عندما يدس «حزب الله» 1559 في حراك ٦ حزيران!

علي الامين

ينتقل “حزب الله” الى مرحلة من التحكم بمفاصل الدولة ومصائر الناس، يُمكن ان تُعد الأخطر ممارسة وأهدافاً. ولعل التلاعب بالأدلة السياسية والمذهبية والفتنوية في مسارح جرائمه المتمادية بحق الحراك لشيطنته والذي بلغ ذروته امس، لم يحقق له نظرية “الجريمة الكاملة” من ساحة الشهداء إلى عين الرمانة وصولا إلى كورنيش المزرعة.

السحر انقلب على الساحر أمس، وضبط حزب الله ب”الجرم المشهود” وهو يدس شعار القرار 1559 ونزع سلاحه في صفوف وعقول أدواته التخريبية، التي كانت تخلو منها الساحات، وشن حروب طواحين الهواء الوهمية على المنتفضين لإستخدام مظلومية جوفاء ومحاولة بائسة لإفشال صرخة الجوع والقهر بوجهه ووجه العهد والحكومة تهرباً من مسؤوليتهم.

ففي مشهد ٦ حزيران ٢٠٢٠ اعلان ميداني لسقوط “الحجّر السياسي” الذي سعت الحكومة ورعاتها الى فرضه تحت جنح جائحة الكورونا. استكمال عملية ازالة الخيم بقرار من وزارة الداخلية، بعد حرق بعضها في ساحة الشهداء وفي ساحة رياض الصلح، كان مؤشراً على استعجال الحكومة استثمار اجراءات مواجهة الجائحة، لانهاء مشهد ساحات الحراك الشعبي تماما، بعدما كانت نجحت قبل ذلك، احزاب السلطة وعسسها في انهاء بعض الساحات التي رمزت لانتفاضة تشرين، من جل الديب والنبطية وغيرها ومحاولات فشلت نسبيا، في مناطق أخرى في صور وكفررمان وغيرهما.

نزل الاف اللبنانيين الى ساحة الشهداء ليكسروا نهائيا الحجر السياسي، وليسقطوا كل القرارات التي تريد لهم البقاء في بيوتهم، بعيدين عن الشارع وساحات التغيير، والغاية التي دفعتهم الى الشارع التأكيد على ان الشعب لا يمكن ان يهدأ، طالما ان شيئا لم يتغير في سلوك السلطة، المحاصصة على حالها والفساد ايضا، ولا مرتكب جرت محاكمته، ولا سياسات حكومية تخفف من وقع الأزمة الطاعنة في حياة اللبنانيين الى حدّ الانهيار الكامل لنظام عيشهم

حجم التحريض على دعوات النزول الى وسط بيروت في ٦ حزيران، لم يكن عفوياً، ولا تعبر عنه الصاق تهمة انه تجمع للمطالبة بتنفيذ القرار الدولي رقم ١٥٥٩، رغم ان البعض من مجموعات الحراك المحدودة يتبنى هذه الدعوة ولم يتوقف عن المطالبة بتنفيذه، وهذا ليس مطلبا مستجدا وهو لا يخلّ بالأهداف الثابتة التي لا تزال تجمع كامل طيف انتفاضة تشرين، وهو اسقاط الحكومة وتشكيل حكومة مستقلين والتمهيد لانتخابات نيابية مبكرة وتحرير القضاء واستقلاليته.

لم تكن التجمعات الحزبية للثنائي الشيعي على تخوم ساحة الشهداء عفوية، بل شديدة التنظيم، ثمة من يدير ويوجه، وكان انتشار العناصر الحزبية المنظم لنقل الوقائع الى غرفة العمليات التي تدير هذه المجموعات، واضحا لمن يتابع المشهد الميداني، على طول الطرق المؤدية الى وسط بيروت، خصوصا عند تقاطع بشارة الخوري نزولا الى الوسط.

لم يكن شعار “شيعة شيعة شيعة” الذي ينطلق من حناجر الذين تجمعو عند تخوم جسر الرينغ، يجد من يعترض عليه من منظمي هذه المجموعات وموجهيها، وهم كانوا قادرين على ضبطهم، طالما كانت تستجيب هذه المجموعات لتوجيهاتها بالتجمع، وفي التقدم وفي التراجع، وفي استدعاء دعم مجموعات وصولا الى ارسال مجموعات للنزول الى ساحة الشهداء كما حصل امس من دون ان يحصل اي صدام.

إقرأ أيضاً: علي الأمين يُعلّق حول توقيت التظاهرات المطالبة بنزع السلاح.. ما علاقة صندوق النقد؟

لقد تهاوت فكرة ان الجموع في وسط بيروت هي جموع مطالبة بتنفيذ القرار ١٥٥٩، من حضر شخصياُ لا يلحظ وجود ما يوحي بذلك، ولكن في الحد الادنى كان من الصعب ايجاد شعارات تطال هذا القرار، بل كان من اليسير رؤية المطالبة باسقاط حكومة حسان دياب، والمطالبة باستعادة المال المنهوب، والدعوة الى محاكمة الفاسدين، والأعلام اللبنانية التي كانت وحدها ترفرف مرفوعة فوق هامات الجموع المحتشدة.

فشلت عملية وضع الحراك في زاوية القرار ١٥٥٩، فانتقل المحرضون على التجمع الى مكان آخر، الى عين الرمانة في محاولة مكشوفة لخلق توتر طائفي والى كورنيش المزرعة لاستجرار توتر مذهبي، والغاية هي تخريب المشهد الذي شكل امتدادا لمشاهد انتفاضة تشرين.

“شيطنة” الحراك مستمرة وستستمر، من خلال محاولات استعادة ما طوته انتفاضة تشرين، عندما رمى اللبنانيون خلف ظهورهم لعبة السلطة الطائفية، وقرروا النزول الى الشارع كمواطنين لبنانيين متحدين في مواجهة سلطة النهب والمصادرة، لذا محاولات استحضار خطوط التماس المذهبية والطائفية، هي الوسيلة الوحيدة لتحقيق امرين:

اولا، القضاء على الانتفاضة التي وحدت اللبنانيين، تلك التي ادرجها امين عام حزب الله في الخانة الاسرائيلية قبل اسابيع، من دون ان يطال في اتهامه ايّا ممن كان يدرجهم في السابق في خانة المتآمرين لاسيما (الحريري وجنبلاط وجعجع) بل حصر التهمة في مجموعات الحراك.

ثانيا، حماية حكومة حسان دياب التي سيعني سقوطها فقدان “حزب الله” لأداة سياسية هو من خلقها ويحميها ولا وظيفة لها سوى حمايته، وسقوط هذه الحكومة في نظر الحزب وحلفائه، هو دخول في مرحلة لا يريد الحزب الدخول اليها بعد، اي بدء الاصلاح وضرب نظام المحاصصة والفساد الذي يحميه ويحتمي به.

سلاح المقاومة لم يكن هو من جمع المحتجين في ساحة الشهداء، لكن مطلب الدولة وتطبيق القانون كان جوهر التحرك، فيما كشف يوم ٦ حزيران هذا السلاح، في وظيفته الفعلية التي باتت تحول دون التغيير، ويمنع ضبط الحدود، ويدير مجموعات لا وظيفة لها الا استدعاء الفتنة من عين الرمانة الى الطريق الجديدة.

السابق
علي الأمين يُعلّق حول توقيت التظاهرات المطالبة بنزع السلاح.. ما علاقة صندوق النقد؟
التالي
القذائف تُشعل سماء البقاع.. خلاف عائلي يتحوّل الى إشتباكٍ عنيف!