صداع روسي سببه الأسد.. وغياب التخلي لعدم وجود البديل!

بشار بوتين

يبدو أن ارتفاع الصوت الروسي في وجه الأسد خلال الآونة الأخيرة ينذر بتغييرات على صعيد علاقة الكرملين ببشار الأسد بعدما كشفت مصادر إعلامية أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يعاني “صداعاً سورياً” بسبب عناد الرئيس بشار الأسد في ملفات عدة.

يأتي التصريح في ظل تنشيط الملف السوري عبر محادثات جربت بين نائب وزير الخارجية الروسي المكلف الملف السوري سيرغي فيرشينين مع المبعوث الدولي إلى سوريا غير بيدرسن. وأعلنت الخارجية الروسية أن الطرفين بحثا آفاق التسوية السياسية والوضع على الأرض وملف المساعدات الإنسانية. وجاءت المحادثات عشية جلسة دورية لمجلس الأمن حول سوريا اليوم.

التصريحات الروسية المتلاحقة تظهر الأسد كعائق في وجه سياسات موسكو في سوريا

ونقلت وسائل إعلام حكومية عن ضباط في سلاح الجو الروسي أن موسكو بدأت تسيير مروحيات عسكرية في المناطق التي تشن فيها تركيا عمليات في إدلب. وهذا ما يظهر أبعاداً سياسية على خلفية مواصلة النظام شن حملات إعلامية وسياسية ضد تركيا.

التبدل الروسي العلني جاء بعد مقالات قد انتقدت الأسد بقوة، وهو أمر أكدته مصادر قالت أن “من السابق لأوانه الحديث عن تغيير أو تبدل في سياسة روسيا في سوريا”.

لكن في المقابل تظهر الحملة نفاذ صبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إزاء الرئيس السوري بشار الأسد، الذي لم يُظهر عرفانه لروسيا التي ساعدته للبقاء في السلطة.

وكانت وكالة “بلومبرغ” للأنباء قد نقلت عن مصادر مطلعة على النقاشات الدائرة في الكرملين أن بوتين وعلى إثر المعاناة من صدمتي انهيار أسعار النفط وتفشي وباء كورونا المستجد، بالإضافة إلى حرصه على إنهاء التحركات العسكرية في سوريا بإعلان تحقيق النصر، يصر على أن يظهر الأسد المزيد من المرونة في المحادثات مع المعارضة السورية بشأن التوصل إلى تسوية سياسية.

ورأى محللون أن “رفض الأسد التنازل عن أي من صلاحياته مقابل الحصول على مزيد من الاعتراف الدولي، وربما مليارات من الدولارات في شكل مساعدات لإعادة الإعمار، أثارت فورات غضب روسية نادرة ضده”.

إقرأ أيضاً: مظلة روسيا في سوريا: مدرعات للشرطة في شوارع دمشق وحلب لأول مرة!

لكن التصريح الأقوى جاء عن طريق ألكسندر شوميلين، وهو دبلوماسي روسي سابق يدير “مركز أوروبا والشرق الأوسط” الذي تموّله الحكومة في موسكو: “على الكرملين التخلص من الصداع السوري، حيث تتعلق المشكلة بشخص واحد، وهو الأسد، وحاشيته”.

ووفقاً لمحللين فإن عناد الأسد يسلّط الضوء على المعضلة التي تواجهها روسيا، خصوصاً في عدم وجود بديل للزعيم السوري من أجل التوصل إلى اتفاق. وفي حين استخدم بوتين تدخله الناجح في سوريا في عام 2015 لاستعادة النفوذ الذي تمتعت به بلاده إبان الحقبة السوفياتية كلاعب رئيسي في منطقة الشرق الأوسط، لجأ الأسد إلى المناورة بين موسكو وداعمه العسكري الرئيسي الآخر، وهي إيران، للإبقاء على قبضته على مقاليد السلطة.

ولفت خبراء إلى أن بوتين أرسل أخيراً وزير الدفاع سيرغي شويغو، لنقل رسالة واضحة للأسد بضرورة الالتزام بالاتفاق الروسي مع تركيا. وكان الرئيس الروسي قد اضطر قبل ذلك إلى إرسال موفده الخاص ألكسندر لافرنتييف، لتنبيه الأسد إلى ضرورة التعاون مع غير بيدرسن، عندما كان الأخير بصدد تقديم إحاطة حول عمل “اللجنة الدستورية” إلى مجلس الأمن.

وفي إشارة إلى أن سبب الغضب الروسي لا يقتصر على محاولة دمشق عرقلة الاتفاق الروسي – التركي بل ينسحب على المماطلة في دفع نشاط اللجنة الدستورية، فإن المحادثات التي بدأت في جنيف بقيادة الأمم المتحدة، لإعادة صياغة الدستور السوري وإدخال بعض المنافسة السياسية، وصلت سريعاً إلى طريق مسدود عندما قام الجانب الحكومي بإفساد (المفاوضات) عن عمد.

التوتر الروسي لم ينسحب على الآثار السياسية بل تعدى ذلك إلى الجوانب الاقتصادية

وبرز البعد الاقتصادي كذلك في الانتقادات الروسية، وأوضح دبلوماسي قريب من الشأن السوري، أن تحذيرات موسكو تعكس حجم الإحباط داخل مجتمع الأعمال في روسيا، من الفشل في دخول الاقتصاد السوري. كما أشار إلى أن روسيا تدرك أيضاً مدى صعوبة الوضع في البلاد، في ظل فشل الأسد في توفير السلع الأساسية بسبب تفشي وباء «كورونا»،

على ضوء ذلك كله، قال مصدر وثيق الصلة بالكرملين إن موسكو اكتفت حتى الآن بإرسال إشارات قوية للقيادة السورية. وقال مصدر آخر مقرب من الزعيم الروسي إن بوتين يرى الأسد شخصية عنيدة خيّبت آماله، وقد استخدم بعض الإعلام لتوصيل رسالته. وأوضح المصدر ومسؤول حكومي، أنه لا يزال من غير الممكن التخلي عن الرئيس السوري، لأنه لا يوجد حليف آخر مناسب في سوريا.

فهل بدأ العد العكسي لوجود الأسد في السلطة إذا ما توفر البديل الذي تبحث عنه موسكو، ليكون من استدعى القوات الروسية لتثبيط نظام حكمه وقع ضحية لقراره وبات بحكم المنفيين من حسابات موسكو السياسية؟!

السابق
هكذا يُطبّق بنك لبنان والمهجر تعاميم سحب النقدي من حسابات العملات الأجنبية!
التالي
بالأرقام.. سلامة يُفنّد كيف صُرفت الـ5,7 مليار!