لبنان لا ينظر خارج «الصندوق».. و«قيصر» يدخل «متاهة» الحكومة!

الحكومة اللبنانية والكورونا

في وقت يتموضع لبنان تحت مجهر صندوق النقد الدولي الذي يراقب من خلاله تنفيذ لبنان الخطط الإصلاحية المالية الموعودة، ويتصرف الحكم في لبنان وكأن لا أزمة مع المجتمع الدولي ولا من يتأزّمون، ولا مفاوضات مع البنك الدولي ولا من يفاوضون، ولا ثورة على الأرض ضد “نتنه السياسي” ولا من يثورون، ويسير في سياسة المحاصصة الفجة الفاقعة والبغيضة بين رجالات الفساد والسرقات ونهب المال العام التي قد تؤدي إلى نسف أي إنجاز مع الـ(IMF).

اقرأ أيضاً: «قيصر» يسطع بغضبه على الحكومة «المغضوب عليها»!

الأزمات

وفي ظل مؤشرات إلى أزمة رغيف إثر أزمة المازوت التي أسفرت عن زيادة 5000 ليرة على الصفيحة، مع تحذير بيان “اتحاد نقابات أصحاب المخابز والأفران” من المخاطر على استمرارية عمل القطاع، بسبب “الصعوبات التي يعاني منها اصحاب المخابز مع بداية مؤشرات إلى فقدان مادة المازوت وغلاء المواد الاولية والحاجة الملحة الى الدولار لتسديد ثمنها والتعبئة العامة ونظام المفرد والمزدوج المعوِّق سير العمل، وبخاصة المعلومات المتداولة عن ضرائب جديدة”.

ومع الترقب والحذر على الساحة اللبنانية في ظل التهاوي السريع  لليرة السورية إلى مستوى قياسي جديد (3000 ليرة مقابل الدولار مقابل 47 ليرة مقابل الدولار في بداية الحرب الأهلية السورية في 2011) قبيل فرض المشروع الأميركي للعقوبات المعروف بـ”قانون قيصر”، الذي من المتوقع أن يكون الأشد في مشوار الحصار المالي على الكيانات والأفراد المرتبطين بنظام الأسد، وهستيريا جمع الدولارات في سوريا لحماية المدخرات، وإيقاف تجار كثر التعاملات التجارية، وبخاصة مع  الشركات السورية المرتبطة بالحكومة، ترقبًا لوقع القانون على السوق السورية.

عودة التظاهرات المنددة بالنظام السوري

وفي ظل عودة التظاهرات المنددة بالنظام السوري والمطالِبة برحيله، وإن بخجل حتى الآن، وفي ظل رفض مصدر في وزارة الخارجية السورية العرض الأميركي الذي قدمه المبعوث الأميركي إلى سوريا جيمس جيفري في لقاء مع عدد من سوريي الخارج عبر الفيديو قبل يومين “بقيادة عملية سياسية تؤدي إلى الخروج من الأزمة ومن الممكن ألا تقود إلى تغيير النظام”، إثر قوله إن “العقوبات الأميركية ضد دمشق نزعت من النظام القدرة على إدارة سياسة اقتصادية فاعلة، كما منعته الأزمة الاقتصادية في لبنان من تبييض الأموال في المصارف اللبنانية”، وإن قانون قيصر الجديد المعلَّل بممارسات لاإنسانية للحكومة السورية بحق شعبها والذي يدخل حيز التنفيذ هذا الشهر، سيطاول جميع الأفراد والشركات الداعمة للنظام، وعددًا من الصناعات السورية المتعلقة بالبنية التحتية والصيانة العسكرية وإنتاج الطاقة، كما سيطاول “أي نشاط اقتصادي أو تعامل مع النظام الإيراني”، بما يعنيه من امتداد إلى الحزب الإيراني على الأراضي اللبنانية، وفي ظل تفلّت الدولار اللبناني من الخضوع لكل الإجراءات الحكومية للتحكم بسعره وضبط سوقه السوداء التي دفعته علوًّا الثلثاء إلى 4150 ليرة صباحًا، و4600 مساءً، على رغم الاتفاق بين مصرف لبنان ونقابة الصرافين لإبقاء الدولار تحت سقف محدد برعاية الحكومة، التي أوعزت إلى المديرية العامة لأمن الدولة تسيير دوريات في المناطق وأمام محلات الصيرفة لضبط أي تلاعب بسعر الدولار منها أو أي أعمال صيرفة غير شرعية من البائعين الجوّالين، وعلى رغم حملة القاضي علي ابراهيم بحق الصرافين الذين لم يلتزموا بتسعيرة النقابة اليومية، وادعائه على خمسة منهم، وكذلك على رغم محاولات حاكم مصرف لبنان رياض سلامة عبر تعميماته المتكررة لمنع تسرّب الدولار، والتي سرعان ما تتحول إلى سراب بِقِيعةٍ يحسبه الظمآن ماء، وكان آخرها تعميم أمس الثلثاء، الذي طلب “من الصرافين المرخصين فئة “أ” بأن “يقدموا إلى مصرف لبنان طلبات لشراء الدولار تبعاً للأسعار اليومية لنقابة الصرافين التي يُفترض ان تنخفض تدريجياً، مع تعليلها بذكر اسم المستفيد، ليقوم المصرف خلال 48 ساعة بتحويل الموافَق عليها الى المصارف التي يذكرونها، لتقوم بدورها بتسديد هذه الطلبات وتسليم الاموال نقداً”…

المحاصصة الفاقعة

على رغم كل ذلك، مجلس الوزراء اللبناني “العتيد” بقضه وقضيضه يقرّب موعد انعقاده يومًا، من الخميس إلى الأربعاء، لإقرار تعيينات في ثمانية مواقع رسمية، كرمى لعيون رجل نبيه بري المقترح لمنصب المدير العام لوزارة الاقتصاد محمد أبو حيدر، لأنه يبلغ الخميس التاسعة والثلاثين وهو يجب أن يعين قبل بلوغها كي يستطيع العمل في الإدارة الرسمية 25 عامًا قبل بلوغه سن التقاعد في الرابعة والستين، كما ينص قانون التعيين من خارج الملاك. والمصيبة أنه سيتم التلاعب بتاريخ تعيينه فيسجَّلَ في اليوم الذي صدر فيه ، في حين ينص الدستور على وجوب أن يمرر قرار التعيين إلى مجلس الخدمة المدنية الذي يوافق عليه خلال خمسة عشر يومًا، وهو ما لن يحدث. فما الذي سيقدمه بري مقابل “التمريقة” التي قدمها إليه “التيار الوطني الحر”؟ طبعًا، ووفق مبدأ “مرّقلي لمرّقلك”، سيمرر بري “تمريقة” للتيار تتمثل في حصة صادمة من التعيينات، وبمنطق المحاصصة الفاقعة ذاته، ردّ زعيم “العهد القوي” ميشال عون توقيع مشروع مرسوم التشكيلات والمناقلات القضائية التي اعدّها مجلس القضاء الاعلى على رغم توقيع حسان دياب والوزراء المعنيين، إلى الامانة العامة لرئاسة مجلس الوزراء (بخلاف ما ينص عليه القانون، الذي يمنح رئيس الجمهورية في هذه الحال خيارين فقط: إما التوقيع أو حفظ الملف في الجارور)، أبلغ فيه دياب فذلكته في الردّ التي سمّاها ملاحظات (انظرها في آخر المقال)، ليوصلها دياب إلى الوزراء المعنيين “من دون أن تؤسَّس على هذا الكتاب أيّ سابقة دستوريّة” تتعلق بـ”امتناع الرئيس عن توقيع مرسوم عادي يخضع” –برأيه- “لتقديره المطلق عملاً بأحكام الدستور ومستلزمات قَسَمه”.

ومن اليوم حتى بداية تطبيق قانون قيصر على سوريا، وفي ضوء معلومات من الولايات المتحدة تفيد بأن الإدارة الأميركية قد تدمج القانون مع الآخر المعروض أمام الكونغرس حول عقوبات على لبنان وحكومته، يتبادر إلى الذهن سؤال: هل كان توزيع “قانون قيصر” في جلسة 4 حزيران الماضي على الوزراء اختيارًا محضًا من الرئيس دياب؟

تعيينات محاصصية مستفزة بامتياز سوف تشهدها جلسة الأربعاء بدلًا من الخميس، فكل اسم مطروح فيها محسوب على فريق معين، ما يعني عدم الفرق بين هذه الحكومة وأي حكومة سبقتها، ما يفرّع شعارات حسان دياب عن الحيادية والبعد عن السياسة والسياسيين من كل مضمون.

آلية التعيينات

بالمضمون، تجاهلت الحكومة قانون آلية التعيينات (قانون عدوان الذي أقرّه البرلمان في 28 أيار الفائت) وألقت به في سلة المهملات، بحجة أنه لم يُنشر بعد في الجريدة الرسمية، بعد أن عارضه عون وقال رئيس تكتل “لبنان القوي” جبران باسيل إنه سيطعن به، أما دياب الذي رفض الأسماء الواردة في التعيينات المقترحة في آذار فإنه يسير بها اليوم على رغم أن الاسماء هذه لم تتغير، “رافعًا العشرة” كما يقولون، ومقحمًا نفسه في نادي المحاصصة بقوة. أما التعيينات المنتظرة التي من المتوقع أن يكون للتيار الوطني الحر فيها حصة الأسد، فهي: محافظ بيروت – نواب حاكم مصرف لبنان الأربعة – مفوض الحكومة لدى مصرف لبنان – رئيس وأعضاء لجنة الرقابة على المصارف – رئيس وأعضاء هيئة الأسواق المالية – المدير العام لوزارة الاقتصاد – المدير العام للاستثمار في وزارة الطاقة – رئيس مجلس الخدمة المدنية. وقد عُلم أنه سيتم في الجلسة تعيين سيدة من الطائفة الارثوذوكسية محافظًا لكسروان وجبيل (وهو تعيين دفع النائب رولا الطبش –مستقبل- إلى القول إن “أحدهم أمر دياب به”، وإنه تعيين “يخل بتوازن المحافظين، لان محافظ جبل لبنان يترأس مجلس الامن الفرعي للمحافظة فيأتي دياب لقضم دوره وتحجيمه ومنحه جائزة ترضية لأحدهم وكسر التوازنات على حساب الطائفة السنية فيما دورك هو ضمان الحقوق الوطنية والتوازنات الداخلية”)، والقاضي مروان عبود محافظاً لبيروت، لتحصل بذلك الطائفة الارثوذوكسية على حصة الاسد في التعيينات الحاصلة، وكذلك مدير عام الحبوب والشمندر السكري. ولم يُتأكد بعد إذا كان التوافق تمّ على مجمل هذه المراكز وخصوصاً على رئيس مجلس الخدمة المدنية حيث يتمسّك رئيس الحكومة حسان دياب بتعيين القاضية رندة يقظان.

اقرأ أيضاً: «قيصر»… بوتين أمام استحقاق «مصير» الأسد

ومن اليوم حتى بداية تطبيق قانون قيصر على سوريا، وفي ضوء معلومات من الولايات المتحدة تفيد بأن الإدارة الأميركية قد تدمج القانون مع الآخر المعروض أمام الكونغرس حول عقوبات على لبنان وحكومته، كون غايتهما واحدة، وهي مواجهة ايران ووكلائها في المنطقة، يتبادر إلى الذهن سؤال:هل كان توزيع “قانون قيصر” في جلسة 4 حزيران الماضي على الوزراء اختيارًا محضًا من الرئيس دياب؟

الأغلب أنْ لا، فـ”قيصر” الحكومة المدجج قد ضغط على الأغلب لإدراج مناقشة “قيصر” الأميركيين على طاولة مجلس الوزراء من خارج جدول الأعمال، لما يتوقعه من تأثيرات ستطاولُ الوضع اللبناني برمّته نتيجة ربط المبعوث الأميركي إلى سوريا جيمس جيفري قبل يومين في لقاء مع عدد من سوريي الخارج عبر الفيديو، هذا القانون بالعقوبات السابقة على سوريا، والتي أثرت برأيه على الساحة اللبنانية، عندما قال إن “الأزمة الاقتصادية في لبنان منعت النظام السوري من تبييض الأموال في المصارف اللبنانية”.

السابق
جبهة «تويتر» اشتعلت.. فتفت يهاجم جعجع ثم يسحب تغريدته.. ماذ قال؟!
التالي
للمرة الأولى.. الدولار يلامس الـ 6000 ليرة؟!