المبادرة الفرنسية مستمرة في «فكفكة العقد» بعيدا من السجالات الداخلية!

فرنسا

ليس عاديا أن يسمع اللبنانيون من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون(رأس السلطة الدستورية) اليوم عبارة “إذا لم تُشكل حكومة رايحين على جهنم”، فعلى الرغم من فجاجته و “كاركتيريته” ووقعه الساخر والسلبي في آن، إلا انه يعكس وضوحاً في توصيف العقبات التي تحاصر المبادرة الفرنسية التي نصت على تشكيل حكومة تكون الباب للخروج من نفق الازمة التي يتخبط فيها لبنان، سبقها كلام لا يقل وضوحا يوم أمس الاحد من رأس الكنيسة المارونية، هو البطريرك الماروني ما بشارة بطرس الراعي الذي تدرج في مواقفه منذ نحو شهرين إلى الآن في الاشارة إلى الجهة التي تتحمل المسؤولية الأكبر في ما وصلت إليه البلاد، مطالبا إياها وجميع القوى السياسية تبني مبدأ الحياد، إلى أن بات أكثر صراحة عندما سأل يوم أمس “بأيّ صفة تُطالب طائفة بوزارة معيّنة كأنها لها ‏وتعطل البلد كي تحصل على مبتغاها وتتسبّب بأضرار إقتصاديّة ومعيشيّة”، مشددا على “لسنا ‏مستعدّين لإعادة النظر في وجودنا كلّما أردنا تأليف حكومة ولا لتقديم تنازلات وأيّ تعديل للنظام ‏في ظلّ السلاح المتفلّت؟ وهذا يتمّ بعد تثبيت حياد لبنان”، واستهجن”أي عمل دستوري يجيز إحتكار حقيبة معينة؟”، مؤكدا أننا “نرفض إحتكارها ‏ورفضنا ليس ضد طائفة معينة وذلك يهدف لتثبيت هيمنة فئة على الدولة”.‏

اقرأ أيضاً: تمديد المهلة الفرنسية ليوم غد.. وثلاثة خيارات يطرحها «الثنائي الشيعي»!

كل ما سبق يعني أن أزمة تشكيل الحكومة عالقة في عنق الزجاجة وأن كل الاطراف الداخلية باتت أسيرة مواقفها، ولا تجد سبيلا لحرف الانظار عما يحصل سوى إفتعال مزيد من السجالات الممجوجة عن الفساد والمسؤوليات “التي لا تسمن اللبنانيين ولا تغنيهم عن جوع”، والدليل هو السجال الدائر على مواقع التواصل الاجتماعي بين الوزير السابق علي حسن خليل والنائب زياد أسود، في حين أن رئيس الجمهورية حدد في مؤتمره الصحافي موقفه الرافض لما يطالب به “حليفه وحليف حليفه” لجهة الحصول على حقيبة المالية وتسمية الوزراء الشيعة في حكومة الرئيس مصطفى أديب، وبالتالي كل هذا المشهد يعني أمرين لا ثالث لهما، الاول أن الامور تسير وفقا لمقولة “إشتدي يا أزمة تنفرجي” بمعنى أن هذا الوضوح في المواقف بين الحلفاء والخصوم يضع الجميع أمام مسؤولياتهم للتفتيش عن حل في الربع الساعة الاخير في البازار الحكومي الدائر، أو الإستمرار في حال “المراوحة” التي توصل إلى جهنم كما قال الرئيس عون .

العقدة في مكان آخر

لا تقلل المصادر الدبلوماسية من أهمية المواقف التي أدلى بها كل من الراعي وعون من المبادرة، لكنها توضح ل”جنوبية” بأن “العقدة في مكان آخر ويعمل الفرنسيون على حلها، وهي نتيجة الكباش الحاصل بين الولايات المتحدة وإيران في المنطقة، لأن المبادرة لم تقم بالاساس على إتفاق واضح بين الامريكيين والايرانيين عليها ولم تكللها مباركة روسية وتركية كونهم لاعبين أساسيين في المنطقة، بل أتت نتيجة غض طرف عنها من الجميع علها توصل إلى الهدف المنشود، ولهذا تعثرت عند أول عقبة”.

تضيف المصادر:”الفرنسيون مصرون على الوصول إلى نتيجة في الملف اللبناني لأسباب عدة، أولها أنهم لا يريدون أن يسجلوا على أنفسهم الفشل في حل أزمة بلد هو صديق لهم ولطالما كانوا أحد أهم رعاته في المحافل الدولية، وثانيها أنهم حريصون على تأليف حكومة يدعمها كل الافرقاء اللبنانيين، هذا ما قاله الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال زيارته إلى لبنان وهم لا يزالون مقتنعين أنه الحل الامثل، وهذا عنصر يمكن أن يضيف مرونه ما أو يحدث ثغرة في جدار الازمة الحاصلة، لأن الفرنسيين برغماتيين ويهمهم الحصول على نتائج عملية”.
ترجح المصادر أن”تصل المبادرة الفرنسية إلى خواتيمها أي تشكيل حكومة مدعومة من الجميع من دون تصادم مع الثنائي الشيعي لأن ذلك يؤدي إلى تعطيل المبادرة، وما تريده فرنسا هو تحقيق هدفهم وإن كان ليس بالشكل المثالي الذي يطمحون إليه ولا بأس بالنسبة إليهم من تحقيق الحد المطلوب من الاصلاح لوقف للإنهيار”.

تختم المصادر:”يتكل الفرنسيون في تحركهم على أن الافرقاء اللبنانيين يظهرون حسن نية أو إرادة من أجل الخروج من المأزق وتمسكهم بالمبادرة (بغض النظر عما إذا كان هذا الامر صحيحا أم لا)، لكن الفرنسيون سيستثمرون هذا التأييد لإنقاذ لبنان من “جهنم” التي تنتظره إذا فشلت المبادرة”.

وليد غياض المسؤول الاعلامي لبكركي
وليد غياض المسؤول الاعلامي لبكركي

موقف عون والراعي مساند للمبادرة

داخليا، يأمل زوار بعبدا أن “يشكل موقف كل من الرئيس عون والبطريرك الراعي دفعا لسير كافة الافرقاء بالمبادرة الفرنسية كما هي، ويسكت الزوار عن الكلام المباح على إعتبار أن “كلام رئيس الجمهورية أوضح من الشمس” على حد تعبيرهم ل”جنوبية” .

غياض لـ”جنوبية”: كلام الراعي ليس ضد الشيعة انما لعيش الشراكة الوطنية 

أما لجهة بكركي فيقول المسؤول الاعلامي في البطريركية المحامي وليد غياض ل”جنوبية” “نأمل أن يشكل كلام غبطة البطريرك والرئيس عون دفعا نحو الخروج من المأزق الحكومي فكلام الرئيس عون جاء في السياق عينه لكلام سيد بكركي، وأعتقد أنه آن اوان المصارحة الوطنية ومن يخفي علته يموت بها”.
يشدد غياض على أن “كلام غبطته وطني وبناء ويهدف الى وضع الاصبع على الجرح، لا يتوجه ضد الطائفة الشيعية الكريمة انما يهدف عيش الشراكة الوطنية الحقيقية التي يتميز بها لبنان، هو عودة الى روح الميثاق الوطني والى الدستور الذي يحمي الجميع”.

النائب علي خريس

عين التينة: متمسكون بالحقيبة

على ضفة عين التينة، الامور لا تزال على حالها لجهة التمسك بالمبادرة الفرنسية من جهة وبحق الطائفة الشيعية الميثاقي بوزارة المالية من جهة أخرى، وفي هذا الاطار يقول عضو كتلة التنمية والتحرير النائب علي خريس ل”جنوبية”:”المبادرة الفرنسية لا تزال سارية المفعول والجانب الفرنسي لم يدخل في تفاصيل تشكيل الحكومة لجهة توزيع الحقائب بين الطوائف، فمن يقوم بذلك هم الاطراف الداخليين، وهذا يعني أن العقبات داخلية وليست خارجية”.
ويضيف:”لا شك أن الاختلاف الحاصل حول حقيبة المالية يؤثر سلبا في المبادرة الفرنسية، و نحن نأسف لما ورد في كلام غبطة البطريرك وكنا نتمنى أن يلعب دورا جامعا بين اللبنانيين وتثبيت الوحدة الوطنية، لأن الثنائي يعتبر نفسه مكون أساسي من مكونات هذا الوطن ودفع غاليا من أجل تحرير البلد من أعتى عدو في المنطقة، وبالتالي هذه الطريقة من التخاطب لا تؤدي إلى نتائج إيجابية بل إلى مزيد من التفرقة والتشنج الداخلي نحن بغنى عنه”.

خريس لـ«جنوبية»: متمسكون ب “المالية”.. وليكن دور الراعي  جامعا 

ويختم: “بكل وضوح في ما يتعلق بوزارة المالية نحن متمسكون بها ولن نتراجع ونتمنى على الاخرين الاستجابة لهذا الامر ولا يقفوا عنده إطلاقا، لأن الامر لا يتعلق بحقيبة بالزايد أو بالناقص وسبق لنا أن تخلينا عن حقيبة وزارية من أجل تشكيل حكومة، بل نحن مع تثبيت الوحدة الوطنية وحماية السلم الاهلي ولا يجب ان يضعونا في خانة أن الثنائي هو من يعطل تشكيل الحكومة، بل العكس تماما هم من يعطلون ويقفون عقبة أمام تشكيل الحكومة المرجوة”.

السابق
عون يذهل اللبنانيين ويفاجئهم: «رايحين ع جهنم».. فتشتعل مواقع التواصل!
التالي
سمير غانم يضحك من شائعة وفاته.. «لسه مفقدوتش الأمل»!!