ووهان.. أبعد من مسقط رأس كورونا!

ووهان
تتخطّفُ العالمَ برمّته، اليوم، الأجواءُ المرعبة، التي ولّدها الخوف على المصير، من انتشار الوباء الفتّاك، الذي عُرف بإسم وباء فيروس كورونا، أو (كوفيد 19)، الذي اجتاح، منذ مدة وجيزة، وبسرعة قياسية، المعمورة بأجمعها.

هذا، وبما أن لكل عصرٍ وباؤه الخاص – وكما هو معروف تاريخياً – فإنّ وباء كورونا، الذي حصد الملايين من البشر في كل أنحاء العالم، هو وباء عصرنا الحاليّ بامتياز. ذلك لأن أجواءه المرعبة، التي خيمت على الكون بمناخاتها الذهولية المريعة، على الصعيدين الفردي والجماعي، على حد سواء، هي صاحبة الكلمة الفصل في النجاة منه، وفي الموت به.

اقرأ أيضاً: مختبر ووهان مجدداً.. الصحة العالمية تكشف مفاجأة

“مسقط رأس” كورونا! 

وأيضا بما أن لوباء كورونا، ككائن فيروسيً حيّ (ولكل كائنٍ حيٍّ او كائنٍ غير حيّ) مكان وزمان، ولادةٍ بعينها، وبالتالي فإن مكان ولادته هذا، يكون هو نفسه مكان انطلاقته بعد أن تُحوّله العدوى البشرية، إلى وباءٍ عالميٍّ، واسع الإنتشار، كما في حالة كورونا، فإنّ مكان ولادة كورونا – وكما بات متداولاً عالمياً – هو مدينة ووهان الصينية. حيث وُلِدَ فيروس “كوفيد 19″، ومن هناك انطلق إلى كل أنحاء العالم. ونحن هنا نريد التّحدّث فحسب، عن مكان ولادة هذا الفيروس القاتل، لأن زمان ولادته ما زال مجهولاً، حتى الآن، هذا فضلاً عن الغموض الشديد الذي ما زال يحيط بوقت انطلاقته وكيفيتها عالمياً.

استطلاع عن ووهان قبل كورونا 

وعليه فلا بد لي من الإشارة، إلى أنني تذكرتُ أنني اطلعتُ على استطلاعٍ مهمٍ عن مدينة ووهان الصينية، كانت قد أجرته مجلة العربي الكويتية، منذ عدة سنوات، وعندما رجعتُ إلى هذا العدد، وجدته بأنه العدد الـ693، الصادر في شهر ذي القعدة 1437 هجري / أغسطس (أب) 2016 م، فكانت إضاءتنا الآتية هنا، على بعض ملامح هذه المدينة التاريخية في محاولة منّا لتعريف القرّاء الأعزّاء بها، بما تحمله من معلومات عنها، مستقاةٍ مما جاء في هذا الإستطلاع: ولقد حمل هذا الإستطلاع العنوان الآتي: “ووهان… شيكاغو الصين/ مدينة رؤوس الطيور التسعة!”، والذي هو أيضاً عنوان للغلاف، مع شيءٍ من الإختصار: “ووهان الصينية مدينة رؤوس الطيور التسعة!”.

أطاحت ووهان بالنظام الإمبراطوري  وظهر فيها ماوتسي تونج 

أرض الأرُزِّ والسمك

فماذا إذن عن ووهان الصينية ” مدينة رؤوس الطيور التسعة!” التي “صدّرت” الموت على المستويين الخاص والعام إلى العالم!؟ إنّ مدينة ووهان هي عاصمة إقليم هوبيه. وإقليم هوبيه هو مقاطعة معروفة بإسم “أرض الأرزّ والسمك”. وهذه المقاطعة غنيّة بالمحاصيل الزراعية والمعادن المختلفة، ومنها الحديد والفوسفور والنحاس والعقيق.

مواطنو “طيور التسعة رؤوس”

وكما أن مواطني كل محافظة في مصر وفي العالم العربي مشهورون بصفات معينة فإن أهل الصين، يطلقون على مواطني هوبيه إسم “طيور التسعة رؤوس” وهو إسمٍ مشتق من طائرٍ صينيٍّ أسطوريٍّ شرسٍ وصعبٍ أن يُقتَل. فيقولون “في السما تلاقي (تجد) الطير أبو تسع رؤوس وفي الارض تلاقي (تجد) أهل هوبيه”. إنّ السيدات في ووهان يتجمعن ليلاً على الأرصفة الواسعة، ويرقصن في جماعاتٍ، يصل عددها إلى ثلاثين سيدة ونحو رجل أو اثنين او ثلاثة، ويعتبرون الرقص نوعاً لطيفاً مسلياً من أنواع الرياضة. تقع ووهان عاصمة هوبيه في وسط ملتقى نهرَيْ اليانجتسي وهان. وتعرف بأسماء عدة، منها مثلاً  “طريق المقاطعات التسع”، لأنها ملتقى عشرات من السكك الحديدية والطرق السريعة البرية والنهرية التي تمر عبر المدينة وتربط الأقاليم الرئيسة في الصين. وبسبب دورها الرئيس في النقل الداخلي فإنها اكتسبت أيضا إسم “شيكاغو الصين”. 

فضل ووهان على ماوتسي تونج!

والمدينة لها دور وطني بارز في تاريخ الصين الحديث يبرر إسم “طيور التسعة رؤوس” الذي يطلق على سكان هوبيه . ففي عام 1911 كانت ووهان هي موقع الإنتفاضة التي أطاحت بأسرة “كوينج” الإمبراطورية وبالنظام الإمبراطوري الصيني بأكمله .وبعدها بعشر سنوات، كانت ووهان مرة أخرى مركزاً للمقاومة والثورة ضد حكومة “شيانج كاي تشيك” وأدت لإسقاط نظامه، وكانت بعد ذلك سبباً في ظهور الزعيم الاسطوري ماوتسي تونج.

يوهان تربط الأقاليم الرئيسة في الصين

وكانت آخر ثورات المدينة في عام 1967 ضد الضغط المتزايد لما عرف باسم “الثورة الثقافية”، وكانت زوجة الزعيم ماو تقودها، وأدت لتراجع عجلة النهضة الصينية، التي استردت عافيتها الآن.

إمبراطور السماء متأثّراً بإمبراطور الأرض!

تقع مدينة ووهان على ضفاف نهر اليانجتسي، وعلى الرغم من أنّ نهر النيل يفوقه طولاً، إلاّ أن مجرى النهر في هوبيه يتسع أحيانا حتى تظنه بحراً، وقد هدد المدينة بالغرق مرات عدة، إلا أن تراكم الطمي على شكل ربوتين عاليتين قد حماها من هذا المصير.

اقرأ أيضاً: درعا تحت الهيمنة الإيرانية.. ملعب لتصريف المخدرات وطريق تهريب دولية!

ويخبرنا القدماء بأن إمبراطور السماء قد تأثر ببسالة “يو” إمبراطور الأرض في دفاعه عن أرضه ضد فيضان اليانجتسي، فأرسل اللواء الثعبان وزميله اللواء السلحفاة ليتحكما في فيضان النهر. هبط اللواءان من السماء، وبعد دراسة مستفيضة لجغرافية المنطقة، تحولا إلى هضبتين وأحاطا بالنهر فسيطرا عليه وأصبح السكان ينعمون بحياة هادئة مثمرة .وهبط طائرا كرْكيٍّ من السماء ليحتفلا مع السكان بهذا النصر، واستقرّا فوق هضبتي الثعبان والسلحفاة اللذين يرمزان للحكمة وطول العمر، وهما السلاحان اللذان برزا في معركتهما مع الفيضان. 

السابق
بعد الحظر الألماني لنشاطه السياسي..حارث سليمان: «حزب الله» يفقد مكانته الدولية والعربية!
التالي
الطلاب اللبنانيين في أوكرانيا: متى مغادرة مطعم بيروت إلى مطار بيروت…