لبنان .. أي إقتصاد نريد؟!

الاقتصاد اللبناني

لم  يعرف العالم نظاما يسارياً ناجحاً ولا نظاما اقتصاديا موجها  ناجحا وناشئا عن نظام يساري العقيدة، وفي كل التجارب اليسارية والإقتصادية الموجهة  بتنوعاتها السوفياتية والصينية وما بينهما، كانت الكوارث والمصائب “رفيقة” هذه التجارب بقضها وقضيضها.

اقرأ أيضاً: اتق الله في شعبك أيها الرئيس!

مقولات يسارية

الرائج الآن في نقد النظام الإقتصادي اللبناني، بل نقضه، مقولات يسارية عامة لا تعني شيئا، فضفاضة وهائمة في معانيها ودلالاتها، وهذه المقولات اليسارية لم تفلح ولن تفلح في تقديم نموذج يساري ناجح، من تجربة الإتحاد السوفياتي المنهارة ومنظومته الحمراء الراحلة، إلى كل نموذج يساري آخر، وأما تجربة الصين، فلا علاقة لها باليسار ولا اليسارية ، فاليسارية رحلت عن الصين برحيل ماوتسي تونغ عام 1976، وخليفته الحقيقي ، دينغ شياو بينغ (هوا كيو فينغ مرحلة بين مرحلتين) درس في فرنسا، وأحدث انقلابا فعليا في الصين، حين نقلها من الإقتصاد الإشتراكي ذي التوجه المشدد والمتشدد، إلى اقتصاد السوق، فباتت الصين ذات نظامين: الحزب الشيوعي (والأصح الحزب الكونفوشيوسي) كوسيلة وأداة للحكم، واقتصاد السوق كتعبير عملي عن عودة الصين إلى النظام الرأسمالي.

غير ذلك، فليسمح لنا الأصدقاء اليساريون. اليسارية ماتت في معقليها: الإتحاد السوفياتي والصين. إلى لبنان من جديد :في شهر حزيران/ يوينو 1961 نشرت مجلة “الرائد العربي” وقائع ندوة بعنوان “الصناعيون والتجار في لبنان بين الإئتلاف والإختلاف”، قال فيها رفيق غندور عضو جمعية الصناعيين اللبنانيين: إن الإتحاد السوفياتي يستورد 8 في المائة من الجوخ اللبناني، والمعروف أن الإتحاد السوفياتي كما يقول غندور، يختار دائما الصنف الأجود والأرخص .وكتب الدكتور طلحة اليافي المدير العام لـ”بنك التسليف الزراعي والصناعي والعقاري” في بيروت (مجلة “الرائد العربي” شباط/ فبراير 1961) فقال: “يُعتبر لبنان اليوم، من أكثر بلدان الشرق الأوسط تصنيعا”.

كان حجم الإقتصاد اللبناني في عام 1960 حوالي 850 مليون دولار، وكان حجم اقتصاد سنغافورة 700 مليون دولار. انظروا أين كان لبنان وأين كانت سنغافورة وانظروا أين أصبح لبنان وأين أصبحت سنغافورة

جاء في تقرير أعدته “غرفة التجارة والصناعة” في بيروت عام 1953، بمناسبة انعقاد الدورة الثالثة لمؤتمر التجارة والصناعة والزراعة للبلاد العربية في العاصمة السورية دمشق:

ـ “إن صناعات الغزل والنسيج تحتل مركز مرموقا في الصناعات اللبنانية، بما فيها السجاد ، وفي مناقصة دولية أجرتها مؤخرا حكومة باكستان، فاز لبنان بالكمية نفسها التي فازت بها إيطاليا واليابان”.

ـ ” يقوم لبنان بإنتاج النعال والجلود ، ويعترف الإخصائيون في أوروبا وأميركا بأن الإنتاج اللبناني من الأفضل في العالم”.

ـ ” نجح لبنان في صناعة المصاعد الكهربائية والمصابيح، والأسلاك المعدنية، والمسامير والبراغي، وآواني الأولومنيوم، وأدوات السفرة المعدنية، ومصنوعات البلاستيك، ومقابض المفروشات، ونعال المطاط، والمفاتيح والستائر المعدنية، وطباخات الكاز، والأسنان الإصطناعية، ومن أجل رفع مستوى الإنتاج وتحسينه، أنشأ لبنان معهدا صناعيا هو الأول في الشرق الأوسط”.

السياسة الفاشلة

أغلب السياسيين اللبنانيين الفاشلين، لا يعرفون أن الليرة اللبنانية في سبعينيات القرن العشرين، كادت في طريقها للتحول إلى عملة تجارية ـ دولية، وفي الطريق نحو “تدويل” الليرة اللبنانية، راحت دولة مثل الهند تعتمد العملة اللبنانية في تعاملاتها التجارية، وكذلك هو الأمر مع شركة “رينو ” الفرنسية” لصناعة السيارات، وشركة النفط الوطنية الجزائرية المعروفة بـ”سوناطراك”، وفي هذا السياق كتب الياس سابا (مجلة “الرائد العربي” ـ شباط / فبراير 1961) فقال: “في مجال تثبيت قيمة نقده الخارجية، على لبنان أن يقوم بكل ما من شأنه أن يعزز الليرة اللبنانية كنقد مناطقي يشمل الشرق العربي بكامله”.

لنقرأ مرة ثانية: – لبنان الأكثر تصنيعا في الشرق الأوسط خلال ستينيات القرن العشرين.

ـ العملة اللبنانية تكاد تتحول إلى عملة دولية ، وثمة من يرى بضرورة تحويلها إلى عملة اقليمية على مستوى الشرق الأوسط. كيف يكون النظام الإقتصادي اللبناني فاشلا؟ وإذا كان فاشلا فكيف يكون النجاح والفلاح؟

اقرأ أيضاً: بين «وصية» محسن إبراهيم و”تقية” حسن نصرالله!

أخيرا تبقى هذه الحقيقة التي لا يعرفها أكثر أهل السياسة الفاشلين في لبنان، تلك الحقيقة تقول: كان حجم الإقتصاد اللبناني في عام 1960 حوالي 850 مليون دولار، وكان حجم اقتصاد سنغافورة 700 مليون دولار. انظروا أين كان لبنان وأين كانت سنغافورة وانظروا أين أصبح لبنان وأين أصبحت سنغافورة. المشكلة في النظام الإقتصادي الحر أم  في  فساد أهل النظام؟ المشكلة أن أهل  الفساد خربوا  النظام الإقتصادي اللبناني، ثم يأتي أهل اليسار ليضيفوا إلى خرابه خرابا! هل يتحمل لبنان خرابين؟ خراب الفساد وخراب اليسار؟ عشتم وعاش لبنان.

السابق
بالفيديو.. عندما كان نصرالله يحلّل قطع الطرقات!
التالي
النكبات اللبنانية مستمرة وعداد «الكورونا» الى إرتفاع..تسجيل 22 إصابة جديدة!