اللبنانيون على «الأرض يا حكم».. هل يصلح الغرب ما أفسده الشرق؟!

علي الأمين

صحيح ان لبنان يحيا تاريخياً تحت خبط أمواج الأزمات المتلاطمة، ولم يهنأ أهله يوماً بعيش كريم داخل وطنهم بالمعنى التقليدي، لكنهم على الرغم من ذلك تمكنوا من تمرير قطوع أزمة تلو الأخرى.

 إلا انهم هذه الأيام يتحضر أهل البلد لإعلان إستسلامهم تحت نير هذا القهر الممنهج، الذي بدأ يتجلى  بأشكال لم يعهدوها من قبل تتراوح بين الموجعة والمبكية والعنيفة، من جراء الضغوط المتزايدة لتآمر السلطة “السادية” داخل الحدود وخارجها عليهم،  مستعينة ب”أساطير” من الشرق لقطع الطريق على الغرب، والتي “تتلذذ” بتعذيبهم والتفرج عليهم يستغرقون في صراخهم و آهاتهم المؤلمة، و على رأسها “حزب الله” الراعي الرسمي للعهد والحكومة، التي أنتجت “أم الأزمات” ولم تترك لهم مجالاً للمناورة وافقدتهم السيطرة على تفاصيل حياتهم برمتها، فتركتهم على “الأرض يا حكم” و على طريقة “ضربتك.. قتلتك”!.

القطاعات الاقتصادية والجامعية والتربوية مرورا بالسياحية والمصرفية تتعثر وتتقهقر واحداً تلو الأخر او كحلقات متصلة ومترابطة، وهذا الحال مرشح لمزيد من التردي طالما أن السلطة بمختلف ادواتها وبراعيها “حزب الله” ليس لديها ما تقدمه من حلول سوى تلك الأهازيج عن “المنكوش” واستعراضات رئيس الحكومة عن البلد الذي لن يتداعى طالما هو موجود في السراي رئيساً للحكومة.

إقرأ أيضاً: «حزب الله» يتماهى مع «داعش» في كفررمان.. علي الأمين لـ «الحرة»: انه الاستعلاء والاستفراد!

واذا كانت السلطة وسيّدها سماحة الأمين العام، ينافسون المخرجة اللبنانية نادين لبكي في دعوتها المتلفزة للبنانيين من اجل الاهتمام بالزراعة، ولو في الشرفات المنزلية او اسطح المباني، فان ذلك يكشف عن المزيد من الهزال والعجز في مقاربة الأزمة التي بات الحدّ من استفحالها والتمهيد للخروج منها واضحا، ولا يحتاج للكثير من التفكر والتبصر، بل يتطلب قراءة الواقع الاقتصادي والمالي ومتطلباته السياسية الداخلية والخارجية.

بقاء هذه السلطة حاكمة يعني المزيد من التدهور، طالما انها رهنت وجودها في الحكم، بعدم القيام بأي خطوة اصلاحية على مستوى الادارة العامة والسياسات التي احالت لبنان الى الدرك الأسفل بين الدول ماليا واقتصاديا. 

الانهيار بدأ. وسنرى تباعاً سقوط القطاعات الطبية والصحّية، والتعليمية، ومستويات المعيشة، والمواد الغذائية، وبالطبع الليرة اللبنانية. 

في المقابل سنرى المزيد من انهماك قوى السلطة في استنزاف الاحتياط المالي من العملة الصعبة، لدعم الطاقة والصادرات النفطية والقمح وبعض المواد الاساسية، من دون القيام بأي خطوة سياسية تبني الثقة مع المجتمع اللبناني أوالدولي، فيما معظم التقديرات التي تصدر عن مراكز البحث المالي والاقتصادي، لا تبدي ايّ تفاؤل بقيام لبنان بما عليه للحصول على مساعدات من صندوق النقد الدولي.

ان يتحدث السفير الفرنسي في لبنان برونو فوشيه عن “خداع” الحكومة اللبنانية للمجتمع الدولي في مقاربة الأزمة، لهو مؤشر على ان فرنسا التي طالما ميّزت سياستها في لبنان، بمراعاة النفوذ الايراني وسطوة “حزب الله” على الدولة، باتت شديدة الحذر من تغطية السلطة، وما الموقف الذي صدر عن بكركي بشأن استعادة الشرعية، الا مؤشر على الخيبة الفاتيكانية من السياسات اللبنانية التي كانت رئاسة الجمهورية اللبنانية، تعد بانها ستعيد الاعتبار للدولة وشروطها ولو في الحدّ الأدنى.

وبحسب مصادر دبلوماسية غربية، فان زيارة وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان المرتقبة الى لبنان في الايام المقبلة، تحمل في طياتها تحذيرا فرنسيا الى الحكومة اللبنانية لجهة عدم المراهنة التي اعتادتها تجاه تساهل المجتمع الدولي في رفد لبنان في المساعدات كما كان الحال في مراحل سابقة، وهو سيؤكد على ان المبادرة في يد لبنان ولا احد سواه يمكن ان يقوم بصياغة الحلول.

والمسألة التي سيُعاد فرنسياً التأكيد عليها، تتمثل في ان مقررات مؤتمر “سيدر” هي بحكم المنتهية، وهي في مجملها استثمارات لا يمكن تحققها في ظل عدم الاستقرار المالي.

في هذا السياق اكد مصدر دبلوماسي غربي ان فرنسا تبحث في امكانية الحدّ من تداعيات الانهيار على المؤسسات التربوية والصحية والاقتصادية، وكان السفير الفرنسي قد اكد في لقاء خاص قبل اشهر قليلة، ان السفارة تعدّ دراسات لكيفية منع انهيار قطاعات محورية في لبنان، وكيفية مساعدتها فرنسيا وبطرق مستدامة، ويرجح ان يكشف لودريان عن جانب منها.

ومن العناوين التي سيتناولها لودريان في بيروت، تتصل بمستقبل قوات “اليونيفيل”، في ظل التجديد المرتقب لهذه القوات في مجلس الأمن مطلع الشهر المقبل (آب) وبحسب المعلومات فان الولايات المتحدة الاميركية التي كانت اعلنت عبر مندوبتها في مجلس الأمن ضرورة تعزيز دور هذه القوات او عدم التجديد لها، حمل اخيراً قائد القيادة الوسطى للجيش الاميركي الجنرال ماكينزي رسائل واضحة للحكومة اللبنانية ولرئيس الجمهورية، مفادها ان التجديد لليونيفل، سيكون مشروطا هذه المرة بمدى التزام لبنان بتنفيذ القرار ١٧٠١ ولا سيما بالتزامه دعم صلاحيات هذه القوات، ويحمل لودريان الرسالة ذاتها لجهة تعزيز دور قوات اليونيفل، التي سيتم تزويدها باجهزة مراقبة حديثة، تساعد في تنفيذ مهماتها بحسب القرار ١٧٠١، وتشير المصادر الى ان وزارة الخارجية اللبنانية “إستدراكاً” وجهت رسائل الى الدول المعنية ولا سيما واشنطن وباريس تبدي فيها التزام لبنان بمقتضيات القرارات الدولية وتمسكها ببقاء “اليونيفل”، ودعم لبنان لتنفيذ مهماتها.

وفيما اكد نائب امين عام “حزب الله” قبل يومين ان واشنطن تراجعت تكتيكيا لجهة ما يسميه حصارا اميركيا للبنان، فان المعلومات المتقاطعة تشير الى ان الحكومة اللبنانية وبايعاز من “حزب الله”، ابلغت واشنطن ومن خلال الرئيس نبيه بري، استعدادها لانهاء ملف الحدود مع اسرائيل، وكذلك الاستعداد لمعالجة الاشكاليات المتصلة باليونيفل، لا سيما تلك التي تتعلق بوقف عمليات “الأهالي” التي عرقلت الكثير من انشطتها.

لعل اللبناني]ن يراهنون على ما يحمله  القادم من الأيام غرباً، على أمل يصلح بعض ما افسده “عكس” السير شرقاً!.

السابق
مجلس الوزراء «يتذاكى» على المجتمع الدولي.. جلسات إصلاحات «صورية»!
التالي
الدولار مُستمر بالإنخفاض.. اليكم ما أقفل عليه اليوم!