«أم الفقير» جاعَت.. لهذه الأسباب تُساق الليرة السورية اليوم إلى النعِش!

الليرة السورية

تفاخر السوريون بحضنهم العربي الواسع، وبأن دمشق بأسواقها الشعبية توّفر أفضل البضاعة بأرخص ثمن، وكيف لا وهي تقع على خط التجارة القديم فتجد في كل زاوية منها سوقاً لحرفة ميعنة ما زالت تحمل أسماءها الأثرية من الدباغة إلى الصاغة والحرير.

لكنّ الموت الذي حلّ بالسوريين بجميع أطيافهم لم يحمل فقط نيران الأسد وميلشياته، بل تعدى ذلك إلى جحيم الجوع، فـ”أم الفقير” كما يحلو للبنانيون تسميتها باتت جائعة بمعدل فقر قياسي وصلت حسب آخر الإحصاءات إلى 87% من حجم السكّان، وهو ما ينذر بكارثة مجتمعية على جميع الصعد.

إقرأ أيضاً: أسرار إنهيار الليرة السورية..«حزب الله» يسحب الدولار من الشام ورامي مخلوف يُهربه الى الخارج!

فالدولار الذي انهار من 700 ليرة سورية في تشرين الأول الفائت إلى 3200 ليرة اليوم في أعلى رقم بتاريخ صرف العملة السورية، يؤكد أن الحلول الجراحية المؤقتة التي حاول نظام الأسد إقناع مواليه بها لسنوات وسنوات لم تعد تنفع، فملامح الانهيار الجماعي بدأت قبيل أيام من تطبيق القانون الأمريكي الأقسى على نظام الأسد “قيصر”.

وحيث يمكن تلخيص تداعيات أزمة الدولار التي تفاقمت نحو جحيم أحمر بهذه الأسباب

أسباب انهيار الليرة السورية

الاحتياطي في أسوء مراحله

دخل الاقتصاد السوري مسار الثورة في ربيع 2011 باحتياطي سوري قدره 17 مليار دولار، وهو رقم كان تحتفظ به خزانة المصرف المركزي عن طريق المعادن الصلبة كالذهب والنقد الأجنبي، ليتراجع اليوم حسب محللين اقتصاديين إلى ما يقارب 300 مليون دولار فقط في خزينة الدولة وهو ما يعني في علم الاقتصاد إنذار بالإفلاس المدوي لقدرة العملة المحلية على الصمود بعدما فقدت قيمتها الشرائية من 47 ليرة للدولار الواحد في شباط 2011 إلى 3200 ليرة في الثامن من حزيران عام 2020.

لا زراعة أو صناعة أو تجارة

يعتمد الاقتصاد السوري على الإنتاج الزراعي كأحد روافد الخزينة العامة، ومحرّك لعجلة الاقتصاد في المحافظات السورية التي تنشط بزراعات متعددة لتنوع البيئات الطبيعية والمناخات على امتداد سوريا ما يسمح بإنتاج القمح كما القطن والحمضيات والفواكه والخضراوات.

إلا أن نظام الأسد عاقب المواطنين بإقدام ميليشياته على إحراق الأحراش الزراعية مع مطلع كل صيف خلال السنوات الفائتة ما سبب بتآكل ملايين الهكتارات الزراعية وعدم وجود تعويض لأصحابها، دون أي محاسبة قانونية لمن يقف خلف هذه الحرائق.

لعبت مؤسسة الاتصالات دوراً كبيراً في أزمة الليرة على إثر الخلاف العلني بينها وبين رامي مخلوف مدير شركة “سيرتيل”

فضلاً عن أن النظام لم يساعد الفلاحين بإيجاد الحلول بل رفع سعر المواد الضرورية للإنتاج الزراعي بنسبة 100% نهاية العام الماضي، ما حرم قسم كبير من التجار من الاستمرار في الزراعة.

فضلاً عن تضرر القطاع الصناعي نتيجة توقف مجموعة من المدن الصناعية عن العمل، وتسليم إدارة القطاعات الصناعية الكبرى لرجال أعمال متورطين مع النظام في فسادهم مثل سامر الفوز، مع توقف التبادل التجاري مع عدد كبير من الدول بسبب سياسات النظام، وهو ما يزيد من عزلته إثر تطبيق قانون قيصر.

أزمة مخلوف-الأسد

التصدّع في العائلة الحاكمة شهد في الأشهر الأخيرة الشرخ الأكبر بعد كر وفر بين القصر الجمهوري متمثلاً بأسماء الأسد زوجة الرئيس وابن خاله رامي مخلوف، والذي تعرّض لصفعة قاسية من النظام الذي منحه أرباح بالمليارات ولم يبخل مخلوف بدعمه بالسلاح والمقاتلين.

إلا أن خطر نفوذ مخلوف والحاجة لرفد خزينة الدولة المنهارة من مليارات رامي، دفعت مخلوف للتمرد والظهور بشكل علني أدى لزيادة الاحتقان وسبب بلبلة كبيرة في أوساط السياسة السورية.

إقرأ أيضاً: على أبواب قانون سيزر.. الليرة السورية تنهار إلى مستويات قياسية

قانون قيصر

حضرَ قانون قيصر على طاولة الكونغرس في الولايات المتحدة منذ عام 2016 لكن إدارة أوباما رفضته، ودفعته إدارة ترامب للتأجيل مرات عدة حتى اتخذ صيغ متعددة وصلت إلى صيغة معدّلة تشمل الجانب الاقتصادي فقط من العقوبات على الكيان والأفراد الذين يساهمون في دعم نظام الأسد، وبعد أن أقر القانون مطلع العام اتخذ صيغة تنفيذية أدت بالليرة إلى الانهيار التدريجي والتي زادت جائحة كورونا من حدى انهيارها، هذا ولن يبدأ تطبيق الدفعة الأولى من العقوبات قبل 17 حزيران ما سيزيد من تعقد المشهد الاقتصادي في سوريا خلال الفترة القادمة.

خشيت روسيا من مفاعيل قانون قيصر فسارعت لتعيين مبعوث رئاسي لها في دمشق وإبرام عقود سيطرة على منشآت برية وبحرية تابعة للدولة السورية.

النفط المسروق

يشكّل النفط واحدة من الدعامات الأساسية للاقتصاد السوري فهو الدخل الأعلى في الميزانية العامة، إلا أن تسع سنوات من التدخل الدولي في خارطة النزاع السوري أخرجت النفط حاله حال مقدرات اقتصادية أخرى من سيطرة الدولة.

وباتت الحقول النفطية مهيمين عليها بشكل شبه كامل من قبل القوات الأميركية في منطقة شرق الفرات، كما امتدت روسيا لتفرض هيمنتها على منطقة القامشلي الغنية استراتجياً بالنفط، ومنحت إيران امتيازات للتنقيب عن النفط واستثماره في دير الزور. ما يعني فقدان الخزينة العامة للدول لأهم مواردها الاقتصادية على الإطلاق.

بذلك يكون الاقتصاد السوري قد تعرض لهزات كبيرة عصفت به ودفعت الشارع المستكين للصراخ بشطريه المعارض والموالي في أكبر أزمة اقتصادية يواجهها النظام ولا يجد إلا حلاً إلا أن يخرج بثينة شعبان إلى الضوء مجدداً كي تقول: “عليكم الصمود”!.

السابق
الصرّافون ينقضون الإتفاق.. الدولار يُحلّق مجدداً فوق الـ4000!
التالي
بعد تظاهرة السبت.. «لقاء تشرين» ينعي الحكومة: ورقة التين سقطت