المجتمع الدولي يسابق الاصلاحات..وشكل الحكومة «أول الغيث»!

هيل زار مرفأ بيروت
تزدحم المقار الرسمية اللبنانية بالزائرين الغربيين الذين أتوا لزيارة لبنان بعد وقوع إنفجار مرفأ بيروت لتقديم المساندة الانسانية والاجتماعية للمتضريين وأهالي الضحايا أولا، ولإيصال رسائل سياسية من دولهم ومن أفواه أرفع المسؤولين سواء في أوروبا بأن قطيعة المجتمع الدولي مع لبنان إنتهت.

يمكن الاستدلال على انتهاء المقاطعة الدولية للبنان من خلال زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ووزير خارجيته لبنان مرتين خلال شهرين وزيارة مساعد وزير الخارجية الاميركية ديفيد هيل وبعدها حضور مساعد وزير الخارجية الاميركي لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شينكر إلى بيروت الاسبوع المقبل، وأيضا زيارة وزير الخارجية الالماني هايكو ماس بعد وقوع الانفجار بأيام قليلة.

لكن هذه الزيارات المتتالية بعد طول إنقطاع وبعد إدارة الظهر لحكومة الرئيس حسان دياب المستقيلة، لها وظيفة سياسية مفادها أن الدول الغربية على إستعداد لفتح ذراعيها لمساعدة لبنان وإخراجه من أزمته غير المسبوقة، مقابل تنفيذ رزمة من الاصلاحات خصوصا أن لبنان على أبواب تشكيل حكومة جديدة بعد إستقالة حكومة دياب.

لكن ما هو غير واضح إلى الآن هامش المرونة الذي يعطيه المجتمع الدولي للمسؤولين السياسيين لتنفيذ ما هو مطلوب منهم دوليا والذي يمكن أن يظهر مع الشكل المطلوب للحكومة المقبلة، إذ نصح الرئيس ماكرون خلال زيارته الاخيرة الأفرقاء السياسيين  بتشكيل حكومة شاملة، في حين أعلن هيل منذ يومين (في تصريح له) “أن الولايات المتحدة مستعدة للمساعدة إذا رأت حكومة لبنانية قادرة وفاعلة”، فهل يعني ذلك أن المجتمع الدولي يريد حكومة تنفذ الاصلاحات و تحارب الفساد (حتى لو شارك فيها حزب الله) أم أنه سيكون أكثر تشددا في ظل الصراع الدولي والاقليمي الدائر؟. 

طبارة لـ”جنوبية”: العقوبات تخرق فساد السياسيين

ما يجب التوقف عنده أيضا إلى أن الجانب اللبناني لا يزال يتخبط في إعطاء الجواب الشافي عن مدى تنفيذه للإصلاحات، لكنه بدى أكثر وضوحا في ملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل (إعلان رئيس مجلس النواب نبيه بري أن هذا الملف سيصل إلى خواتيمه) وهذا مطلب أميركي يهتم شنكر بإنجاز خواتيمه وفصله عن ملف ترسيم الحدود البرية بين لبنان وإسرائيل.

كل هذه المعطيات تدفع  للبحث عن كيفية تعاطي المجتمع الدولي مع الاستحقاقات اللبنانية وأولها الحكومة، فهل ستزداد الضغوط السياسية، أم سنشهد مزيدا من المرونة يحملها معه الرئيس ماكرون خلال زيارته المقبلة ؟

نوعان من الضغوط

ويفصل ممثل الامين العام للأمم المتحدة الوزير السابق طارق متري بين نوعين من الضغوط الدولية على لبنان، أميركية وأخرى فرنسية- عربية.

ويشرح لـ”جنوبية” ذلك بالقول:”هناك ضغوط أميركية لها علاقة بالضغط الاقصى على إيران والعقوبات عليها ويعبر عنها ديفيد شنكر بشكل حاد ويشير إليها هيل بشكل أقل حدة، وهذه الضغوط مختلفة عن الضغط الذي يمارسه ماكرون ( بتأييد من الدول الغربية وبعض الدول العربية) ويحاول في الوقت ذاته مساعدة لبنان على الخروج من أزمته السياسية ومن الضائقة الاقتصادية، خصوصا أنه بادر سابقا لعقد مؤتمر سيدر وعقد سلسلة إجتماعات متابعة له ثم دعا الدول التي أرادت التضامن مع لبنان  بعد النكبة الاخيرة “.

إقرأ أيضاً: انظروا اليها.. انها تسرق 50 الف دولار يوميا عبر مافيا الزهراني!!

ويرى متري أن “الرئيس ماكرون يقوم بتأمين الدعم للبنان لكنه يضغط على السياسيين لتأمين الاصلاحات اللازمة التي تسمح للمجتمع الدولي بمساعدته، أما عن تأثير هذين الضغطين فيمكن القول أن الضغط الاميركي غير معروف إلى أين سيستمر وهل ممكن يتغير بعد الانتخابات الاميركية وهل يعني أن الاميركيين يرفضون تأليف حكومة جديدة لا يكون فيها حزب الله ؟ هذا الامر لم يظهر بوضوح في كلام هيل الاخير”.

الوزير السابق طارق متري
الوزير السابق طارق متري

ويضيف: “في المقابل لا أعرف إذا كان للفرنسيين صيغة جاهزة للحكومة المقبلة ولكن هم يريدون حكومة شاملة، كما قالها ماكرون (شاملة للكل) شرط أن تكون إصلاحية وليست حكومة تمثيل حزبي كالحكومات السابقة والتي كانت تعاني من الشلل وعدم الفعالية والقائمة على المحاصصة والفساد، وأعتقد أن زيارة الرئيس الفرنسي في أول ايلول تظهر إذا كان لديه قدرة على إجراء تغيير في الحياة السياسية اللبنانية وعما كانت زيارته ستسهل ولادة صيغة حكم جديدة “.

إهتمام متجدد

ويضع وزير الخارجية السابق عدنان منصور زيارة الموفدين الغربيين الكثيف إلى لبنان في خانة الاهتمام الدولي المتجدد به، ويقول ل”جنوبية:”هناك عروض صينية وإيرانية لمساعدة لبنان والمجتمع الدولي لا يرضى أن يبتعد لبنان عن المحور الغربي”، لافتا إلى أنه “أمام المأزق الذي يعيشه بلدنا يتوجب تقديم الدعم والمساعدات له وإخراجه من الازمة  التي يعيشها في الوقت الحاضر سواء نقديا أو معيشيا اوإجتماعيا وهذا الامر يضع لبنان في صلب الاهتمام الدولي ويجعله موضع تجاذب بين الدول المعنية بشؤون المنطقة ككل، فالموفدين الفرنسيين والاميركيين يأتون إلى لبنان للملمة الوضع في الداخل اللبناني حتى لا يذهب لبنان بعيدا عن سياساتهم و مصالحهم في المنطقة”.

ويضيف:”داخليا نحن نحتاج إلى الوحدة الوطنية بين كل الاطياف السياسية وفئات الشعب اللبناني لأن البلد ينهار أمام عيون الجميع ولا يمكن الاستمرار في هذا الانهيار لذلك لبنان يحتاج إلى قيامة جديدة، وهذا الانقاذ لا بد أن يساهم فيه اللبنانيون أولا قبل طلب المساعدة من الخارج ، فترتيب البيت الداخلي اللبناني يجب أن يتم عن طريق اللبنانيين أولا”. 

 منصور لـ”جنوبية”: الغربيون يريدون لملمة الوضع  

ماذا عن ترسيم الحدود البحرية هل هي مؤشر على تفاهم أميركي – لبناني حاصل حول فصله عن ترسيم الحدود البرية ويمكن أن يسري على باقي الملفات؟ يجيب منصور:”الموضوع ليس فصل ترسيم الحدود البحرية عن الحدود البرية والرئيس بري حين تحدث عن حل قريب، فهذا يعني ان الحل سيكون حتما وفقا لمصلحة لبنان، لأن للبنان حقوق في المنطقة الاقتصادية الخالصة ولا يمكن أن يتنازل عن أي مربع من حقه وهذه خطوة إيجابية إذا تحققت، وهذا يعني تراجع من قبل العدو الاسرائيلي ومن قبل الجانب الاميركي لأن هوف حين أتى إلى لبنان تحدث عن حق لبنان ب 540 كلم مربع  بدل 680 كلم مربع و هذا يعني تصريح  أن بري يصب في ضمان حقوق لبنان في المنطقة الاقتصادية الخالصة و حتى لو تم تأجيل ببت بالحدود البرية فربما يساعد على حلها لاحقا”.

الوزير السابق عدنان منصور
الوزير السابق عدنان منصور

الحدود  البحرية أنجزت

ويوافق سفير لبنان السابق في واشنطن رياض طبارة على أن فصل ترسيم الحدود البحرية عن الحدود البرية هي جزء من رزنامة المطالب التي تريدها الولايات المتحدة من لبنان وتعمل على تحويلها إلى واقع ملموس، ويقول لـ”جنوبية” :” أعتقد أنه جرى فصل المسار بين الحدود البحرية والبرية، والهجمة الاميركية على لبنان هي في جزء منها تتعلق بترسيم الحدود البحرية لأن من مصلحة المجتمع الدولي ترسيم الحدود البحرية للبنان وخاصة الولايات المتحدة و إسرائيل، وأعتقد أنه بعد الانفجار 4 آب والوضع الاقتصادي السيء أنه سيتم حل نهائي للحدود البحرية  بعيدا عن ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل”.

ماذا عن باقي الاصلاحات المطلوبة، كيف سيعمل المجتمع الدولي لتنفيذها؟، يجيب طبارة: “صحيح أن زيارات الموفدين الدوليين إلى لبنان مثل الرئيس ماكرون والسفير هيل ووزير الخارجية الإلماني أخذت طابع المساعدات الدولية، لكني شخصيا أرى أن إهتمام المجتمع الدولي بلبنان هو لأسباب سياسية والدليل الجميع تحدث في الشأن السياسي”، لافتا إلى أن “هناك إهتمام غربي بتنفيذ لبنان لإصلاحاته ووقف الفساد منعا لإنهياره منذ سنوات لأن هذا الامر يتعارض مع مصالحهم (مؤتمر سيدر)، أما بعد الانفجار فقد جرى تكثيف هذه المطالبات لأن لبنان على حافة الهاوية ولذلك إرتفع مستوى الزائرين (الرئيس الفرنسي ووزير خارجيته) ناهيك عن المكانة العالية التي يحتلها هيل في الوزارة الخارجية الاميركية، وهذا يعني ان المجتمع الدولي جدي في مطالبتهم في الاصلاح وانهم خائفون من إنهيار لبنان “.

  متري لـ”جنوبية”: ماكرون يظهر قدرة فرنسا على إستيلاد صيغة حكم

ويختم: “أعتقد ان الضغط سيستمر على المسؤولين اللبنانيين لتنفيذ الاصلاحات( ماكرون سيزور لبنان في أيلول وهيل أعلن أن شينكر سيزور لبنان أيضا)، وأعتقد أننا دخلنا في فترة الجد لخرق حائط الفساد الذي بناه السياسيون اللبنانيون حولهم، وأعتقد أنهم سيخترقونه من خلال إستعمال سلاح العقوبات على شخصيات سياسية والتي قد تبدأ بمقربين ووزراء، لكني لا أتوقع أنها ستشمل رؤساء لأن ذلك سيعني قرار بقطع تواصل المجتمع الدولي مع هذه الشخصيات، العقوبات هي السلاح الأخير في المعركة لكن لا ضير من التلويح بها عبر التسريبات الاعلامية و التي  بدأت منذ أكثر من عام “.

السفير السابق رياض طبارة
السفير السابق رياض طبارة
السابق
تمسكه بالسلطة لا يمنع فقدان «حزب الله» مكانته الشعبية.. بداية النهاية!
التالي
بالفيديو: قتيل اللوبية يُفجّر العلاقة بين «أمل» و«حزب الله»..«نصرالله عدو الله»!