حكومة «خاطفة» في ١٠ أيام.. تسهيلات بالجملة و«حزب الله» منفتح بلا شروط!

ليس صدفة أن يعلن قصر الاليزيه أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون سيزور لبنان في كانون الاول المقبل وهو لم يغادر أراضيه بعد، بل قد يكون ترجمة عملية لحديثه لصحيفة politico نشر اليوم بأن “الاشهر الثلاثة المقبلة أساسية للتغيير الحقيقي في لبنان, وإذا لم يحدث ذلك فسأغير مساري وسنحجب خطة الانقاذ المالية ونفرض عقوبات على الطبقة الحاكمة”، ما يعني أن الرئيس الفرنسي سيعود قبل نهاية العام الحالي للإطلاع عن كثب على ما تعهدت القوى السياسية بتنفيذ ما هو مطلوب من إصلاحات حتى تُمد يد العون الدولية للبنان، وهذه المهمة ملقاة على كاهل حكومة الرئيس مصطفى أديب الذي ُكلّف بتأليفها أمس الاثنين بالتعاون مع مجلس النواب والرئاسة الاولى.

كل ما سبق يعني أن على جميع القوى السياسية أن تشمّر عن سواعدها للمساعدة في تسهيل عملية التأليف ونزع ألغام المحاصصة والتوزيع السياسي للحقائب من أمامها لكي يصبح طريق خروجها إلى النور سالكا وآمنا، ولعل أول محطة لإظهار نوايا هذه القوى في تسهيل أو تعقيد مهمة الرئيس المكلف، ستكون في الاستشارات النيابية التي سيجريها في مجلس النواب غدا الاربعاء للإستماع إلى أفكار وتوقعات الكتل النيابية الممثلة فيه من الحكومة المقبلة.

ما يمكن تسجيله في هذا الاطار أن الجميع يعلن عن نيته في التسهيل، وأنه لن يكون هناك “صراع ديوك” على الحقائب السيادية وإن كانت العبرة تبقى في مدى الالتزام والتنفيذ إلا أن ثمة معطيات دولية ترجح أن تلبي الحكومة المقبلة متطلبات المجتمع الدولي لجهة سرعة تأليفها وشكلها البعيد عن”حكومة الاقطاب السياسيين” وأن آلية عملها ستكون مرنة بما يتوافق مع السرعة المطلوبة  لتنفيذ الاصلاحات، وهذا ما عكسته مصادر مطلعة لـ”جنوبية” على لقاء الرئيسين العماد ميشال عون وإيمانويل ماكرون في قصر بعبدا خلال إحتفالية “إعلان لبنان الكبير”، إذ أشارت إلى أن “اللقاء الثنائي  بينهما كان مؤثراً جداً  وقد أخذ الشأن السياسي حيزا من البحث بحيث وضع الرئيس عون ماكرون في جو تشكيل الحكومة بعد تكليف السفير اديب، وأمل بألاّ يستغرق التشكيل وقتا طويلا لأن الهدف تشكيل حكومة قادرة على مواجهة التحديات في المرحلة المقبلة، وتمنى عون تجاوب كل القيادات المعنية بمسار تشكيل الحكومة لضمان ثقة المجلس والمجتمع الدولي خصوصا أن من مسؤولياتها إقرار الاصلاحات ومكافحة الفساد وتصحيح الخلل في القطاع المصرفي”.

تضيف المصادر: “شدد ماكرون على أن فرنسا ستقف الى جانب لبنان وأنها تترك اللبنانيين في هذا الظرف الصعب، هذا كان خيارها الدائم وسيبقى واذا اقتضى الامر سيزور لبنان مرة أخرى للمساعدة فهو جاهز لذلك، وأن فرنسا جاهزة للمساعدة في تحقيق خطة النهوض والاصلاحات وإزالة آثار الانفجار الى حين أن تنجز الفرق المعنية مهمتها بالتعاون مع الجيش اللبناني”.

تلفت المصادر إلى أن “الرئيس ماكرون إعتبر أن طرح الرئيس عون للدولة المدنية عامل مهم يحد من المناكفات التي تحصل بين أبناء الوطن الواحد وأشار إلى امكانية إنعقاد مؤتمر إقتصادي يخصص لدعم لبنان تشارك فيه دول عربية واجنببة يندرج ضمن خطة النهوض الاقتصادي ويكون مكملا لمؤتمر سيدر، خصوصا أن دولا عدة تشارك فرنسا في هذه المهمة والتي ظهرت في9 آب الماضي، كما تحدث عن دور مهم للمجلس النيابي في إقرار الاصلاحات عند الانتقال من مرحلة الى مرحلة”.

المعايير مطبقة على الجميععلى ضفة القوى السياسية، فالسؤال الذي يطرح كيف يمكن للقوى والكتل النيابية تسهيل مهمة الرئيس أديب بالرغم من الاختلافات الحاصلة بينهم حول شكل الحكومة وكيفية مقاربة الملفات الشائكة من كهرباء وأزمة مالية وإقتصادية؟

عون لـ”جنوبية”: ضغط كبير لإنجاز الحكومة بسرعة

إجابة القوى على هذا السؤال يستند إلى رؤيتها لدورها في تنفيذ في الاصلاحات المقبلة من دون الانتقاص من مكانتها السياسية، وفي هذا الاطار يقول عضو تكتل “لبنان القوي” النائب آلان عون لـ”جنوبية” “سنركز خلال حوارنا مع الرئيس المكلف على برنامج الحكومة المقبلة وسنكون متساهلين في الشكل، طالما أن المعايير ذاتها ستطبق على جميع القوى دون إستثناء لناحية التمثيل داخلها وليس على فريق دون آخر، وبالتالي سنشدد على معرفة عمل الحكومة المقبل والاصلاحات التي ستنفذ، أما إقتراحنا لأسماء وزراء من الاخصائيين فهذا سابق لأوانه ولن يتم البت به إلا بعد التعرف على الآلية التي يريد الرئيس المكلف إنتهاجها فإما أن يسمي هو فريق عمله ونحن نختار الافضل برأينا، أو نحن نقترح والرئيس أديب يختار الافضل، فإذا مشينا وفقا لهذه الخريطة سيكون إنجاز الحكومة في وقت قصير لأن هناك ضغط كبير لإنجازها بسرعة”.

آلان عون
آلان عون

برنامج الحكومة

تتشارك كل من كتلة “التنمية والتحرير” و”الوفاء للمقاومة” مع عون لجهة القرار المشاركة في الحكومة، وإن لم يحسم إلى الان شكل هذه المشاركة، إذ يلفت عضو كتلة التنمية و التحرير النائب ميشال موسى لـ”جنوبية” أن”التشاور سيبقى قائما بين أعضاء الكتلة لحسم كيفية المشاركة ونقاشها مع الرئيس المكلف خلال الاستشارات النيابية التي سيجريها”، لافتا إلى أنه  “سيتم التطرق أيضا  إلى برنامج و شكل الحكومة  في ظل الظروف الاقتصادية الدقيقة وفي ظل إنفجار المرفأ ولذلك سيتم التركيز على برنامجها الذي هو أهم من الاشخاص، فالمطلوب هو حكومة إنقاذ شعبي على الصعيد الاقتصادي والمالي والاصلاح والكهرباء”.

موسى لـ”جنوبية”: لحكومة إنقاذ شعبي إقتصاديا و ماليا

ويضيف: “يهمنا أن يكون هناك فريق عمل متكامل وأن يكون الوزراء بمثابة أشخاص إستثنائيين للقيام بالمهام الملقاة على عاتقهم في هذا الظرف الدقيق، لأن الفردية لا تنفع والمطلوب تكامل وإنسجام بين أفرقاء الحكومة وأن يكون هناك تعاون، لا يمكن معرفة متى ستتشكل الحكومة، التكليف حصل بالامس لكن النوايا طيبة  وبعد الاستشارات تتبلور الصورة أكثر”. 

ميشال موسى
ميشال موسى

إنفتاح على الخيارات

أجواء كتلة “الوفاء للمقاومة تعكس”أنه لن يكون هناك جدول أعمال ستبحثه مع الرئيس المكلف خلال الاستشارات النيابية، إذ  يشير مصدر مقرب من الكتلة لـ”جنوبية” أن “الكتلة  ستكون مستمعة لما لديه و موقف حزب الله واضح لجهة  الحرص على يتقدم لبنان خطوة إلى الامام في هذه الظروف التي نمر بها، كما أن الحزب كان حريصا على تكليف رئيس جديد للحكومة  وعلى تشكيل حكومة يتمثل فيها غالبية اللبنانيين الموجودين في المجلس النيابي”.

مصادر حزب الله لـ”جنوبية”: من الجيد  تشكيل حكومة سياسية بمظلة دولية 

يضيف المصدر: “حزب الله منفتح على الخيارات التي تضمن مصلحة البلد، ولا يتمسك بأي شرط إلا بمقدار خدمة لبنان، وما تم الوصول إليه إلى الان جيد لأن هناك نوع من الاجماع حوله و لو بالحد الادنى مما سيمكن الحكومة من الانتاج على إعتبار أنها تتمتع بغطاء  سياسي من معظم الاطراف وفي ظل المظلة الدولية المتمثلة بالاهتمام الفرنسي مما يسمح بتحسن البلد على أكثر من مستوى  في ظل موافقة الجميع على ضرورة الاصلاح  في ملفات الكهرباء والازمة المالية”، لافتا إلى أن “حزب الله يتأمل خيرا ومنفتح  على كل خيار لمصلحة البلد  خصوصا أنه بات هناك إجماع على ضرورة البحث في عقد سياسي جديد للبنان، والذي تحدث عنه السيد نصر الله والرؤساء  بري وعون والرئيس الفرنسي ماكرون وبالتالي التمني هو قيام حوار للتفاهم لإعادة إنتاج البلد بصيغة جديدة بعد إجماع الكل على أن هناك خللا في النظام السياسي القائم “.

يعتبر المصدر “أننا لا نملك ترف الوقت لإطالة أمد التشكيل وأعتقد أنه في ظل هذا التوافق الذي حصل والظروف الصعبة التي تشكل خطر على وجود لبنان فإن تشكيل الحكومة سيكون خلال وقت قياسي ونحن ندعو إلى ذلك”، لافتا إلى أنه “بناء على التجربة في حكومة الرئيس دياب، الحزب سمى وزير من ضمن بيئته لوزارة الصحة وقد أثبت جدارة بالرغم الظروف الصعبة، ونحن منفتحون على كل الخيارات وقد عبرنا سابقا يجب على أن تكون هذه الحكومة صورة عن المجلس النيابي لجهة التمثيل الموجود فيه والتوازن الموجود فيه والحزب يمتلك من الكفاءة ما يمتلك في إطار هذا السياق الذي نتحدث عنه”.

ويختم: “لا مشكلة بأن يكون لدينا تكنوقراط ولكن بخلفيات سياسية وهذا الامر لا يتعارض مع بعضه، لأن عدم توفر الغطاء السياسي الحقيقي للحكومة فهذا يعني أنها لن تصمد أمام المستجدات الصعبة وهذا ما رأيناه مع حكومة الرئيس حسان دياب، فالحكومة الممثلة لأغلب الافرقاء السياسيين يعطيها قوة ونحن منفتحون على أي حوار يؤمن هذه المنظومة من الاهداف التي تمّ رفعها الحزب ولكننا منفتحون على كل الطروحات التي تهدف إلى تحصين البلد والنهوض فيه على المستوى المالي والاقتصادي والامني”. 

الحكومة خلال 10 أيام

على ضفة القوى التي أعلنت أنها لن تشارك في الحكومة، فإن الصورة مشابهة لجهة تسهيل التشكيل وإن كانت مقاربتها لبرنامج عمل الحكومة مختلف، إذ يوافق عضو كتلة المستقبل النيابية النائب محمد الحجار بأن ولادة الحكومة ستكون قريبة، ويقول لـ”جنوبية” أنه من “المفترض أن لا تتأخر أكثر من10 أيام لأن الوضع لا يحتمل، على أن يكون شكلها ومضمونها بعيدا عن المحاصصات الطائفية  والسياسية “.

الحجار لـ”جنوبية”: لحكومة توحي بالثقة منتجة ومتجانسة 

يضيف:” سنشدد ككتلة نيابية، خلال لقائنا الرئيس المكلف، بأن يكون  تأليف الحكومة بأسرع وقت وأن تلبي تطلعات الناس والمتظاهرين وأن توحي بالثقة وأن تكون منتجة ومتجانسة  وتضم إختصاصيين، علما أن  كتلة المستقبل لن يسمي إختصاصيين بل سيترك لرئيس المكلف تسمية فريقه “.

محمد الحجار
محمد الحجار

لا رهان على تجاوب بعض الفرقاء

يربط عضو كتلة “اللقاء الديمقراطي” النائب بلال عبد الله سرعة ولادة الحكومة بمدى تجاوب القوى السياسية مع طروحات الرئيس ماكرون، ويقول لـ”جنوبية”: “إذا سمع الافرقاء لنصيحة ماكرون فستكون الولادة سريعة، و نحن ندعم الخطة الانقاذية التي يقوم بها الرئيس ماكرون، صحيح أننا لسنا مراهنين كثيرا على التجاوب بعض الافرقاء معه ولكن على الاقل إذا تم تحييد لبنان عن الصراع الاقليمي الحاد والدائر، لمعالجة أمورنا الداخلية  فهذا أمر جيد  ولذلك علينا إعطاء الرئيس أديب فرصة “.

عبدالله لـ”جنوبية”: لن نشارك لكي نريح الجو 

يضيف: “لن نشارك في الحكومة لكي نريح الجو، وكي يتمكن الرئيس أديب من تعيين وزراء مستقلين ومحايدين وإختصاصيين بعيدا عن السياسية، فالحكومة التي ستتألف يجب أن تكون حكومة إنتقالية إقتصادية مالية والرفيق تيمور أعلن صراحة ومن قصر بعبدا بأننا لن نشارك”.

بلال عبدالله

لا مشاركة وتكرار للمطالب

عند القوات اللبنانية فهي لن تشارك أيضا كما أعلن من قصر بعبدا تكتل”الجمهورية القوية”، و بالتالي  لن تسمي وزراء أخصائيين لكن ذلك لن يمنعها من أن يكون لها وجهة نظرها حول البرنامج الذي يجب أن تعمل عليه الحكومة، كما يقول أمين سر التكتل فادي كرم لـ”جنوبية”، لافتا إلى أن الكتلة “ستتطالب بلجنة تحقيق دولية في إنفجار المرفأ ودفع تعويضات للمتضررين قبل فصل الشتاء وهذا مر أساسي وأن يكون هناك  مشروع قانون لإنتخابات نيابية مبكرة”. 

كرم لـ”جنوبية”: نطالب بلجنة تحقيق دولية في إنفجار المرفأ وقانون لإنتخابات نيابية مبكرة

وأشار إلى أن “القوات قدمت مشروع قانون في هذا الصدد لكن إقتراح قانون و لكن تقديمه من قبل الحكومة سيؤمن البت فيه بصورة أسرع، هذا بالإضافة إلى المطالبة بتطبيق الحياد والاصلاحات، وهي المطالب الدائمة التي تطالب فيها القوات ولذلك نطرح شي أصبح واضحا ونؤكد عليه في كل الاستحقاقات”.

السابق
ورقتا باسيل وجنبلاط الإصلاحيتين بعهدة ماكرون.. ماذا تضمّنتا؟
التالي
استشارات لتأليف الحكومة غداً.. تجنبوا سلوك هذه الطرقات!