وزارة المالية ليست إلا عنواناً للائحة شروط طويلة!

وزارة المالية اللبنانية
الحلحلة الفارغة وتلك المواجهة الصوتية والإدعاءات باتت تطغى على المشهد السياسي في وقت الوطن ينهار والمواطن تائه حيران يبحث عن من ينقذه من مصائب ومصاعب أضنته و أدت إلى تدهور حياته بشكل عام.

مجاعة سياسية، بلادة فكرية، مغامرات صبيانية، ضغوط دولية، صراعات إقليمية وأخرى قايينية هابيلية دفعت بأكثر من نصف سكان لبنان إلى ما دون خط الفقر، الكلام عن حكومة المهمة وتأليفها فاق الخيال، البعض يتحدث عن حلحلة يضطلع بها حلفاء المطالبين بالحقيبة من جهابذة التضحية المزيفة يعرضون عليهم فيها توليفة تفضي بتوليهم بالنيابة عنهم الإختيار.

في المقابل صحف أخبار المتناحرين على الحقائب، ومنارات التلفزة التابعة لهم وميادين نضالهم تجهد لأجل تصوير التمسك بالوزارة على أنه ميثاقي، ونوع من انواع المواجهة و وجه من أوجه الرد على العقوبات الجائرة المجحفة بحق شركاء اوفياء وأفراد أنقياء، يصورن للناس بأن هنالك مسعى جدي لصاحبة المبادرة تسعى من خلاله إلى ثني الولايات المعتدية عن إصدار المزيد منها بحق الشرفاء، وبأن العقوبات مهما علا شأنها لن تكون أكثر من نيشان عز وافتخار يعلق على صدور هؤلاء الابطال.

إن ما يبوح به الساسة من فضائح لا يمكن له أن يكون إلا إخبار، تتحرك بموجبه النيابات العامة والمحاكم والقضاء، ببساطة لأن المسؤول عنه ليس إلا هؤلاء المتورطين المقصرين المستهترين الساكتين المساهمين والمتسببين في إنهيار البلد وتدحرجه إلى سعير جهنم وإنزلاقه نحو الهاوية إلى لظى سقر.

ما يبوح به الساسة من فضائح هو إخبار تتحرك بموجبه النيابات العامة والمحاكم

بين بعبدا وحارة حريك إعلان ورسائل فحواها أن التمسك بوزارة المالية قرار لا عودة عنه ولا داعي لأن يراجعهم به أحد، لكن العجيب الغير مستغرب يكمن في إصرار الحزب والحركة وبتناغم على إتهام نادي رؤوساء الحكومة بالعرقلة والإستقواء بالخارج، وبأن مهمتهم الأساس هي إرغام حزب الله وحلفاءه على القبول بالمبادرة والرضوخ لها من دون أية شروط،.

“الثنائي” يتحاشى الصدام مع بكركي

والحق إن ما يقوم به الثنائي حتى وإن صح إتهامهم للرؤساء الأربعة الذين دعوهم في وقت سابق إلى تسمية المُكلف بإصرار، الغاية منه تحاشي الصدام مع الطرف المسيحي المتمثل برأس الكنيسة أي البطريرك، الذي شن هجوماً عنيفاً عليهم بداية بالحياد، ومن ثم وفي عظة الأحد الأخيرة أدانهم حين وصفهم بالمتعنتين الذين يطالبون بوزارة وكأنها ملك لهم أو لآباءهم يتناقلونها بينهم كالميراث، ليخاطب بعد ذلك السيد أديب ويقول له بأنه معه ويدعوه إلى أن لا يتأثر بما يدعيه البعض، يسأله أن يقوم بما يمليه عليه ضميره الوطني، يحثه على المُضي قدماً بالمسار الدستوري متسلحاً بالنص القانوني للبلاد، يُحرضه على أن يُقدم تشكيلته وليذهب الجميع إلى مجلس النواب.

نيافته في ذات العظة بعث برسائل مبطنة إلى الرئاسة الأولى وإلى من يعنيهم الأمر وفيها أن مسيحيو الشرق ليسوا أهل ذمة عليهم دوماً أن يدفعوا الجزية لحزب مسلح او تيار مقابل حصولهم على الحماية وإعفائهم من مهمة محاربة ظاهرة التطرف التي تعم الشرق وتهدد وجودهم بالإندثار.

في ظل إستراتيجية العزل الخرقاء والتقوقع الصماء يوازن العدو بين المواجهة والنمو، هو يعقد اتفاقات مع المحيط ويقوي إقتصاده بشكل سريع، إتهام بعض الدول بالخيانة مردود على أصحابه طالما هو أتى ممن أساء معامتلهم وأستباح أرضهم وشارك اعدائهم في زعزعة استقرارهم، فيما إسرائيل العدوة كانت ومازالت وعلى الرغم من إعتداءها المتكرر والمستمر بمنأى عن نار بنادقهم ورعد صواريخهم و الردع المتبقي لها مقتصرٌ على ما يقولون أنه توازن في كفتي ميزان.

إقرأ أيضاً: إعتذار أديب والسيناريو الأسود في ظل الاصلاح المستحيل!

مهمتهم في الدول العرببة لم تكن في سبيل إرساء ديمقراطية تفتقدها بالأصل جمهورياتهم ودويلاتهم وحتى أحزابهم، هي يقيناً كانت لأجل تحقيق سيطرة تقوي مصالحهم وبشكل غير مباشر مصالح خصومهم وأعداءهم وتمتن وتدعم مواقفهم في التفاوض والتحالف والإختلاف.

كل هذا الإتهام في السياسة ضعيف، وعند الناس الأمر للأسف بات له أكثر من تبرير، نتيجة الحرب بالنسبة إليهم باتت معروفة لكن حاصل السلام مازال مجهول، وعليه فالحرب والسلام هنا وإلى الآن لا يستويان. والسؤال الذي سيتبادر سريعاً إلى الأذهان سيدور حول ما سيكون عليه موقف المعترضين على الإتفاق إذا ما قدم للقضية أكثر ولو بقليل مما قدمته الحرب من موت للمتقاتلين سريع وللشعوب بطيء؟

العالم بحاجة إلى إستعادة قيم الإنسانية الحقة حيث يفتقدها الانسان بالكامل

وهل سينقلب الرفض إلى تأييد إذا ما أدى سيناريو التطبيع إلى إطلاق المسجونين والمعتقلين وتحققت معه المبادرة العربية وإن بالمقلوب فكان السلام مقابل الأرض واقع ملموس؟ ماذا سيكون موقفهم إذا ما عاد الناس إلى نشيد الحياة وإلى الحلم بمستقبل مزدهر تتساوى فيه الفرص بين من كانوا لعهود متخاصمين ومتعادين؟.

عندما يصبح الخشب أغلى من الشجر والموت أغلى من الحياة نكون أمام معضلة فكرية تحتاج إلى هو أبعد وأعمق من ابرام تسوية أو إتفاق، نحن بتنا في هذا العالم بحاجة إلى إستعادة قيم الإنسانية الحقة التي على ما هو ظاهر فقدها بالكامل الإنسان.

السابق
إعتذار أديب والسيناريو الأسود في ظل الاصلاح المستحيل!
التالي
عون قَبِل اعتذار أديب..ويدعم مبادرة ماكرون!