معلومات خاصة لـ«جنوبية»: العراق يُغير «قواعد الإشتباك» مع ايران!

مصطفى الكاظمي

ذكرت مصادر شيعية رفيعة في بغداد ل “جنوبية” ان الحصيلة النهائية لزيارة رئيس حكومة العراق الى طهران والحراك الدبلوماسي فوق العادة الذي سبقها، يتمثل بتوافق الطرفين على دخول عهد مختلف وقواعد مغايرة نتيجة تحولات عميقة شهدها العراق والمنطقة، وطي صفحة التدخلات السلبية التي ارتهنت بها ملفات الجانبين طوال ١٧ عاما تلت سقوط صدام حسين.

عودة مصطفى الكاظمي

ورغم هذه التقديرات التي تتحدث عنها ارفع القيادات الشيعية في بغداد غداة عودة مصطفى الكاظمي رئيس الوزراء من زيارة طويلة نسبيا الى طهران، الا ان الرأي العام العراقي وكثيرا من الساسة ابدوا استياءهم من شكل الزيارة ولقاء الكاظمي بالمرشد علي خامنئي والتغريدات التي نشرها الاخير على تويتر وامتلأت بلغة تهديد واضحة للتيارات التي تعارض نفوذه في العراق.

وتوعد خامنئي في تغريدات نشرها مباشرة بعد لقائه الكاظمي، التواجد الاميركي في العراق، ما قد يعني تسخينا ميدانيا وسياسيا يخشاه العراقيون، كما التزم خامنئي بمواجهة قوية ثأرا لجنرال حرس الثورة قاسم سليماني الذي قتل في غارة اميركية ببغداد مطلع العام.

وبالمقابل بدت تصريحات الكاظمي حذرة جدا ولم تخل من برود في الموقف، وهو ما اثار استياء الجمهور العراقي رغم ان الكاظمي اعلن ولاول مرة بهذا المستوى، وذكر الايرانيين بنقطة مناورة مهمة وهي ان العراق وقف مع ايران في أزمتها الاقتصادية “كرد لجميل المساعدة في الحرب” ضد تنظيم داعش، ما يعني عراقيا وايرانيا، ان تسهيلات بغداد الاقتصادية لطهران، مشروطة بدعمهم للدولة ضد الفصائل التي تخرق السيادة العراقية بدعم ايراني.

الكاظمي لوح بتسهيلاته الاقتصادية لطهران مقابل تقييد الميليشيات

أسلوب جديد

من جهتها تذكر مصادر شيعية رفيعة ان فريق الرئيس الايراني حسن روحاني ووزير خارجيته جواد ظريف، ينجح تدريجيا في اقناع المرشد خامنئي باسلوب بديل في التعامل مع العراق، لان اسلوب حرس الثورة الزاخر بالعنف والارتجال والتركيز على العلاقات المذهبية، هو نهج تسبب في دفع العراقيين الى ابداء الكراهية الشديدة لايران طوال السنوات الماضية.وتذكر المصادر القيادية هذه ان وزير خارجية ايران وعلى سبيل المثال، لم يلتق رئيس الحكومة العراقية الاسبق نوري المالكي في زيارته لبغداد مطلع الاسبوع، في اشارة الى انه يبحث عن رهانات جديدة في بغداد للتكيف مع قواعد جديدة، حسب المصادر.

ويوضح هؤلاء ان المرشد يستخدم عبارات قاسية للتغطية على اقتناعه تدريجيا بأنه يجب الاستفادة من دبلوماسية روحاني وظريف في التكيف مع قواعد عراقية جديدة لا يريد العراقيون وفقها ان يغرقوا فيما يسمى محور المقاومة المعادي لاميركا، اذ يجب ان يبقى مجتمع شيعي قوي في العراق لا يسقط مع طهران وبيروت ودمشق في امواج العقوبات والقيود الدولية.

اقرأ أيضاً: الكاظمي في طهران زيارة على نصاب مختلف

ويبدو ان ظريف ابلغ بغداد تفهمه لهذه الرغبة العراقية، دون ان يتمكن من منح ضمانات حاسمة بتقييد الفصائل المسلحة العراقية الموالية لطهران والتي يخوض مسلحوها مواجهات بمستوى التمرد المسلح ضد حكومة الكاظمي منذ اسابيع.واعتبر المراقبون اشارة الكاظمي المكررة خلال محادثاته في طهران الى التسهيلات الاقتصادية التي تقدمها بلاده للايرانيين، اشارة الى ان هذا يجب ان يقابلة ضبط ايراني للميليشيات، وقبول بخيارات مؤلمة لتقييدها داخل القيادة العسكرية النظامية، ليتسنى للعراق الانفتاح اقتصاديا وسياسيا على محيطه العربي، واكتشاف فرصة ان يلعب دورا في تخفيف الاحتقان الطائفي في المنطقة مع شركاء معتدلين، لان منطق المواجهة الحاد لم يعد ممكنا تحمله.

السابق
حبيش لـ«جنوبية»: الاصلاحات او الهاوية
التالي
لَوْ دْريان… لودريان!