ماكرون لن يترك لبنان.. لهذه الأسباب

ايمانويل ماكرون

في وقت يعمل الثنائي الشيعي جاهدا على الاطاحة بالمبادرة الفرنسية واعاقة تشكيل الحكومة عبر فرض الشروط واختلاق بدع دستورية عبر “تشييع” وزارة المال والاصرار على تسمية الوزراء الشيعة، تردد يوم أمس أن الرئيس المكلف مصطفى أديب وبعد ان وصل الى طريق مسدود سيقدم كتاب اعتذاره لرئيس الجمهورية ميشال عون، قبل أن يرجئ هذه الخطوة بعد اتصالات فرنسية وخارجية دفعته للتأني واتاحة المزيد من الوقت للاستشارات الحكومية.

وكتب الآن سركيس في “نداء الوطن” يبدو أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إتخذ القرار الحاسم والحازم بعدم ترك لبنان ساحة للصراعات الإقليمية والدولية ودفعه إلى المجهول حتى لو فشل مسعى تأليف حكومة جديدة.

ومن منظار الإليزيه، فإن علاقات لبنان وفرنسا ليست مرحلية، وهي لا تتعامل مع البلد من مدخل الطبقة السياسية.

اقرأ أيضاً: أديب أبقى كتاب الإستقالة بسيارته.. ماذا حصل في اللحظات الأخيرة قبل وصوله الى بعبدا؟

وفي السياق، يتّكل ماكرون في خطواته على دعم أميركي واضح ضمن خطة معينة، وبالتالي فإن خطواته منسقة مع الأميركيين وهذه نقطة قوة له، في حين أن هناك نقاطاً سجّلها في الفترة الأخيرة من وراء الملف اللبناني ولا يريد خسارتها وأبرزها:

  • أولاً: ربح ماكرون محبة الشعب اللبناني وظهر ذلك جلياً باحتضانه في شارع الجميزة خلال زيارته الأولى بعد الإنفجار، كما أن الشعب نظر إليه كأنه المخلص من هذه الطبقة السياسية الفاسدة، وقد حصد مكانة في قلوب اللبنانيين لم يحصدها الرؤساء الذين سبقوه مثل فرنسوا هولاند ونيكولا ساركوزي ولا حتى جاك شيراك.
  • ثانياً: نجح ماكرون إلى حد كبير في كشف السياسيين اللبنانيين واستطاع الحديث مع الجميع، في دلالة إلى قبول باريس من جميع الأطراف.
  • ثالثاً: إنعكست صورة ماكرون في بيروت على صورته داخل الرأي العام الفرنسي الذي تعاطف مع لبنان بشكل كبير، ونجاحه يعني نجاحاً داخل فرنسا، في حين أن فشله لا ينعكس كما صوّره البعض داخل باريس، لأن الفرنسيين يعرفون مدى عقم الطبقة السياسية اللبنانية.
  • رابعاً: نجح ماكرون في خطف تفويض أوروبي ودولي لحراكه في لبنان، وبات يتحرّك باسم “القارة العجوز” بعدما رأى القادة الاوروبيون خروجهم من لبنان خسارة فادحة لهم على شواطئ المتوسط.

والأهم أنه يقف سداً منيعاً بوجه التمدّد التركي ويواجهه ويتعاطى مع رعاة السنة في لبنان وعلى رأسهم مصر والسعودية على هذا الأساس، في وقت ينسق الرئيس سعد الحريري مع ماكرون لإتمام الموضوع.

وما ينطبق على تركيا ينطبق على إيران أيضاً، إذ إن الفرنسي الذي يتعامل مع المكوّن الشيعي بموضوعية وعقلانية، لا يحبّذ أيضاً أن يقع لبنان تحت القبضة الإيرانية ويخرج من ثقافته وحضارته وجذوره، لذلك فإن الفرنسي لن يقف بوجه العقوبات الأميركية إذا استمرت طهران في عرقلة مسيرة الإنقاذ في لبنان.

وأمام كل هذه المعطيات، فإن فشل تأليف الحكومة سينعكس سلباً على العلاقات الفرنسية – الإيرانية، لكن هذا الأمر سيزيد باريس تمسكاً بخلاص لبنان من نفوذ طهران لأنه عندها سيقول الرئيس الفرنسي “لقد حاولت وأشهد أنني بلّغت”، وبالتالي فإن المحاولات الفرنسية ستتكرر وعندما يدخل الاميركي مباشرة على الخط سيحفظ دور الفرنسي الذي أسّس ما أسّسه في لبنان خصوصاً في السياسة والثقافة والمرفأ والتنقيب عن الغاز.

إذاً، ينتظر لبنان فترة حامية جداً، لكن ما يدفع إلى الإطمئنان أكثر أن الفرنسي لن يترك البلاد وسيكرر محاولاته لكن هذه المرة من دون دبلوماسية لأنه أعطى السياسيين الفرصة الأخيرة وخذله البعض.

السابق
هل انتهى الصراع العربي – الاسرائيلي؟
التالي
حملة «جنوبيون» تتضمان مع العلامة الأمين: نستنكر عمل منظومة الحكم لمصلحة دويلة «حزب الله»!