح السؤال عمّا إذا كانت مزارع شبعا سورية أو لبنانية وينتظرون ورقة من سوريا؟”، ويذكر بأن “مصر  فازت بمنطقة طابا بعد أن  أبرز الدكتور في جامعة القاهرة لبيب يونان خريطة تؤكد مصرية طابا، فربحت مصر الصراع مع اسرائيل حولها”.

ويشير خليفة إلى أنه يستند في ملاحظاته إلى العديد من الوثائق التاريخية “لاسيّما المادة الخامسة من اتفاقية الهدنة، ووثيقة ترسيم الحدود بين 5 و15 كانون الأول 1949″، لافتا إلى أن “تعريف الحدود اللبنانية قد حصل في 31 آب عام 1920، أمّا عملية التحديد فحصلت في 23 كانون الأول 1920، وفي أول حزيران 1921 اجتمعت لجنة ترسيم الحدود وبدأت عملها برئاسة Paulet عن فرنسا وNew combعن بريطانيا، وفي 3 شباط 1922 وقّع المسؤولان الفرنسي والانجليزي اتفاق ترسيم الحدود، وفي 7 آب 1923 ابرمت الاتفاقية وأصبح هذا الترسيم معمولاً به ابتداء من 10 آذار 1923، أما عملية التثبيت فتمّت في 4 شباط 1924 حيث أودع محضر هذا الترسيم الى عصبة الأمم فأقر، وهكذا أصبحت الحدود دولية”.

ما يتعلق للمنطقة الاقتصادية البحرية طبق لبنان مندرجات الاتفاقية الدولية لقانون البحار التي وقّع عليها لبنان بينما إسرائيل لم توقّع

ويضيف: “في 29 أيلول 1947 أخذت الأمم المتحدة القرار 181 القاضي بحل الدولتين في فلسطين، وبعد الحرب العربية الإسرائيلية عام 1948 تم التوقيع، في 23 آذار 1949، على اتفاقية الهدنة بين لبنان وإسرائيل، وقد نصّت المادة الخامسة من الاتفاقية على ما يلي: “يجب ان يتبع خط الهدنة الدائمة الحدود الدولية بين لبنان وفلسطين”.

وأشار إلى أنه “بعد ذلك قامت لجنة الهدنة اللبنانية – الإسرائيلية، وبإشراف الأمم المتحدة، بعملية مسح جديدة للحدود بين 5 و15 كانون الأول 1949 وتمّ وضع تقرير من 12 مادة، ثمّ في حرب حزيران ،1967 بدأت إسرائيل باحتلال النخيلة ومزارع شبعا على مراحل، وحاولت أن تعلق العمل باتفاقية الهدنة معتبرة إياها ساقطة لكنّ الدولة اللبنانية والأمم المتحدة أكدتا التمسك بها”.ويشرح أنه “في العام 1978 اجتاحت إسرائيل جنوب لبنان (عملية الليطاني) وقد صدر عن مجلس الأمن القرار 425 والقرار 426 حيث يجب الانسحاب الى الحدود المعترف بها دولياً.، وكذلك قامت إسرائيل باجتياح آخر عام 1982، وفي 24 أيار 2000 انسحبت من جنوب لبنان، وقد وافقت الحكومة اللبنانية على الخط الأزرق كخط انسحاب مع بعض التحفظات، وقد استعاد لبنان 17.751.600 م2 كانت أراضٍ مقتطعة من قبل إسرائيل”.

ويرى خليفة أن المقارنة “بين الخط الأزرق وخط بوله – نيوكومب نلاحظ وجود تباين في 13 نقطة، بينما مجموع مساحة الأراضي المتحفظ عليها بين لبنان وإسرائيل 485487م2. وإضافة إلى هذه النقاط الثلاثة عشر هناك مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وقرية النخيلة وقرية الغجر وهي بموازاة الحدود اللبنانية مع الأراضي السورية المحتلة من قبل إسرائيل”.

ويختم:” في ما يتعلق للمنطقة الاقتصادية البحرية فقد قام لبنان بتطبيق مندرجات الاتفاقية الدولية لقانون البحار التي وقّع عليها لبنان بموجب القانون رقم 295 تاريخ 22/2/1994، بينما إسرائيل لم توقّع على هذه الاتفاقية الدولية. وتعتدي إسرائيل على المنطقة الاقتصادية اللبنانية وتطالب بمساحة 860 كلم2″. 

السابق
إنحباس متوقع للإمطار..والكتل الحارة تنحسر غداً!
التالي
بين صراع المفاوضات و«تدوير زوايا» الحدود!