الحكومة تتهاوى.. ماذا عن أزمة الحكم؟!

حسان دياب
وضع إنفجار مرفأ بيروت النظام السياسي في لبنان، تحت مجهر المجتمع الدولي الذي بات (بعد مرور ساعات على الكارثة) يبحث عن إدخال تعديل جوهري على نظامه السياسي ليعيد إليه بعض التوازن الذي فقده نتيجة هيمنة فريق واحد (حزب الله وحلفاؤه على السلطة في لبنان).

من يومها يمكن إعتبار تلاشي حكومة الرئيس حسان دياب وإستقالتها تفصيل في مشهد أكبر عبّر عنه كلام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من الجميزة حول ضرورة “إجراء تغيير سياسي حقيقي في البلد”، داعيا إلى حكومة وحدة وطنية توقف “الدوار” الذي يعاني منه لبنان نتيجة إستئثار فريق سياسي بكل مفاصل الحكم في لبنان ولهاثه بنهم غير مسبوق وراء المحاصصة على حساب الحقوق البديهية للمواطن العادي، بمعنى آخر تغيير منهجية تعاطي هؤلاء مع القواعد الدستورية والميثاقية التي تبقي لبنان موجودا على الخارطة الدولية والعالمية.

من المرجح أن يكون لإرساء قواعد هذه المنهجية إرتدادات داخلية كبيرة ومفاعيل خارجية أيضا، علما أن الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أعطى إشارة واضحة إلى قساوة هذه الارتدادات في خطابه الاخير حين قال:”الدولة أو الطبقة السياسية إذا لم تصل في هذه القضية( تفجير المرفأ) إلى نتيجة وتحاكم فلا يوجد أمل ببناء دولة”، ولذلك حاول ويحاول الافرقاء ممن سيطروا على الحكومة الالتفاف عليها(منذ مغادرة ماكرون) من خلال الترويج لعملية تعديل وزاري كبير في الحكومة، والضغط على الوزراء الراغبين بالاستقالة بالبقاء حتى ترتيب الامر ومحاولة الرئيس حسان دياب إسترضاء الشارع مرة عبر الدعوة إلى إنتخابات نيابية مبكرة خلال جلسة مجلس الوزراء(اليوم) ومرة عبر إحالة كارثة المرفأ إلى المجلس العدلي، وإعلان مجلس النواب لجلسات مساءلة الحكومة إبتداءا من الخميس المقبل، إلى أن تمّ الاعلان عن إستقالة الحكومة في الوقت الذي يشهد لبنان غليانا هو الاول من نوعه منذ ثورة 17 تشرين، حيث يسمع يوميا (رسميا وشعبيا) دعوات لإستقالة رئيس الجمهورية وليس فقط الحكومة.

الرفاعي لـ”جنوبية”: إما تغيير جذري فلبنان وإما ينتهي

أزمة حكم قد يكون ملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل أحد المفاعيل لهذه المنهجية التي يريد المجتمع الدولي تكريسها في لبنان، ويمكن تلمسها من خلال إعلان رئيس المجلس النيابي نبيه بري أن “المحادثات مع الاميركيين في ملف ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل أصبحت في خواتيمها”، لكن كل هذه التطورات لا تمنع مخضرمين وعلى رأسهم الخبير الدستوري المحامي حسن الرفاعي من القول لـ”جنوبية” أنه “إذا لم يحصل تغيير جذري لبنان الذي كنا نعرفه إنتهى للاسف والسياسيين هم من قتلوه، وتركوا الازمة (المالية والاقتصادية )تتفاقم على مدى 40 عاما إلى أن وصلنا إلى ما وصلنا إليه”.

الرفاعي

لا شك ان  توصيف الرفاعي دقيقا، لكن هل سيأخذ التغيير الجذري (المطلوب دوليا) مجراه الداخلي، فتتراجع شهية الطبقة السياسية عن أكل لحم المواطن اللبناني حيا؟

نجار لـ”جنوبية”: نعيش أزمة حكم و السلطة غير واعية

التكهن بما يمكن أن تأوول إليه الامور في هذه اللحظة الداخلية والاقليمية والدولية المعقدة ليس سهلا، لكن يمكن توصيف العناصر الداخلية التي أدت إلى حصول كل هذا التشابك ورسم صورة أولية لما يمكن أن تسير عليه الامور، إذ يشرح وزير العدل السابق إبراهيم نجار لـ”جنوبية” أنه “بمجرد لجوء الرئيس ميشال عون إلى التحالف العضوي مع حزب الله، عرّض موقع لبنان الاستراتيجي لمخاطر هائلة وكان من المنتظر من إعادة هذا التموضع أن يؤدي إلى ويلات، لأنه لا يمكن لأحد أن يلعب بسهولة بتوازن القوى في العالم”، معتبرا أن “ما نراه اليوم هو أزمة حكم لأن الفريق الحاكم لا يعي أن الحكم لا يمكن أن يكون منحازا بشكل كامل لفريق معين، فحين كان رئيس الجمهورية منحاز لسوريا كان رئيس الحكومة في وادي آخر او بموقع آخر”.

الوزير ابراهيم نجار
نجار

يلفت نجار إلى أنه “كان هناك نوع من حكم مضاد اليوم كل ذلك بات مفقودا، تلاشى التوازن السياسي كليا من لبنان لذلك نشهد إستئثار بالسلطة ومحاصصة غير مسبوقة وتحكم فريق واحد بكل مقاليد الحكم”، مشيرا إلى أن “المحاسبة غابت وسلطات الرقابة صار همها إستمالة الحاكم والتسكع على أرصفة الاقوياء، ولذلك حصلت الاخطاء الكبيرة ولم يعد هناك فصل سلطات، لقد تغيّرنظام  لبنان وهذا ما لا يقبله اللبنانيون”.

تمهيد لإقالة رئيس الجمهورية؟والسؤال الذي يطرح هو في خضم تسارع التطورات هل يمكن أن يكون هذا التغيير سريعا ويطال الرئاسة الاولى أيضا؟ يجيب الرفاعي “العاقل لا يملك معطيات إطلاقا، القضية صارت دولية وبات الجميع يترقب كيف سيحل المجتمع الدولي الأزمة اللبنانية، الرئيس الفرنسي أتى ليقترح حكومة تأليف وحدة وطنية أي كل الطبقة الحاكمة ستعود إلى الحكم، فكيف ستنتهي الازمة إذا”؟

يضيف: “تشكيل الحكومة ليس سهلا والازمة ستطول والله يساعد اللبنانيين وحتى رئاسة الجمهورية ليست بيد اللبنانيين، الازمة اللبنانية طويلة انها طريق جلجلة لا نعرف إلى متى سيستمر و كيف سيعمد المجتمع الدولي إلى إنهائه بسرعة “.ويختم:”هل اللبنانيوين على اتفاق؟ هل يمكن أن يتفقوا؟ عندما يطلب من حزب الله ترك سلاحه هل سيفعل من دون مقابل، وماذا عن موقف باقي الافرقاء؟ وكيف ستتحقق أماني الشباب الموجودين على الطريق ؟ الاجوبة رهن الايام المقبلة”.

يجيب نجار على هذا السؤال من زاوية أخرى، معتبرا أن “المطلوب اليوم تطبيق الدستور بحسن نيه وبشكل متفق مع الاعراف ومع مصلحة لبنان ودوره التاريخي في هذه المنطقة، وما يحصل اليوم ما هو إلا تمهيد للمطالبة الحثيثة بإقالة رئيس الجمهورية، إذا تم حل مجلس النواب وتمت إنتخابات جديدة هل سيعطي النواب الجدد ثقتهم للطغمة الحاكمة اليوم؟ هذا الامر غير وارد”.

ويختم”: صحيح أنه سبق للبطريركية المارونية أن حمت الرئاسة الاولى ومنعت إقالة الرئيس إميل لحود  بالقوة إلا أن الوقائع اليوم أسرع ، و البطريركية المارونية برأيي ليست بعيدة عن نبض الناس”.

السابق
وزير الأشغال يعترف: عرفت بموضوع المرفأ قبل 24 ساعة على الإنفجار!
التالي
تحرّك قضائي.. مواد الذوق المتفجّرة الى التلف!