«العمالي» لا ينبض بقلب الثورة..وعودة «الأسمر» إنبطاح مستمر أمام السلطة!

الاسمر خلال المؤتمر الصحافي الذي اساء فيه لصفير
عودة بشارة الاسمر الى الاتحاد العمالي العام وبدفع من الرئيس نبيه بري ورضى بكركي والاحزاب المسيحية يؤكد مدى ارتهان "العمالي" للسلطة وانبطاحه امامها .

بعد 16 عاماً متتالية مكث فيها غسان غصن في رئاسة الاتحاد العمالي العام، انتخبت الهيئة العامة للاتحاد العمالي العام في لبنان، النقابي بشارة الاسمر رئيسا للاتحاد خلفا لغصن في 15 آذار 2017.

والاسمر وهو ابن بلدة جزين يشغل حتى اليوم رئيس نقابة مرفأ بيروت ورئيس اتحاد المصالح المشتركة وهو طبيب اسنان للأطفال ولا يزاول عمله منذ فترة طويلة.

الإساءة لصفير

وفي 20 ايار من العام 2019 وقبيل البدء بمؤتمر صحافي عن القضايا العمالية، وعلى خلفية دردشة بين رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الاسمر واعضاء المجلس، تفتحت “قريحة” الاسمر واطلق نكتة سمجة ومسيئة بحق البطريرك الراحل بطرس صفير، والذي لم يكن مر ايام على دفنه ووفاته وقتها. ولم يكن الاسمر او الحاضرون يعلمون ان الكاميرات لمحطات التلفزة “شغالة” وتسجل ما يدور في القاعة.

إقرأ أيضاً: «الجيش الإلكتروني» يُقدّس مبادرة نصرالله الزراعية..«قمح الخلاص»!

فتسرب التسجيل وقامت الدنيا ولم تقعد ولم يبق احد في لبنان، إلا ودان ما قاله الاسمر وصولاً الى استقالته من الاتحاد وتوقيفه والادعاء عليه  بتهمة إثارة النعرات الطائفية وتحقير الشعائر الدينية وما لبث القضاء ان افرج عنه بكفالة.

واختفى “حس” الاسمر حتى 3 آذار 2020 ، حيث  أصدر قاضي التحقيق الأول في بيروت، جورج رزق، قراره الظني بمنع المحاكمة عن الأسمر بجرم إثارة النعرات الطائفية وتحقير الشعائر الدينية، وقرر إسقاط دعوى الحق العام عنه تبعاً لسقوط الحق الشخصي بحرائم القدح والذم.

الانتخاب- الصفقة

ومنذ ايام عاد اسم الاسمر الى التداول مجدداً من زاوية إعادة انتخابه. وهذا ما تم منذ يومين بإجماع هيئة مكتب الاتحاد العمالي، ومن ضمن صفقة كان عرابها الاساسي الجهات النقابية التابعة لرئيس مجلس النواب نبيه بري، وخصوصاً ان الاخير وفق معلومات “جنوبية” كان تواقاً الى “رد إعتبار” الاسمر المحسوب عليه سياسياً، ككل الاتحادات والنقابات الـ52 التي يتكون منها الاتحاد العمالي العام.

عودة الاسمر الى “العمالي” كانت بصفقة بين بري وبكركي والاحزاب المسيحية والهدف “رد إعتبار” وتقدير لخدماته لـ”حركة امل” وللسلطة!

وتقول المعلومات ايضاً ان المخطط المرسوم لاعادة الاسمر ورد اعتباره يعود الى تشرين الاول 2019 اي بعد بضعة اشهر من استقالته وتوقيفه امام القضاء، الا ان ثورة 17 تشرين الاول وجائحة “كورونا” أثّرا على إتمام الامر. فبقي حسن فقيه نائباً للرئيس وسيّر الاعمال وهو المحسوب على بري ايضاً حامياً للكرسي “الماروني” وشماعة لتتخذها الاحزاب المسيحية حجة للقول ان رئاسة الاتحاد مسيحية ولا يمكن ان يستمر شيعي بإشغالها، وكانت فتوى اعادة الاسمر الى الرئاسة بعد تأمين غطاء مسيحي سياسي وبمباركة بكركي التي صفحت عن الاسمر وتم اسقاط دعوى الحق الشخصي عنه.

بازار وصفقات

الصفقات التي ادارها الاسمر كثيرة في مرفأ بيروت، الى الضمان، فبنك عودة فقضية مصروفي “صدى البلد” و”الوسيط” الى كثير من القضايا العمالية التي دافع عنها بالشكل لكنه باع العمال في المضمون  كما تؤكد مصادر نقابية لـ”جنوبية”.

وبعد انتخابه منذ يومين، اعلن الاسمر ركوبه موجة الثورة والثوار، ومعلناً ثورة العمال على الجوع والطبقة السياسية التي وفق المصادر يقدم لها الاسمر الطاعة ومعه اعضاء هيئة مكتب الاتحاد الموزع طائفياً وحزبياً وكل له حصته من بازارات الاسمر وسمسراته.

إدعاءات الاسمر الثورية تكذبها الوقائه اذ غاب صوت الاتحاد وإنكفأ كلياً وكان في غيبوبة وتخلى عن الشارع والعمال كرمى للسلطة والحكومة.

وعليه ستكون عودة الاسمر تكريساً لاستمرار السياسية نفسها والنهج نفسه والتبعية العمياء للسلطة والحكومة، التي تمعن اليوم مع وزارة العمل في نهش لحم العمال المصروفين بمئات الالاف من اشغالهم ولا حسيب ولا رقيب ولا من يعوض عليهم شقاء السنين. 

التحول بعد الطائف

وليس ممكناً تحديد دور الاتحاد العمالي العام في الوضع الحالي من دون العودة إلى نشأته قبل الطائف وبعده. من الستينيات والسبعينيات وصولاً إلى الحرب الأهلية، كان لدى الاتحاد وقيادته هامشاً في التحرّك دفاعاً عن قضايا العمّال، إلا أن هذا الهامش بدأ يتهاوى بعد نهاية الحرب الأهلية، إلى أن سقط بكامله خلال فترة وجيزة.

كانت هناك خطّة مدروسة ومحكمة للقضاء على هذا الهامش في إطار خطّة للسيطرة على مفاصل السلطة.

ومع بدء العمل باتفاق الطائف، سُلّمت وزارة العمل لوزراء غالبيتهم من لون واحد، لتنفيذ مهمة واحدة: تشتيت المنظمات النقابية وتهميشها، وخصوصاً الاتحاد العمالي العام، وصولاً إلى إلقاء القبض على قرار الاتحاد بكل معنى الكلمة.

تفريخ النقابات والاتحادات النقابية سبق فايروس كورونا بسنوات. عدواه انتشرت بين النقابات العمالية ليصبح عددها 600 نقابة بدلاً من 200 نقابة.

كذلك ازداد عدد الاتحادات المهنية أو الجهوية أو العامة من 21 اتحاداً إلى 52 اتحاداً. كل ذلك من دون وجود حاجة نقابية. كان الهدف زيادة عدد الأصوات في المجلس التنفيذي للاتحاد والإمساك بقراره. وبالفعل هذا ما حصل لاحقاً.

تظاهرة ثورية امام الاتحاد العمالي العام رفضاً لتواطؤه مع السلطة
تظاهرة ثورية امام الاتحاد العمالي العام رفضاً لتواطؤه مع السلطة

وفي 2001 أقدمت السلطة بعد اتفاق بين الرئيسين نبيه بري ورفيق الحريري على تعيين غسان غصن رئيساً للاتحاد، مع مجموعة مكفولة بانصياعها للمكاتب العمالية لأحزاب السلطة. هكذا التقى الحزب التقدمي الاشتراكي مع حركة أمل وحزب الله والقوات اللبنانية والمردة والكتائب والمستقبل والتيار الوطني الحرّ والحزب السوري القومي الاجتماعي.

تعيينات لا انتخابات

لم يعد هناك انتخابات ديمقراطية في الاتحاد، بل تعطّلت هيئاته وأُلغي دور مجلس المندوبين، رغم هامشيته، واختُزل دور المجلس التنفيذي بهيئة المكتب حصراً، كما اختُزلت الهيئة برئيسها الذي اختزل بدوره قرار المكتب العمالي، حتى بات تعيين رئيس الاتحاد وأعضاء القيادة يأتي بقرار لا يمكن الجدال فيه. ينطبق هذا الأمر على تعيين بشارة الأسمر ثم تكليف حسن فقيه بالرئاسة.

وبالطريقة نفسها، تمت تسمية مندوبي الاتحاد العمالي في مجلس إدارة الضمان الاجتماعي (يحق للهيئات العمالية الأكثر تمثيلاً بعشرة أعضاء في مجلس الإدارة)، وفي مجالس العمل التحكيمية ومختلف الهيئات الثلاثية التمثيل التي يشارك فيها الاتحاد وينتج عنها مصالح ماديّة (بدلات الحضور في الجلسات)، كما ينطبق ذلك على المشاركة في المؤتمرات الدولية والعربية، وهي النشاط الوحيد الذي يقوم به الاتحاد.

السابق
ما جديد إصابات كورونا في مخيم للاجئين في صور؟
التالي
في صيدا:أصحاب الملاحم ينتفضون لإقفال المسلخ!