ماكرون على موعد مع خيبة حكومية..ألاعيب و محاصصة وكأن شيئاً لم «ينفجر»!

ماكرون بيروت
أيام قليلة تفصل الطبقة السياسية اللبنانية عن إستقبال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لمناسبة الاحتفال بمئوية لبنان الكبير، التي وعد بحضورها شخصيا لسببين، الاول الدلالة على المكانة الخاصة التي يحتلها لبنان في الوجدان السياسي الفرنسي، والثاني لمعرفة ما أفضت إليه محاولات الرئيسين ميشال عون ونبيه بري ومسؤولي الاحزاب والقوى السياسية لجهة تأليف حكومة جديدة تأخذ على عاتقها مهمة تنفيذ إصلاحات حقيقية تكون مدخلا لمساعدة دولية لإخراج لبنان من أزمته غير المسبوقة.

حتى الان لم يتحقق شيء من المبادرة التي سعى الرئيس الفرنسي إلى إرساء مداميكها بعد تفقده لبنان إثر إنفجار 4 آب الكارثي، بل تدور أحاديث عن أن هذه الزيارة يمكن أن تؤجل بسبب فشل المسؤولين الذريع في تسمية رئيس حكومة جديد على الاقل، وإستمرار ألاعيبهم ومماطلتهم والقيام بمشاورات “شكلية وبإخراج رديء” بهدف تحقيق أكبر قدر من المكاسب الوزارية والحزبية من دون إبداء أي إهتمام بأن اللبنانيين يمرون بظرف إستثنائي وفقا لكل المعايير.

بل يستمر هؤلاء المسؤولين في التحايل على الشعب اللبناني وعلى المجتمع الدولي على إعتبار أن حكومة الرئيس حسان دياب المستقيلة تؤمن لهم الهامش المطلوب لتنفيذ سياساتهم في مؤسسات الدولة، وأنه لا ضير من سد إي ثغرة إنفراج يمكن أن تؤمنها المبادرة الفرنسية طالما أنها لا تتوافق مع حساباتهم الخاصة حتى لو كان الكيان اللبناني بأكمله سيدفع الثمن.

ياسين لـ “جنوبية”: الاميركيون مع المبادرة الفرنسية من دون تعديل سياستهم

ما يظهر إلى الآن أن المنظومة السياسية اللبنانية ومصالحها هي أقوى من أي مبادرة ماكرون المنفردة، وأي خرق يمكن أن يتحقق في جدار الازمة اللبنانية يحتاج إلى دفع دولي متعدد الاطراف.

ناجي أبي عاصي

وهذا ما يوافق عليه سفير لبنان السابق في فرنسا والمستشار الدبلوماسي السابق للرئيس ميشال سليمان السفير ناجي أبي عاصي الذي يقول لـ”جنوبية”: منطقيا إذا كان الانفتاح الدولي يقتصر على فرنسا فالتسوية التي يتم التحضير لها من دون مشاركة كل من إيران والولايات المتحدة ستتلاشى والدور الفرنسي سينكفئ.

إقرأ أيضاً: فنيش وقماطي «يتكتكان» على الراعي.. «حزبان لله» فوق سقف واحد!

إذ لا يكفي أن يكون للفرنسيين وحدهم هم من يعملون على خط المبادرة التي أخذوها على عاتقهم للمساهمة في حل أزمة لبنان، فالانفتاح الفرنسي-الدولي على لبنان الذي أتى بعد إنفجار المرفأ يجب أن يكون مشفوعا بسلسلة من الاتصالات تنسق بين ما يريده الاميركيون والإيرانيون بالاضافة إلى دور روسيا وتركيا كي يؤتي ثماره”.

خرق الأزمة اللبنانية

ويضيف:”الجانب الفرنسي مصر على إحداث خرق في الازمة اللبنانية لكن السؤال هو على فعالية هذا الاصرار، وشخصيا أعتقد أنه من الصعب أن تحدث جهود فرنسا وحدها خرقا في الازمة اللبنانية، فممانعة الطبقة السياسية وتمسكها بمصالحها أقوى من جهود ماكرون، وبالتالي إما علينا الانتظار حتى مجيء ماكرون لمعرفة ما في جعبته من أفكار جديدة ، أو البحث على خط المفاوضات الجارية بين الولايات المتحدة وإيران وفرنسا حول الازمة اللبنانية”.

ناصر ياسين

يوافق مدير الابحاث في معهد عصام فارس الدكتور ناصر ياسين على توصيف أبي عاصي، ويقول ل”جنوبية:” أعتقد أن المبادرة الفرنسية لن يكتب لها الحياة لأنها أتت كردة فعل على هذا الانفجار وشكلت ثغرة إنسانية في حائط المقاطعة الدولية للبنان”، لافتا إلى أن “الاميركيين لم يمانعوا في فتح هذه الثغرة لكن ليس هناك قرار تعديل في السياسة الاميركية تجاه المنطقة وفي لبنان، وبشكل واضح لن نشهد تعاطيا جديدا من الاميركيين مع المنطقة إلا بعد حصول الانتخابات الاميركية والتي تستلزم شهورا ما بين إجراء الانتخابات و تولي الادارة الاميركية الجديدة لمهامها”.

أبي عاصي لـ”جنوبية” : تمسك السياسيين بمصالحهم أقوى من جهود ماكرون


يرى ياسين أن “ما يحصل الآن هو ردة فعل دولية تجاه لبنان بعد حصول الانفجار والحاجات الانسانية الكبيرة التي يحتاجها الشعب اللبناني، وقد أتت المبادرة الفرنسية على أمل أن يحصل إستثمار سياسي لردة الفعل هذه ولكني شخصيا أعتقد لن تحصل لأن الجانب الايراني غير مستعجل على إنجاز تسوية مع إدارة أميركية في آخر عهدها”، مشددا على أن “زيارة ماكرون لن تؤتي بثمارها المرجوة، لأنها تحصل في زمن صعب ينزلق فيه لبنان نحو القعر رويدا رويدا، وهي محاولة أخيرة لتنبيه الطبقة السياسية للتغيير، لكنها لن تتغير والدليل أنه لم يتم إحراز أي تقدم منذ ثلاثة أسابيع علما أننا نمر بأصعب أزماتنا منذ ولادة لبنان الكبير”.

الدول العميقة

ويأسف لأن “الطبقة السياسية لا تزال على عهدها السابق لجهة المحاصصة و السعي وراء المكاسب، وللأسف هذه الطبقة تعيش على الازمات و لن تتخلى عن هذا النهج لأنهم يخسرون بذلك دولهم العميقة التي بنوها على مدى سنوات”.

مدير الابحاث في معهد عصام فارس الدكتور ناصر ياسين
مدير الابحاث في معهد عصام فارس الدكتور ناصر ياسين

واعتبر ان “إذا بقي السياسيون اللبنانيون على نفس الوتيرة من المراوحة في تأليف الحكومة وفقا للمبادرة الفرنسية و تأخير تنفيذ الاصلاحات ، فما سيحصل ليس مقاطعة مع لبنان بل الحكم في لبنان”.
ويختم:” الانفجار– الكارثة أدى إلى تدفق المساعدات الانسانية على لبنان والتي باتت اليوم بنحو 400 مليون دولار من هيئات مانحة ودول، أعتقد عندها أن هذه المنح والمساعدات تأتي عبر منظمات دولية غير حكومية”.

السابق
ميريام فارس تعبر عن حزنها الكبير: دولتني كسرتني!
التالي
تراجع «كوروني» طفيف..تسجيل 3 وفيات و457 إصابة جديدة!