تفاهم «مار مخايل» يتحول الى غطاء أمني لـ«حزب الله».. من الشويفات الى بعبدا!

بعد الكارثة التي ضربت مرفأ بيروت في الرابع من آب، وراح ضحيتها مئات القتلى وآلاف الجرحى والمنكوبين، عادت الأنظار لتتجه الى "حزب الله" الذي كان أول المتهمين عقب انفجار المرفأ، لسيطرته الكاملة على الدولة اللبنانية ومرافقها اولاً، وثانياً لوجود مواد "نيترات الأمونيوم" شديدة الإنفجار والتي تُستخدم في صناعة الأسلحة التي يمتهنها الحزب، وثالثاً حاجة هذه المواد لضربة قوية قد تكون صاروخاً اسرائيلياً لإشتعالها بالدرجة التي اشتعلت بها وانفجرت، ما يعكس نتيجة التهديدات الإسرائيلية لحزب الله التي سبقت الإنفجار.

إلّا أنه وبالرغم من نفي حزب الله ان تكون المواد المتفجرة عائدة له على قاعدة انه “يعرف مرفأ حيفا أكثر من مرفأ بيروت”، متوعداً اسرائيل برد مماثل في حال ثبت ضلوعها في الإنفجار، تصوّبت الأنظار الى منطقتي شويفات -بشامون، وبعبدا-اللويزة، حيث علت صرخات المواطنين المتخوفين من تواجد مستودعات أسلحة وذخائر وحتّى أنفاق لحزب الله في المناطق المأهولة، فيما اللافت كان “لفلفة” القضية وإغفالها لو لم ينتفض عدداً من أعضاء المجلس البلدي في بعبدا ويقدموا على خطوة الاستقالة بعد تقرير مخابرات الجيش الذي نفى وجود أسلحة في المنطقة.

كل ذلك يفتح الآفاق حول علاقة حزب الله بشركائه وحلفاءه التي على ما يبدو انها تحوّلت من تحالف سياسي الى غطاء أمني، ففي الشويفات مثلاً وبالرغم من مناشدات المواطنين الكشف عن مواقع قد تكون “انفاقاً ومواقع عسكرية” لحزب الله وسط التخوّف من تكرار سيناريو مرفأ بيروت وتهديدات اسرائيل المستمرة، رأى رئيس البلدية زياد حيدر المحسوب على “الحزب الديمقراطي اللبناني” حليف “حزب الله” ان “الحديث عن عكشف على أنفاق ومواقع عسكرية ليس من شأن البلدية والبلدية لن تخابر مخابرات الجيش لأنه لو رأت مخابرات الجيش حاجة للكشف كانت قد تحركت منفردة”، فيما المح رئيس بلدية بعبدا انطوان الحلو المقرب من التيار الوطني الحر ان الإستقالات التي تلت تقرير مخابرات الجيش هي على خلفية استدعاء الأعضاء للتحقيق، فيما يُبرر خوف اعضاء البلدية لأن منطقة بعبدا كانت قد شهدت سابقاً تحركاً لحزب الله من خلال استهداف البارجة الاسرائيلية عام 2006 من داخل المنطقة.

موقع بعبدا الاستراتيجي للحزب

في هذا الإطار، رأى الخبير العسكري العميد الركن نزار عبدالقادر في حديث لـ”جنوبية” ان “أثناء حرب ٢٠٠٦ نشر حزب الله في مناطق بعبدا صاروخان من طراز “سي 802″ وأطلقهما، واحد منهما أصاب البارجة الاسرائيلية ساعر، والثاني فشل في الإطلاق وسقط في أحراج منطقة بعبدا، وبالتالي ومن دون شك بعبدا تُعتبر منطقة إستراتيجية من خلال سيطرتها على الضاحية وعلى قسم كبير من مطار بيروت هذا وبالإضافة إلى سطوتها على كل بيروت كعاصمة يعني، فمن خلال هذا الموقع الجغرافي يمكن للحزب الإستفادة منه عسكريا حيث أنه يشكل إضافة إستراتيجية لأي إنسان ممكن أن يستعمله كمنصة للرماية او كمخابئ للأسلحة بسبب الغطاء الشجري الكثيف الموجود على التلال المحيطة ببعبدا وخاصة بمنطقة اليرزة إمتدادا حتى منطقة كفرشيما”.

تُعتبر منطقة منطقة إستراتيجية من خلال سيطرتها على الضاحية وعلى قسم كبير من مطار بيروت

وعن علاقة حزب الله بحلفاءه أمنياً قال عبدالقادر: “من دون شك التيار الوطني الحر ارتبط بحلف استراتيجي لا يمكن أن ينفك مع حزب الله، وهو ليس حلفا سياسيا بمعنى السياسة فأنا أفهم التفاهم بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية أنه كان تفاهما سياسيا ولكن الوثيقة التي وقعت في مار مخايل بين العماد عون والسيد حسن نصرالله هي وثيقة إستراتيجية تشمل كل شيء ويبدو أن هذا الحلف لا ينفك، هذا الحلف له أهداف ومنافع لدى الطرفين”، ضيفاً “دعم عون لحزب الله تحقق في أكثر من مناسبة ولم يتخذ أي موقف ولو إعلامي ممكن أن يضر بسمعة حزب الله او بمكانة حزب الله أو بالموقع السياسي اللبناني كما حصل أمس عندما انبرى عون للدفاع عن حزب الله والسيد نصرالله في حديث لإحدى الصحف الفرنسية ليقول أن حزب الله لم يقم بأي شيء مضر في لبنان وان مشاركته في الحرب السورية لا تعني الإضرار بالمصلحة اللبنانية حيث شاركت أفرقاء ودول في هذه الحرب وهو منهم”.

عبدالقادر

اضاف: “يعني حتى هذه اللحظة فهو يدافع عن حزب الله. طبعا العماد عون في بداية عهده قد وعد بوضع إستراتيجية دفاعية وهي حكما إيجاد حل لثنائية السلاح التي يشكلها حزب الله وهي الطريق لإستعادة السلم والحرب الذي يجب أن يكون حصريا بيد الدولة ورأينا العماد عون يطلقها كشعار ثم ينساه ويرميه خلف ظهره”.

وشدد عبدالقادر على ان “هذا التحالف هو تحالف لا ينفك ، تحالف مصلحة، تحالف ثابت. ومن هنا لا أعجب من رئيس بلدية بعبدا ان كان مقرباً للتيار الوطني الحر ان يقدم مصلحة التيار ومصلحة حليفه حزب الله على مصلحة البلدية حتى وإن ضحىّ بالمجلس البلدي الذي انتخبه كرئيس لهذه البلدية، لذا فهو ضحى بحلفاءه الذين وضعوا ثقتهم فيه إنقاذا لحليف التيار الوطني حزب الله”.

وعما ان كان ما حصل في الشويفات متطابق مع ما يحصل في بعبدا قال عبدالقادر: “انه المنطق نفسه، فكما أعتقد أن رئيس بلدية شويفات مقرّب من الحزب الديمقراطي اللبناني برئاسة الأمير طلال أرسلان وهو حليف صلب ودائم لحزب الله وليس فقط للحزب بل لرئيس النظام السوري بشار الأسد، ولذلك يحاول رئيس بلدية شويفات التملص من أي مسؤولية وهو لا يريد أن يقع في حماقة الكذب فقال أن هذه من وظائف الدولة وليست من وظائف البلدية ، وهذا نوع من التملص في الواقع من المسؤولية ودوره القيادي من موقعه كرئيس بلدية يحمي مصالح الناس وأمن الناس ويسهر على سلامتهم”.

الاستقالة للتهرب من المسؤوليات

أمّا الخبير العسكري العميد الركن فادي داوود فيرى في حديث لـ”جنوبية” أنه “في الداخل اللبناني لا يوجد لدى أي جهاز أمني معلومات عن وجود أنفاق لحزب الله في لبنان ، أمام بخصوص أن يكون لديه شبكة إتصال سلكية فهذا معروف أصلا، حتى وقد حصل إشكالية حولها سنة الـ٢٠٠٦، كما وان الأنفاق التي أثير أمرها في الأمم المتحدة نحن لدينا تخمينات حولها ولكن لا ثوابت مادية تقول أن هذا النفق لحزب الله”.

ولفت الى ان “حزب الله لا يمكن ان يحرج نفسه ويضع صواريخ في المرفأ، اعتقد ان لديه مواقع عسكرية بمناطق البقاع وقد قال نصرالله على الملأ أنه لديه ١٥٠٠٠٠ صاروخ والأمم المتحدة والعالم يعرف أنه لديه أسلحة ولديه معسكرات في البقاع والهرمل والجنوب، أما في الشويفات وبعبدا، فلا أستبعد ولكن ليس لدي دلائل”.

العالم يعرف أن للحزب معسكرات في البقاع والهرمل والجنوب، أما في الشويفات وبعبدا، فلا أستبعد ولكن ليس لدي دلائل!

وعن استقالة أعضاء بلدية بعبدا، قال داوود: “إستقالتهم هي من حقهم وقد مارسوا حقهم، والحق الذي مارسوه أخذوا منه درس عن الذي حصل في المرفأ”، متطرقاً الى سياسة التهرب من المسؤوليات الذي بات نهجاً في لبنان عند الشعور بالخطر كما حدث في قضية المرفأ، قائلاً: “تعلّم الناس أن الإنسان لا يستطيع أن يأخذ صلاحية دون تحمل مسؤوليتها، ولكن في لبنان يوجد نهج فاسد بمارسة العمل، فهناك اشخاص تعودت على الحصول على الوظيفة والتمتع في مميازاتها وأخذ صلاحياتها وتبقى المسؤولية على الله”.

فادي داوود
داوود

أضاف: “إذا البلدية رأت أنفاق عليها التقدم بشكوى لدى النيابة العامة، فإذا كان لديها علم بوجود أنفاق تهدد سلامة الناس فعليها ان تتحمل مسؤولياتها، ولا يكفي أن يقدم الاعضاء إستقالتهم بل عليهم شرح وتعليل سبب الاستقالة والتوضيح ليس فقط التهرب من المسؤولية”.

وعمّا إن كان الاتفاق السياسي بين “حزب الله” والتيار الوطني الحر تحول الى تنسيق أمني فيما خص الأنفاق والمواقع العسكرية، لفت داوود قائد عملية “فجر الجرود” الى ان “الإتفاق بين حزب الله والتيار الوطني الحر برأيي هو إتفاق وتفاهم عميق والطرفين ملتزمون به في السياسة والممارسة اليومية، أما بخصوص التنسيق الأمني فالتيار داعم للحزب وداعم للمقاومة ولا أعلم اذا كان للتيار جهاز أمني”.

السابق
تعليق «أممي» على احداث خلدة: فتنة طائفية بطريقها الى كارثة!
التالي
موفد أميركي الى لبنان.. للحث على تنفيذ الإصلاحات!