دياب وسلامة «موظفان» يتبارزان.. أي منقلب سينقلبان؟!

رياض سلامة وحسان دياب

مرة أخرى يلجأ رئيس الحكومة إلى الإستعراض والشعبوية التي هي أبعد ما تكون عن تصرفات رجل الدولة الحقيقي ، وذلك يوم الجمعة الماضي بعد جلسة مجلس الوزراء في بعبدا التي يقال أن رئيس الجمهورية طرح فيها من خارج جدول الأعمال إقتراح أو إستبيان رأي بشأن إقالة حاكم مصرف لبنان وهو الأمر الذي لم يحظ بالموافقة على ما يبدو ليخرج رئيس الحكومة على اللبنانيين بتصريحات نارية وإتهامات خطيرة بحق حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وصلت حد إتهامه بالتعطيل أو التحريض أو المشاركة بمؤامرة ضد العملة الوطنية عبر “الغموض المريب” الذي يتبعه في إدارة الأزمة المالية وداعيا إياه إلى الخروج ومصارحة اللبنانيين بحقيقة الأوضاع. 

اقرأ أيضاً: العهد بخير.. الليرة ليست بخير!

الرئيس والموظف

في الشكل من المستهجن أن يتم التخاطب والتعامل بين رئيس حكومة المفروض أنه رئيس السلطة التنفيذية وبين موظف كبير في الدولة بهذا الشكل وكأن الأمر هو صراع بين موظفين وهو هنا يعكس ضعف منطق رئيس الحكومة وموقفه بحيث بدا وكأنه يطرح الأمر على الناس كمن يستدرج دعما عبر إستعماله لغة شعبوية ضد هدف هو بنظره سهل التصويب عليه بسبب ما يعانيه الناس منذ فترة من تصرفات المصارف بصورة عامة والتعاميم المتكررة للمصرف المركزي فضلا عن إرتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية وما يحمله هذا الأمر من تأثير على أسعار السلع الضرورية للمواطن العادي البسيط.

تخوض أميركا معركة العقوبات ضد إيران وأذرعها المالية في المنطقة وعلى رأسها حزب الله اللبناني، وهذا ما يجعل الحديث عن كلام أميركي حملته السفيرة الأميركية في لبنان إلى جبران باسيل لدى إجتماعها به في نفس اليوم بطريقة تذكرنا بسيناريو قضية قبرشمون وكيفية إنهائها ذو مصداقية عالية

أما في المضمون فالمستغرب إقدام رئيس الحكومة على خوض معركة المفروض أنه هو نفسه يعرف – هل فعلا يعرف –  أن الظروف غير مؤاتية لخوضها مع حاكم مصرف لبنان في ظل عجز حكومته عن مجرد إتمام التعيينات لنواب هذا الحاكم وكذلك للجنة الرقابة على المصارف فكيف إذا كان الأمر يتعلق بتعيين حاكم جديد للمصرف على فرض أن رئيس الحكومة قد ربح المعركة ضده، وإلا فالبديل قد يكون الفراغ في منصب الحاكم وهو أعلى منصب مالي في الدولة كما هو معروف فهل يتحمل رئيس الحكومة هذا الأمر؟ وهل أن خوض هذه المعركة هي من بنات أفكار رئيس الحكومة أم أن هناك جهات أخرى قد دفعته لخوضها خاصة وأنه في نفس الليلة إنتشرت على وسائل التواصل الإجتماعي صور لرئيس الحكومة مع شعارات مؤيدة تحاكي النرجسية في نفسه بهدف إظهاره بأنه شمشون الجبار، وذلك بهدف من إثنين إما لإيصال رسالة شديدة اللهجة للمعارضة خاصة لسعد الحريري بعد عودته إلى لبنان وما روج من قبل أنصار السلطة عن ترتيبه لـ”إنقلاب” ضد السلطة، أو أن هناك من يريد إحراق رئيس الحكومة نفسه بوضعه في بوز المدفع تمهيدا لإعادة التواصل مع سعد الحريري بغية عودته إلى بيت الطاعة الحكومي أو الهدفين معا خاصة مع العلم أن الغطاء الذي يحظى به رياض سلامة يتخطى لبنان بمكوناته السياسية والطائفية ليصل إلى دول العالم من فرنسا إلى أميركا خاصة في هذه الظروف حيث تخوض أميركا معركة العقوبات ضد إيران وأذرعها المالية في المنطقة وعلى رأسها حزب الله اللبناني، وهذا ما يجعل الحديث عن كلام أميركي حملته السفيرة الأميركية في لبنان إلى جبران باسيل لدى إجتماعها به في نفس اليوم بطريقة تذكرنا بسيناريو قضية قبرشمون وكيفية إنهائها ذو مصداقية عالية.

من جهة أخرى فعندما يدعو رئيس الحكومة حاكم المصرف المركزي إلى مصارحة اللبنانيين فهذا يعني أمر من إثنين أما أن رئيس الحكومة يتخلى عن مسؤولياته ويتملص منها أمام الشعب، وإما أنه كالزوج المخدوع آخر من يعلم بما يجري في كواليس الدولة وماليتها وفي الحالين الأمر يمثل إدانة له ولطريقة إدارته لأمور الدولة والناس وقد يكون خوضه لهذه المعركة أيضا من باب إلهاء اللبنانيين لصرف الأنظار عن تعثر الحكومة في وضع خطتها المنتظرة لطريقة وضع حلول للأزمتين المالية والإقتصادية في البلد. 

اقرأ أيضاً: السلطة تتهاوى.. من يفتح «الصندوق الأسود»؟!

ضحايا “المعركة”

في المحصلة وفي إنتظار القادم من تداعيات هذه المعركة وما قد تخلفه من “ضحايا”، فإن كل هذه التصرفات لا تجدي فالبلد لا يحتمل الدخول في معارك دونكيشوتية طمعا ببعض الشعبية هنا أو بعض التبخير هناك ، فما يجدي هو أخذ الأمور بجدية وموضوعية بعيدا عن البحث عن كبش محرقة والكيدية السياسية وسياسة التشفي والإنتقام من ماض مضى كان الجميع فيه مشاركا بقدر ما من المسؤولية وهذا لا يعني إتباع سياسة عفا الله عما مضى بقدر ما هو دعوة للتعقل وإتباع الطرق الدستورية والقانونية السليمة في متابعة كل الملفات دون إستنسابية ولا إنتقائية وهذا هو جوهر شعار ثورة 17 تشرين الأول كلن يعني كلن التي يحلو دائما للرئيس دياب وبعض وزرائه القول بأنهم إنما أتوا لتمثيل نبض الثورة وتنفيذ ما أمكن من مطالبها قبل أن ينقلب البعض منهم ليعود ويقول بأنه ليس موجودا في الحكومة لتلبية مطالب الشارع كما أعلنت وزيرة العدل مؤخرا هي التي لا تزال عاجزة عن إنهاء ملف التشكيلات القضائية ما يوحي بأن الكلام في واد والأفعال في واد آخر وهنا مكمن العلة، بينما المطلوب القليل القليل من الكلام الشعبوي والإستعراضي ، والكثير الكثير من العمل الجاد والرصين لنصل بالوطن إلى بر الأمان، وهو الوصفة الصحيحة لكسب الناس وإستعادة الثقة بعيدا عن الغوغائية والتطبيل الفارغ والتلطي وراء بعض الأطراف السياسية طمعا بدعم من هنا ومساندة من هناك  والذي لا يساهم إلا بمضاعفة المصاعب وتعقيدها بدل حلها ، فهل تفعل الحكومة ورئيسها قبل فوات الآوان؟ ذلك هو السؤال.     

السابق
عود على بدء.. هشام حداد يثير الخلافات بين الفنانين في سوريا!
التالي
سلامة يُصارح اللبنانيين.. عبر «الفيديو»!