هل قطع بري على نصرالله طريق القدس؟!

نبيه بري وبومبيو

وتأكدت معلومات الصحيفة الإسرائيلية Jerusalem post والتي نشرت الأسبوع الماضي خبراً مفاده انطلاق مفاوضات لترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل ترعاها الولايات المتحدة الأمريكية وتشرف عليها منظمة الأمم المتحدة عبر قوات اليونيفل الدولية المنتشرة في الجنوب اللبناني على الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة وفي عمق الأراضي اللبنانية في منطقة ما كان يُعرف بالحزام الأمني الإسرائيلي قبل تحرير عام 2000، وقد أضافت الصحيفة الإسرائيلية – فيما نشرته الأسبوع الماضي – أن مركز التفاوض بين الطرفين سيكون في نقطة الناقورة الحدودية، ولم تُكذِّب بذلك خبراً.. ولكن ما لم تعلن عنه الصحيفة هو كون المفاوضات ستنطلق بمباركة من رئيس مجلس النواب اللبناني الرئيس نبيه بري الذي سيكون عرَّاب أي اتفاق حدودي بين الطرفين ، وما لم تعلنه الصحيفة – أيضاً – هو كون ممثل لبنان في المفاوضات سيكون الجيش اللبناني عبر قائد الجيش ، وأن المفاوضات ستجري على ترسيم الحدود البحرية والبرية معاً بعدما كان الطرفان اللبناني والإسرائيلي متنازعين على ذلك فكانت إسرائيل تماطل في إدخال الحدود البحرية ضمن سلة التفاوض لتُبقي على استثمارها للغاز الطبيعي من جزء كبير من البلوكين 8 و 9 عند الحدود البحرية اللبنانية الفلسطينية..

اقرأ أيضاً: لبنان وإسرائيل.. أقل من إتفاق وأكثر من معاهدة!

جدار المقاطعة

وهنا سؤال يطرح نفسه، وهو هل ستنتهي المفاوضات بما يشتهي الطرف اللبناني؟ أم ستبقى إسرائيل مُتَفرِّدة في استثمار الغاز الطبيعي في جزء كبير من البلوكين 8 و9 الحدودين مع كيانها في المنطقة البحرية التي يرى الجانب اللبناني أنهما بكاملهما حق للدولة اللبنانية؟ ويتساءل المراقبون عن جدية إسرائيل في قبولها التفاوض، وأنها هل تريد التفاوض فعلاً أم تريد خرق جدار المقاطعة شِبْه الدبلوماسية بينها وبين الطرف اللبناني لتفتح الباب في المستقبل لمزيد من اللقاءات والمفاوضات والاتفاقات الدبلوماسية وغير الدبلوماسية وشبه الدبلوماسية بين الجانبين تمهيداً لقطع الطريق على قوى المقاومة ومن وراءها؟ واستفهم محللون في كون انطلاق مفاوضات ما سُمِّي بمفاوضات” الإطار “هل سيكون اتفاق 17 أيار جديد بين لبنان وكيان العدو ليعود بعقارب الساعة إلى حقبة الرئيس الراحل كامل بيك الأسعد ولكن بعباءة خصمه السياسي التاريخي هذه المرة؟ كما رأى مراقبون بأن أي اتفاقات حول خلافات على طول الحدود بين لبنان والكيان الغاصب، ومهما كان نوعها أو حجمها أو طبيعتها هذه الاتفاقات ستقطع – بوجه من الوجوه الوجيهة – الطريق على قوى المقاومة وتوقف طموحها بتحرير ما تبقى من أراضٍ  لبنانية محتلة عند الحدود بقوة السلاح دون اتفاقات دبلوماسية تطبيعية وشبه دبلوماسية على غرار ما سيجري في نقطة الناقورة الحدودية.. وأن هكذا اتفاقات هي بوابة طبيعية للتطبيع بالمنطق والعقل عاجلاً أم آجلاً..

هكذا اتفاقات هي بوابة طبيعية للتطبيع بالمنطق والعقل عاجلاً أم آجلاً..

خطوة الرئيس برّي

كما قيَّم آخرون خطوة الرئيس نبيه بري برعاية هذه المفاوضات بأنها ستؤدي – عاجلاً أم آجلاً – إلى اتفاقات أخرى مباشرة أو بغير مباشرة بين الجانبين ستطال الأمن والاقتصاد والتاريخ والجغرافيا والثقافة والتربية والأيديولوجية السياسية والدينية بالجملة حتماً وليس بالمفرَّق، وكل ذلك من بوابة ترسيم الحدود البحرية والبرية، كما قيَّم جمع آخر من المراقبين بأن خطوة الرئيس بري ستقطع على حزب الله وأمينه العام ومن وراءهم ستقطع عليهم طريق مشروعهم بتحرير الجليل في فلسطين المحتلة فضلاً عن الأراضي اللبنانية الحدودية التي ما زالت إسرائيل تشغلها لدواعٍ أمنية كمرتفعات تلال كفرشوبا وقرية الغجر ومزارع شبعا الإستراتيجية، وكل هذا إن لم نقُل إن خطوة الرئيس بري ستقطع الطريق على مشروع تحرير القدس من لبنان في مرحلة لاحقة مما يتعارض مع أيديولوجية مؤسس المقاومة اللبنانية القائد المغيب السيد موسى الصدر هذا القائد الذي لولا ارتداء المحامي نبيه بري لعباءته لما أصبح الرئيس نبيه بري حالياً!  

اقرأ أيضاً: «التطبيع الحدودي» يُوتّر جنوباً.. و«كورونا» يعزل قرى بـ«الجملة»!

والسؤال الكبير الذي يتوقف الجميع عنده أمام مفاوضات الإطار الحدودية هو هل قطع الرئيس نبيه بري على السيد حسن نصر الله برعايته لمفاوضات الإطار الحدودية بين لبنان والدولة العبرية، هل قطع بذلك عليه طريق تحرير القدس من لبنان رغم كل ما ساقه الطرف اللبناني من حسنات ستطال لبنان من أي اتفاق سينجم عن هذه المفاوضات المرتقبة والتي قد تطول دون نتيجة؟ لتبقى إسرائيل حينها وحدها المستفيدة من التفاوض بمسمياته الملغومة كونها ستتمكن بهذا التفاوض من خرق جدار شبه الدبوماسية مقدمة لخروقات أخرى تُشم من ورائها رائحة تطبيعٍ ما مع الجانب اللبناني وعلى عينك يا مقاومة! والغريب أن إعلام حزب الله عبر قناة المنار وغيرها بالأمس يُصوِّر ما يجري في هذا الملف بنصر جديد للمقاومة وقوى المقاومة! والأغرب هو اعتبار قاعدة مؤسس المقاومة اللبنانية القائد المغيب السيد موسى الصدر ذلك فوزاً عظيماً لحامل الأمانة من صاحب الأمانة! والأشد غرابة هو استثمار الحديث عن مفاوضات الإطار سياسياً في وسائل الإعلام – خصوصاً الإعلام المقاوم – ونحن لا ندري بعد كيف ستنتهي هذه المفاوضات؟! ولصالح من؟! وماذا سيجني منها اللبنانيون في النهاية؟!                                     

السابق
5 علامات تشير إلى الإصابة بمرض سرطان الجلد!
التالي
هدر كبير بالإحتياطي المتبقي لـ«المركزي»: انفاق 2.2 مليار دولار في أسبوعين.. أين ذهبت؟