المطران صياح لـ«جنوبية» حول نداء بكركي: الراعي لن يقف متفرجاً.. وينتظر موقف بعبدا

بولس صياح

ليس جديدا أن تتقدّم بكركي في التفكير والمبادرة عندما تتهدّد الأخطار “لبنان العيش المشترك” و”لبنان الوطن والدولة”، بل هذه الصفة لازمتها منذ تأسيس دولة لبنان الكبير وإستمرت على مدى الحقبات والعهود الرئاسية، فكانت تقول ما يجب قوله بصوت عال حينا وخافت أحيانا أخرى وفقا لما تقتضيه المصلحة الوطنية، ويبدو أن الظرف الاستثنائي الذي يعيشه لبنان على كافة الصعد، دفعت البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي (الاحد الماضي) لأن يدعو بصوت عال رئيس الجمهورية العماد ميشال عون “للعمل على فك الحصار عن الشرعية والقرار الوطني الحر، والطلب من الدول الصديقة الإسراع إلى نجدة لبنان كما كانت تفعل كلما تعرض لخطر، والتوجه إلى منظمة الأمم المتحدة للعمل على إعادة تثبيت استقلال لبنان ووحدته، وتطبيق القرارات الدولية، وإعلان حياده”. 

اقرأ أيضاً: عندما تسقط السياسة عند عتبات الخبز والأمن!

تحرُّك البطريريك

هذا الاتجاه الجديد في تحرك البطريريك، يظهر مدى الافتراق حول كيفية معالجة  واقع لبنان المأزوم بين بعبدا والديمان، والتي وصلت إلى حد تصعيد البطريرك في عظاته منذ إندلاع ثورة 17 تشرين وخروجه عن تحفظه المعتاد بعدما تفادى في الفترة السابقة المواقف الحادة،  موجها في ندائه الاخير سلسلة من الاتهامات إلى حزب الله من دون تسميته، لكي يفهم المعنيون أن رسالة رأس الكنيسة المارونية في لبنان هي ضرورة تحييد البلد عن الصراعات الإقليمية.صدى هذه الدعوة تردد بقوة ولا يزال ليس فقط في الداخل بل أيضا في أروقة دبلوماسيي الدول التي تتابع عن كثب الوضع اللبناني، لكن هذا الصدى يبدو أنه لم يتسرب بعد إلى  أروقة المسؤولين اللبنانيين وعلى رأسهم الرئيس عون الذي لم يبادر بعد تجاه الديمان لنقاش دعوة البطريرك الراعي، كما يؤكد لـ”جنوبية” النائب العام البطريركي المطران بولس صياح لافتاً إلى أن “صدى كلام سيد الديمان لم يتوقف بعد داخليا وخارجيا، إذ أعلن البطريرك موقفه تجاه مصلحة لبنان لكن كيف سيتجاوب المسؤولون اللبنانيون تجاه هذا الموقف نحن لا نعرف، ولا علم لي أن سيادة البطريرك قد إستمزج رأي بعبدا قبل إطلاق ندائه، علما أن التواصل لم ينقطع يوما بين البطريركية المارونية والرئاسة الاولى والخطوات المقبلة رهن بالظروف التي ستحصل”. 

النأي بالنفس هو حياد سلبي  أي أن يبعد لبنان نفسه عن الصراعات وهذا جزء من الحياد، نحن لا نريد الانسلاخ أو عدم التفاعل مع محيطنا وقضاياه العادلة

قصة الحياد

هذا السكون الذي يميز موقف بعبدا من نداء البطريرك الراعي، يقابله المزيد من  إهتمام  الفاتيكان الذي تحضر بكركي ملفا (بالتشاور مع السفير البابوي في لبنان) لرفعه إلى الكرسي الرسولي حول الوضع الذي يتخبط فيه وطن الارز، ناهيك عن لقاءات البطريرك الراعي مع سفراء الدول العربية،علما أن نداء الديمان (بالصوت العالي) ليس الاول هذا العام، بل سبقه  نداء لمطران بيروت للموارنة بولس عبد الساتر في إحتفال عيد مار مارون، حيث أعلن أمام الرؤساء الثلاثة أن “الزعيم الصالح هو الذي يختار الرحيل أو التخلي عن الزعامة كا يوم مرات ومرات على أن يخذل شعبه أو يسيء إليه ولو مرة واحدة”، إلا أن  قصة دعوة البطريرك الراعي إلى الحياد ليست جديدة أيضا، كما يشرح المطران صياح فيقول: “قصة الحياد ليست جديدة في قاموس سيدنا البطريرك، إذ طالب بهذا الحياد في العام 2012 ووجه مذكرة في هذا الموضوع،  وتم نقاشها مع الأمين العام السابق للأمم المتحدة بان كي مون خلال زيارته للأمم المتحدة وقد أبدى بان ييومها حماسة  لهذا الطرح، وبالتالي فمفهوم الحياد ليس طارئا على خطابنا، بل هو موجود قبل طرح مفهوم “النأي بالنفس”.

ما يريده البطريرك هو الحياد الايجابي أي الالتزام بالقضايا العادلة وحقوق الانسان وترقي الشعوب والاستقرار، أي أننا لا نريد أن نقف ونتفرح بل أن نتفاعل مع من حولنا إنطلاقا من هذه المفاهيم، من دون أن ننحاز لأي مواقف أو جهات دولية أو إقليمية و في الوقت نفسه لا ننأى عن قضايا العرب والصراع مع إسرائيل، وداخليا أن تكون الدولة على مسافة واحدة من كل الطوائف”.

اقرأ أيضاً: الانتحار يسابق الإنهيار.. أين المفر؟!

إعلان بعبدا

والسؤال الذي يطرح هنا هل يمكن أن يشكل “إعلان بعبدا” الذي تم الترحيب به من الجهات الدولية والعديد من القوى الداخلية، أرضية لهذا الحياد الذي دعا إليه البطريرك الراعي؟ يجيب المطران صياح:”الحياد الإيجابي أوسع وأرحب من مفهوم النأي بالنفس الذي تضمنه إعلان بعبدا، النأي بالنفس هو حياد سلبي  أي أن يبعد لبنان نفسه عن الصراعات وهذا جزء من الحياد، نحن لا نريد الانسلاخ أو عدم التفاعل مع محيطنا وقضاياه العادلة وهذا أهم ما يريده الراعي من ندائه وعسى أن يتبلور عمليا في الأيام المقبلة، فما يريده الراعي هو تقريب وجهات النظر والعمل لأجل كل لبنان، أما تفاصيل مصالحة لبنان مع محيطه العربي فهي من مهمات المسؤولين السياسيين الذين عليهم العمل بجدية لتحويلها إلى واقع”.

السابق
جنبلاط يسخر من دياب.. ما قصة الجامعة الاميركية والمليون دولار؟!
التالي
هل تصل قصة حياة ميلانيا ترامب إلى صالات السينما؟!