هل ينبذ المحتجون احزابهم الطائفية ويسترجعون هويتهم الثورية؟

الاحتجاجات في لبنان

ما بين تيّارٍ أزرق وصائحِينَ “شيعة! شيعة!” وحزبٍ أحمر وشتاتِ مجموعاتٍ من تَيّارِ ١٧ تشرين الأوسعِ ومن مجموعاتٍ محلّيّةٍ سبقَ أن نبذَتها ١٧ تشرين، إلخ، تتعارَضُ الوجهاتُ الماثلةُ في الساحاتِ الآن: الذي يريدُ إخراجَ الأزْمةِ والمطالبِ من دائرةِ السياسةِ وحصرَها في مصرفِ لبنان وحاكمِهِ يسعى، في الواقعِ، إلى حمايةِ الحلفِ الحاكمِ (بل أيضاً إلى تشديدِ قبضَتِه) وصرفِ النظرِ عن ضُلوعِ أطرافِهِ المتمادي في تشكيلِ عناصرِ الأزمة… والذي كان إلى أمْسِ فريقاً تامَّ المسؤوليّةِ في الحلفِ الحاكمِ وخرجَ منه أصبَحَ يريدُ إخراجَ نفسِه من دائرةِ المحاسبةِ الشعبيّةِ وحمايةَ نفسِه وما بقيَ له من مواقعِ السلطةِ من هجومِ أطرافٍ حاكمةٍ تسعى إلى الإجهازِ عليه أو إضعافِه… والذي يوسّعُ دائرةَ أهدافهِ من المصرفِ المركزيّ إلى القطاعِ المصرفيِّ كلِّه، مستبعداً الحلفَ الحاكمَ من هذه الدائرةِ، يسعى إلى حمايةِ موقعِهِ في معسكَرِ “الممانَعةِ” الذي باتَ هو نفسُه القابضَ على مقاليدِ الحكم. إلخ.، إلخ. ليس من هؤلاءِ، أخيراً، مَنْ بقِيَ على قولِهِ “كلّن يعني كلّن!”، وهؤلاء (أي حركة ١٧ تشرين بوحدتِها الأولى وبتنوّعها) لا يظهَرُ أنّهم أفلحوا، حتّى الآنِ، في استعادةِ تصدُّرِهم للساحةِ الوطنيّةِ ولقدرتِهم على تعيينِ الهويّةِ السياسيّةِ الغالبةِ للحركةِ الشعبيّة.

اقرأ أيضاً: الاستقطاب الطائفيّ ينقضّ على اللبنانيّين وثورتهم


لسنا إذن حيالَ حركةٍ واحدةٍ الآن. بل إنّ في الموجةِ الحاليّةِ حركاتٍ متعارضةً سيتواصلُ التغالُبُ بينها ويشتدُّ مع الخروجِ من ظرفِ الوباءِ وتفاقُمِ الأزْمةِ الماليّةِ العارمةِ والفقرِ الطاغي وعجزِ الحلفِ الحاكمِ عن الإتيانِ بعلاج. ذاك ما يتعيّنُ على الحركةِ الشعبيّةِ أن تتهيّأَ له إنْ كانَ لها أن تستَعيدَ الخطَّ الذي رسمَتهُ لنفسِها في أشهُرٍ مضت وأنْ ترَسِّخهُ وتزيدَه وضوحاً في الساحات.

السابق
الصرافون مستمرون بالاضراب.. ولا تراجع قبل تنفيذ هذا المطلب!
التالي
بالفيديو.. مواجهات بين الجيش والمحتجين في طرابلس وصيدا: مفرقعات نارية ومولوتوف على مصرف لبنان!