«حزب الله».. لا معارضين بعد اليوم!

السيد حسن نصرالله
وردت في الخطاب ما قبل الأخير لأمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله ، وفي الشق الأخير من الخطاب وهو الشق المرتبط بالحديث عن الوضع الداخلي اللبناني وتشكيل الحكومة الحيادية بعد استقالة حكومته العتيدة ، وردت نصيحة ملغومة نسبياً وتكشف عن الإستراتيجية العملية الميدانية السياسية والاجتماعية والاقتصادية والفكرية المعتمدة من قبل حزب الله منذ أربعة عقود في لبنان وخارج لبنان.

أكد أمين الحزب في هذا الشق من خطابه رغبته بتشكيل حكومة وحدة وطنية ليضمن بقاء حزبه في السلطة ، معترضاً على فكرة الحكومة الحيادية ، ونافياً وجود حياديين في لبنان متجاهلاً بذلك وجود كل المستقلين من معارضين للحزب وغير معارضين له ، ومبيناً أن بعض القوى السياسية ستعارض فكرة حكومة الوحدة الوطنية ، متهماً من سيعارض بعدم تحمل المسؤولية وبجر البلد إلى الحرب الأهلية ، واقترح على المعارضين قائلاً : ” أنا أقترح عليكم أن تخرجوا من الحياة السياسية “، ودعاهم لترك الناس لخيارات سياسية أخرى ، ونصحهم أن يتحولوا إلى منظِّرين وتجار وإلى ممارسة العمل الخيري ، وهذه الإستراتيجية يمارسها حزب الله مع أكثر معارضيه في الدائرة الشيعية من علماء دين وكوادر ثقافية وفكرية واجتماعية وسياسية واقتصادية منذ تأسيسه، سواء الأقوياء منهم أم الضعفاء، وإن كان في ممارستها مع الضعفاء يبدو أشد لؤماً وعداوة منه حين يمارسها مع الأقوياء، لأنه يلاحظ الحسابات الانتخابية حين يواجه بها الأقوياء اجتماعياً. 

اقرأ أيضاً: المحاكم الدولية بين الأدلة والنزاعات والعدالة.. الحريري نموذجاً

 وقلَّما التفت في هذا الخطاب لنصر الله وإلى هذه النصيحة الاحتكارية السلطوية قلَّما التفت إلى ذلك أحد في الإعلام أو انتقد ذلك الساسة في لبنان أو علق على ذلك المحللون الإستراتيجيون في الداخل اللبناني، ومفاد هذه النصيحة كما رأيت هو دعوة السيد نصر الله المعارضين – غير المتماهين مع سياسات الحزب – دعوتهم بطريقة مباشرة لاعتزال السياسة والعمل السياسي والشأن العام والتَّحول إلى منظِّرين كأساتذة الجامعات مثلاً أو التَّحول إلى العمل الخيري أو إلى التجارة كما هو حال الكثيرين من الرؤساء والوزراء والنواب وقادة الأحزاب الذين – كما قال نصر الله – تحولوا إلى تجَّار بعد أن تقاعدوا أو اعتزلوا العمل السياسي والتدخل في الشأن العام!  

السيد نصر الله يُصرُّ في خطابه ما قبل الأخير ويؤكد على نصيحة معارضيه في السياسة عموماً وفي الدائرة الشيعية ضمناً بنحو الخصوص، يُصِرُّ على دعوة هؤلاء لاعتزال السياسة

عزل المعارضين والتشهير بهم 

وفي كلام الأمين العام تصريح بمنهجية الحزب في التعاطي مع أكثر المعارضين الأقوياء أو المتوسطي القوة، أما غالب المعارضين الضعفاء – خصوصاً الشيعة منهم داخل لبنان وخارجه – فمنهجية الحزب هي سحقهم وتدمير حضورهم الاجتماعي بالتهم والدعايات والإشاعات المضادة التي تصل إلى مرحلة يلعن بعض هؤلاء المعارضين الضعفاء نفسه لكثرة ما تشيع أجهزة حزب الله الأمنية وقواعده الشعبية وروابطه في المناطق كلها عبر قوة التواصل بين هذه الأجهزة والقواعد والروابط في لبنان والخارج، فتشيع هذه الأجهزة والقواعد والروابط ضد المعارضين الضعفاء التهم والدعايات والإشاعات في الوسط الشيعي تشيع أقذر التهم والدعايات والإشاعات وألوان المفتريات والأكاذيب التي تخالف شرع الله وأحكام دينه ويهتز لبعضها عرش الرحمن بهدف نفي هؤلاء المعارضين اجتماعياً واقتصادياً وعزلهم سياسياً!  

فهذه المنهجية عند حزب الله هي السلاح الشيطاني المحرم شرعياً والأقوى عملياً والذي يستطيع به حزب الله الغالب نفي المعارضين الشيعة من ضعفاء وحتى أقوياء من علماء دين وكوادر ثقافية وفكرية ورموز اجتماعية!  

اقرأ أيضاً: «قلوب الثنائي المليانة» تنفجر جنوباً وتُوتِّر الأجواء بقاعاً..وإلتزام خجول بالإغلاق الجزئي!

فالسيد نصر الله يُصرُّ في خطابه ما قبل الأخير ويؤكد على نصيحة معارضيه في السياسة عموماً وفي الدائرة الشيعية ضمناً بنحو الخصوص ، يُصِرُّ على دعوة هؤلاء لاعتزال السياسة والشأن العام من أنفسهم عندما يعجزون عن التناغم مع سياسة الحزب السلطوية، وهو لا يُخفي بذلك التهديد الضمني لهؤلاء بكون الحزب سيعمد إلى عزلهم إن لم يعتزلوا، وما على المراقب إلا أن يتابع حال المعارضين والمستقلين الشيعة – من علماء دين وغير علماء دين – الذين عانوا من ظلم حزب الله في العقود الأربعة الماضية داخل لبنان وخارجه ليُدرك صحة منهجية حزب الله الاحتكارية هذه، فهل من مستفيد من تجارب هؤلاء؟  

وهل سيتوقف طموح حزب الله في هذا الاتجاه عند حد بعد المتغيرات الكثيرة التي يشهدها العالم والمنطقة ، خصوصاً بعد اتفاقيات التطبيع القائمة والأخرى المتوقعة مما يُنذر بارتماء البعض في الحضن الإسرائيلي هروباً من ظلم ذوي القربى؟

السابق
المحاكم الدولية بين الأدلة والنزاعات والعدالة.. الحريري نموذجاً
التالي
خاتم ارتباط يثير جدل المتابعين.. وأصالة ترد: خطبتُ نفسي!