تململ داخل بيئة حزب الله.. الدولار والعيش يغذيان الغضب

دولار

مع تفاقم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في لبنان بسبب ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة وما يُخلّفه من صعود لأسعار السلع الاستهلاكية بشكل جنوني، يسود داخل البيئة الشيعية المناصرة لـ”حزب الله” حالة من التململ ترجمتها تحركات تتوسّع رقعتها في المناطق المحسوبة عليه وأصوات تعلو رافضةً الغلاء وانقطاع ‏الكهرباء وتكدُّس النفايات في الشوارع وتزايد البطالة ومعدلات الفقر.

وتشي تلك التحركات وإن كانت خجولة نسبيا بوجود تحولات لافتة في مزاج بيئة حزب الله كشفتها الأزمة الاقتصادية الراهنة التي يمر بها لبنان وسط عجز الحكومة المحسوبة على الحزب نفسه عن القيام بواجباتها في مواجهتها.

ومع أن الاحتجاج على التقنين القاسي في التغذية الكهربائية وتردي الأوضاع المعيشية شكل ولا يزال الدافع الأساسي لنزول مؤيّدي حزب الله في محطات سابقة إلى الشارع، غير أنه يُخفي “غضباً” مكتوما.

مظاهر بذخ وثراء

ويقول عماد (اسم مستعار) وهو أحد سكان الجنوب ومطلع على بيئة حزب الله لـ”العربية.نت”: “إن هناك تململاً كبيراً داخل بيئة حزب الله مهما حاول إخفاء ذلك أو الترويج لنظرية “المؤامرة” التي تستهدف الشيعة بشكل عام والسلاح في شكل خاص”.

وأكثر ما يثير نقمة عماد “أن مسؤولي الحزب يفاخرون بمظاهر البذخ والثراء، في حين أن جيرانهم وأقاربهم يموتون جوعاً”. ويقول “هم يشترون السيارات الفخمة و”نقداً” مستفيدين من ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة، لأنهم يتقاضون رواتبهم بالدولار ويقيمون الولائم، حيث تتزاحم أطباق اللحوم (ارتفعت أسعار اللحوم بشكل جنوني متخطّية الـ40 دولارا وفق سعر الصرف الرسمي 1515) مع أطباق السمك الفاخر، ونحن في المقابل نتضوّر جوعاً ولا يكفينا راتبنا بالليرة اللبنانية سد جوع أسبوع”. ويضيف: “ما دام هناك مؤامرة تستهدف الشيعة كما يروّج لها حزب الله، كيف يستمر هؤلاء بحياة البذخ والثراء وكأن شيئاً لم يكن ولا أزمة اقتصادية ومعيشية حادة في لبنان؟”.

فرز طبقي

كما يلفت عماد إلى “أن راتب مسؤول في حزب الله (نحو ألف دولار) بات يوازي معاش نائب في البرلمان (8 ملايين ليرة) وفق سعر صرف الدولار في السوق السوداء”.

ويسأل “لطالما كان حزب الله يُشدد على أهمية وحدة الصف داخل البيئة الحاضنة، فأين يُصرف هذا الكلام في ظل هذا الوضع الصعب الذي نمر به؟ لماذا لا يلتفت إلى ناسه بشكل متساوٍ، خصوصاً في ظل هذه الأزمة التي تمر علينا”.

تباين جمهور الثنائي الشيعي

وانعكس هذا التململ تبايناً داخل جمهور الثنائي الشيعي، حزب الله وحركة أمل الذي لطالما شكّل مضرب مثل في وحدة الصف والموقف في مقاربة الاستحقاقات الداخلية والخارجية.

وفي هذا السياق، رأى رئيس المركز العربي للدراسات والحوار الشيخ عباس الجوهري المعارض لسياسة الثنائي الشيعي لـ”العربية.نت”: “إن هذا التباين بدأ بالظهور مع تردي الأوضاع الاقتصادية والذي أحد أسبابها توتر علاقات لبنان بأشقائه العرب، حيث انقطعت مساعداتهم عنه نتيجة سياسات حزب الله ضدهم لمصلحة إيران”.

كما أشار إلى “أن حزب الله أحدث أزمة طبقية داخل البيئة الشيعية المناصرة له سببها الدولار، وهذا يُنذر بتفاقم الأوضاع بين جمهوره، خصوصاً أن الذين ليس لديهم مدخول شهري من الحزب يُشكّلون نحو 90% من الشيعة المناصرين لـ”حزب الله”.

تخزين مواد غذائية ومازوت

وفي خطوة يريد منها حزب الله امتصاص هذه النقمة، لجأ الحزب وفق معلومات خاصة لـ”العربية.نت” إلى شراء مواد غذائية ومشتقات نفطية، لاسيما المازوت وتخزينها في مستودعات وجوامع في مناطق محسوبة عليه في الضاحية الجنوبية وفي البقاع والجنوب، بهدف تحويلها لاحقاً إلى مساعدات لأبناء بيئته الحاضنة للإيحاء لهم بأنه إلى جانبهم ويساعدهم في لحظات الشدة”.

وفي الإطار عينه، أفادت المعلومات “أن حزب الله يعمل على إنشاء تعاونيات وسوبرماركت في مناطق محسوبة عليه، لاسيما في البقاع تبيع مواد غذائية بأسعار منخفضة جداً مقارنة مع أسعار مناطق أخرى غير محسوبة عليه سياسياً ومذهبياً، وذلك بهدف امتصاص نقمة بيئته من ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية”.

منصة مشتركة

ولا يقف التململ من سياسات حزب الله عند حدود بيئته الحاضنة، بل وصل إلى جمهور “حركة أمل”، حيث شكّلت مواقع التواصل الاجتماعي منذ أيام ولا تزال مسرحاً لتقاذف المسؤوليات عن الأزمة الحالية، ما دفع قيادتي “حزب الله” و”حركة أمل” إلى إطلاق منصّة مشتركة على وسائل التواصل “تعمل على تحديد وتعميم المواقف المشتركة، والتعامل مع أي حساب مشبوه يحاول بث مواد للفتنة والتفرقة”، بحسب ما جاء في بيان مشترك صدر عنهما الأسبوع الماضي.

في حين اعتبر عماد “أن هذه المنصة هدفها إسكات أصوات الناس التي تموت جوعاً، وهي تدخل ضمن سياسة كمّ الأفواه وقمع أي مواطن شيعي يريد رفع الصوت ضد ما يحصل”.

“شمّاعة” المؤامرة

من جهته، أشار نائب رئيس تحرير الشبكة الدولية للأخبار الصحافي محمد عواد في تصريح لـ”العربية.نت” إلى “أن الحزب يلجأ إلى استخدام “شمّاعة” المؤامرة ضد الشيعة وضد سلاحه لمنع الناس من التعبير عن غضبهم”.

وتوقّع محمد وهو صحافي معارض لسياسة حزب الله “خروج البيئة الحاضنة عن “طاعة” حزب الله بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية، وما يجري أشبه بكرة ثلج تكبر يومياً، خصوصاً أن المزاج الشيعي يتغيّر”.

وكما الشيخ عباس الجوهري، لفت محمد إلى “أن التململ لا يقتصر على بيئة حزب الله بل على جمهور حركة أمل”.

السابق
حصيلة جديدة مُرعبة للكورونا في لبنان: 3 حالات وفاة.. وهكذا توزعت الإصابات على المناطق؟
التالي
«حزب الله» و«أمل» يُشرفان على إحتكار المحروقات جنوباً.. اليكم وبالأسماء ما يحصل!