نصر الله «يساوي» نفسه باللبنانيين.. ويظلمهم!

الثورة اللبنانية
كانت وما تزال مشكلة أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله منذ بدايته في العمل السياسي وفي إطار حزبه في لبنان، كانت وما تزال في قياسه وضع وظروف وإمكانات اللبنانيين على وضعه وظروفه وإمكاناته في دائرته الحزبية !

تكشف توجهات السيد حسن نصرالله عن العديد من الشواهد التي كانت تعلنها خطاباته المفصلية في مختلف القضايا التي واجهت اللبنانيين سيما في العقدين الأخيرين..

  ومن شواهد هذا القياس ما جرى في حرب تموز 2006، فقد أعلن عن استعداده وجهوزيته يومها لمواجهة العدوان الإسرائيلي ، وكان ذلك في خطاب متلفزٍ له في إحدى المناسبات الحاسمة، ولكنه قاس يومها وضع اللبنانيين جميعاً في المواجهة مع العدو الإسرائيلي بوضعه ووضع حزبه وتنظيمه، فحزبه كان جاهزاً من الناحية الأمنية والعسكرية عبر شبكة اتصالاته السلكية، وعبر توزيعه الجغرافي لمقاتليه، وعبر نشره الميداني لترسانته من الصواريخ القريبة والمتوسطة المدى التي كان يُرعد ويزبد بها ويتوعد العدو الإسرائيلي بالوصول إلى حيفا وما بعد بعد حيفا ..

اقرأ أيضاً: تحرير الجنوب.. بين «معركة العلمين» وواجب خدمة «صاحب الزمان»!

المدنيون يدفعون الثمن

كان نصرالله يقيس هذه الجهوزية له ولحزبه بجهوزية عامة اللبنانيين الذين لم تكن لهم هذه الجهوزية بالوقائع والعيان .. وقد أظهرت فداحة المشاكل والصعوبات الميدانية التي واجهها عامة الشعب اللبناني منذ الساعات الأولى للحرب يومها بطلان هذا القياس من الأمين العام، فعندما سقطت أولى صواريخ الطائرات الإسرائيلية على أحياء ضاحية بيروت الجنوبية، وفي منطقة الرويس في حارة حريك تحديداً، يومها، ورغم القاء المنشورات التي دعت المدنيين الى الخروج من الضاحية ونزح بعدها اكثر الناس، فقد سقط نتيجة الغارة بعض الجرحى وتهدم ما تهدم من الجسر المذكور والبيوت المجاورة، فلما حصل ذلك وقف أحد الجرحى بالقرب من موقع هذا القصف على حآفَّة الطرق وكان دمه ينزف وعرضته وسائل إعلامية يومها، وقف هذا الجريح يومها لساعات دون أن تأتي سيارة إسعاف واحدة لنقله إلى المستشفى!

مرة أخرى يُطل نصرالله برأسه ليقيس وضع وظروف اللبنانيين عموماً بوضعه ووضع حزبه وظروفه وظروف حزبه الأمنية والعسكرية والنقدية والاقتصادية!

 فقد كانت سيارات إسعاف الحزب مستهدفة من الطائرات المُسيَّرة الإسرائيلية فلم تتمكن طيلة الحرب من التحرك إلا بصعوبة بالغة وبشكل نادر وذلك في كل المناطق اللبنانية سيما الساخنة منها .. فأين كانت الجهوزية التي تكلم عنها أمين عام حزب الله يومها؟!

بل هو القياس الباطل بين الوضعية الأمنية والعسكرية  لمقاتلي الحزب مع الظروف الميدانية الصحية والاقتصادية لعموم اللبنانيين!

 الجوع ولا الاستسلام

واليوم تتكرر التجربة من جديد مع أميننا العام في الأزمات الاقتصادية والمالية والصحية التي تعصف بالبلاد والعباد مستهدفة عامة اللبنانيين.

واذا كان نصرالله يقول ان الأزمة الاقتصادية في لبنان هدفها النيل من رأس المقاومة ومن صمود الحزب في مواجهاته في الداخل والخارج عبر إغراق بيئته في مختلف أنواع الأزمات، فانه يأتي القياس الباطل مرة أخرى ليُطل برأسه من جديد في خطاب أميننا العام في يوم القدس العالمي بالأمس، وليقول مرة أخرى لللبنانيين: ” إننا نرفض خياري الجوع أو الاستسلام”! فهو بذلك يقيس وضع وظروف اللبنانيين عموماً مرة أخرى بوضعه ووضع حزبه وظروفه وظروف حزبه الأمنية والعسكرية والنقدية والاقتصادية!

وهذا القياس تُكذِّبه بيانات رئيس الحكومة الدكتور حسان دياب بالأمس حيث أطلق الصرخة بأن اللبنانيين قد لا يتمكنون من تأمين الخبز في الأيام القادمة بعد توقف دولة روسيا عن تصدير القمح إلى لبنان!

اقرأ أيضاً: حزب الله يعلن سقوط الدولة اللبنانية ويطالب بصيغة «غالب ومغلوب»

وهذا واحد من أوجه ثمرات القياس الباطل لأميننا العام بينه وبين حزبه وبين مجمل اللبنانيين، وهو لم يُخف هذا القياس في الشهرين الماضيين عندما تحدث عن ارتياحه لقدرته على تأمين الدولارات الأمريكية لعناصره ومقاتليه في خطاباته المتكررة التي واكبت أزمة الحجر المنزلي والتباعد الجسدي في ظل تفشِّي جائحة كورونا..
فمتى يعاود أميننا العام النظر في واقعية خطاباته السياسية الاجتماعية الاقتصادية الجامعة ؟ ومتى يُطبِّق سماحته ما درسه في الحوزة العلمية من قواعد علم المنطق الوضعي والرياضي سيما قاعدة الاستقراء الذي يُقسِّمه علماء المنطق إلى تام وناقص، وفي التام يستقرئون كل الأفراد والجزئيات للوصول إلى حكم كُلِّي، وفي الناقص يستقرئون بعضها للوصول إلى هذا الحكم الكلي..
 فمتى يراجع أمين عام حزب الله أحكامه الكلية في شأن الأزمات اللبنانية ليكون واقعياً مع نفسه ومع بيئته المقاومة؟

السابق
ماذا قال بري عن قانون العفو العام؟
التالي
باسيل يعترض ويهدد بمغادرة الجلسة وبري يردّ: «هالكلمة ما بدّي اسمعها».. ماذا يجري؟