نصر الله يَتَنَكَّر للمرجعية ليمارس التقية!

الخميني
إن العمل بالتقية هو من الأحكام الشرعية التكليفية المقررة في الشريعة الإسلامية ، وهو قد يكون واجباً في بعض الحالات ، وحراماً في أخرى ، ومباحاً في ثالثة ..

وقد وردت الإشارة لحكم التقية في آية 28 و29 من قوله تعالى في سورة آل عمران: “لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء إلا أن تتقوا منهم تُقاة ويحذركم الله نفسه وإلى الله المصير، إن تخفوا ما في صدوركم أو تبدوه يعلمه الله ويعلم ما في السموات وما في الأرض والله على كل شيء قدير”.

اقرأ أيضاً: ما لم يقله السيد!

تقية الخميني ونصرالله

 وشرح ذلك يطول في تفاسير علماء وفقهاء المسلمين، وقد شُرِّعت التقية في قصة الصحابي الشهيد عمار بن ياسر لما نطق بكلمة الكفر بداية مكرهاً فنزل فيه قوله تعالى: “إلا من أُكره وقلبه مطمئن بالإيمان”، فأمره النبي صلى الله عليه وآله على أثر ذلك بالعمل بالتقية وقال له: “إن عادوا فعُدْ”.

 وارتفع العمل بالتقية بعد فتح مكة، ليعود العمل بها بعد مقتل الإمام الحسين عليه السلام وأوصى بها جميع أئمة أهل البيت عليهم السلام بعد مقتل سيد الشهداء عليه السلام، فورد عن الإمام الصادق عليه السلام قوله : ” التقية ديني ودين آبائي ” ، وقال : ” لا دين لمن لا تقية له ” ، بمعنى أن العمل بالتقية في موارد وجوبها هو من الدين وتاركها لا فقه له ، فلا دين له بمعنى لا فقه في الدين لديه.

 وفي زماننا رفع مؤسس الجمهورية الإسلامية في إيران المرجع الراحل السيد روح الله الموسوي الخميني رفع العمل بالتقية لأنصاره ومقلديه بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران حين قال بعد انتصار الثورة في إحدى خطبه: “لا تقية بعد اليوم”، وذلك في إطار سياسته الإستراتيجية لتصدير الثورة إلى دول العالم وبالخصوص دول الجوار في منطقة الشرق الأدنى ..

وهنا بيت القصيد في خطاب نصر الله بالأمس، فهو يتنكر لمرجعيته الفقهية والسياسية عندما يُصر على دعوى أن قرارات حزب الله في لبنان لا تتدخل فيها هذه المرجعية بتاتاً

ولكن الذي يبدو في لبنان أن أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله لم يَعُد يمشي على خطى الخمينية في كثير من الملفات ، ومنها من باب المثال مسألة المشاركة في النظام اللبناني الذي كان يعتبره الخميني غير شرعي ومجرم، فدخل نصر الله في النظام اللبناني من الباب العريض بعد رحيل الخميني مما أحدث خلافاً كبيراً بينه وبين بعض قيادات الحزب، فانشق الأمين العام الأسبق الشيخ صبحي الطفيلي على أثر ذلك، وساعد انشقاقه على تجميد مجموعة من القيادات في الحزب المؤيدة لفكره من علماء وغير علماء ، بعضهم عاد وتصالح مع قيادة الحزب الحالية حرصاً على مصالحه كالراحل الشيخ حسين كوراني ، وبعضهم آثر اعتزال السياسة والعمل السياسي وزَهِد في الدنيا كالشيخ زهير كنج ، وبعضهم اختار الانصراف لإحياء الشعائر الحسينية كمؤسسي وبعض كوادر حسينية أبو طالب الذين كانوا من كوادر الحزب العاملين تحت لواء الشيخ صبحي الطفيلي ، وكان لهم دورهم في حرب ضاحية بيروت الجنوبية وإقليم التفاح الدموية والتي وقعت بين حزب الله وحركة أمل سنة 1988 ..

هل قرارات حزب الله مستقلة؟

ويتجلى ابتعاد نصر الله عن الخمينية بالأمس في خطابه الذي استهله بالتعزية بأمير الكويت ، ومن ثم دفع اتهامات بنيامين نتنياهو حول تخزين السلاح قرب منشآت الغاز الطبيعي في منطقة الأوزاعي، فالكلام حول ملفات عديدة ترتبط بالحدود الجنوبية ، وتشكيل الحكومة، والمبادرة الفرنسية الإصلاحية ، وتبرير موقف الحزب الأخير تجاه المبادرة وسائر الملفات اللبنانية التي قطع فيها نصر الله بضرس قاطع أن حزب الله يأخذ قراراته في هذه الملفات مستقلاً عن مرجعيته الفقهية والسياسية المتمثلة بالولي الفقيه القائد السيد علي الحسيني الخامنئي والقيادة العسكرية والسياسية والأمنية الإيرانية!

اقرأ أيضاً: «حزب الله» على «إستعلائه»..لكن الظروف تغيّرت!

وهنا بيت القصيد في خطاب نصر الله بالأمس ، فهو يتنكر لمرجعيته الفقهية والسياسية عندما يُصر على دعوى أن قرارات حزب الله في لبنان لا تتدخل فيها هذه المرجعية بتاتاً، وكأن هذه المرجعية هي جمعية خيرية تُقدم المساعدات بهذا الحجم لحزب الله دون مقابل، وكأن دعم هذه المرجعية للحزب وقيادته وعناصره هو صدقات وحصص تموينية فحسب، وليس ما يعلمه القاصي والداني ويصرح به نصر الله نفسه في أكثر خطاباته. فهل يعمد نصر الله للعمل بالتقية في كلامه هذا خلافاً لنهج الخمينية كما هو حاله في ملفات أخرى؟!

السابق
ما لم يقله السيد!
التالي
«لم يربح لا جولة ولا حرب».. سليمان: «حزب الله» فشل في خداع أديب!