السلطة تتهاوى.. من يفتح «الصندوق الأسود»؟!

حسان دياب الحكومة

كل ما يتكون منه العقل وكل ما يؤدي  الى نمو الجسد يأتي من خارجه، وكذا هو الصندق الأسود الذي هو في تركيبته معقد والبحث فيه كما البحث عنه، فيه قيمة كبيرة لناحية معرفة الحقيقة الكامنة خلف واقع المرض الحاصل. اللسان بالفم بالمناسبة ليس زائدة دودية تستدعي عملية جراحية لإستئصاله ذلك أن إمكانية استخدامه بالمكان والزمان والمضمون الصح قد يقهر الجهل. حفظ هذه الاشياء الثمينة من الصدمات التي قد تصيبها وتصل قوتها أضعاف قدرتها المكونة لها على التحمل هو ما دفع بأصحابها إلى إجراء الكثير من التجارب عليها لتحصينها،  وقد تكون احد تلك التجارب بالنسبة الى الصندوق الاسود الدفع باتجاه جدار اسمنتي لمحاكاة صدمة سقوطه من ارتفاعات شاهقة بسرعة مئات الأميال بالساعة، فهل يُستفاد من تلك الميزة؟

اقرأ أيضاً: اليونان وفنزويلا والأرجنتين «يُسلمون» على لبنان!

سعادة الحاكم

ما تسعى إليه السلطة السياسية السابقة والباقية والطارئة ليس تحليل تسجيل المادة التي يكتنزها سعادة الحاكم على الأرجح، ذلك ان القائمين على عملية البحث بالشكل وكما عهدناهم لا يسعون البتة الى معرفة ما يعرفونه او يعرفون بعضا منه يتصل يهم، لأنهم على الأغلب غير متحمسين للإعلان عن من هو المسؤول عن الهدر في قطاع الكهرباء مثلا أو في قطاعات اخرى مثل الإتصالات وتلزيمات وقروض حصلت بالتراضي والرضى و التصويت عليها والتشريع لها، ولأن ليس فيهم من هو على استعداد للإقرار بخطأ الزيادة الغبية على سلسلة الرتب والروتب التي حصلت بغير توقيتها، هم لا يريدون الكشف عن تهريباتهم وتهربهم من دفع مئات المليارات المتوجبة عليهم وخسرها ومازال يخسرها البلد على الحدود وفي المرافىء والمطارات، هم بالتاكيد ليسوا بوارد الحديث عن التخمة في توظيفات القطاع العام وعن حجم الرواتب والتعويضات الخيالية التي يتقضاها الأتباع والمحظيين من الاخوة والاخوات والرفاق والرفيقات، هؤلاء ليسوا بوارد الإعتراف لا الآن ولا غداً بحجم الخسائر التي تسببت فيها معاداتهم لدول الأشقاء، ولا هو في مصلحتهم الكشف عن تداعيات مغامراتهم السلبية التي تسببت بها إنخراطاتهم الكلية في المصالح الاقليمية الخارجية ورافقها في الداخل كم من المناكفات والصراعات والإغتيالات الجهنمية بانعكاساتها على البلاد والعباد، لن يسمعوا لأن ليس فيهم أو منهم أو بينهم  من سيعترف بحجم التسهيلات التي طلبها وفرضها وحصل عليها عبر موظفين هم بالأصل من المحسوبين عليه أو ساوم وقايض للحصول عليها من الأخوة الأعداء والحلفاء اللدودين، لكن وعلى ما يبدو فإن “شهوة” المسؤولين في بلادنا  وجب ان تبقى في الخفاء.

أما الطارئون الجدد على الحكم فأكثر ما يذكرنا بهم هي قصة الطائر الجاثم على ظهر الحيوانات الضخمة في المناطق الإستوائية الذي يأكل مما  يهبط عليها من القوارض والحشرات

الفاسدين

وعليه وكما هو مستشف من الأداء، هنالك صنفان من هؤلاء الفاسدين متوازيان لكنهم في كثير من الأحيان يلتقيان، منهم من يسعى إلى حصول إنقلاب يُنجيه من الحساب، يصيب الأفراد وليس الأحزاب، على إعتبار أن أحزابهم وكما يظنون ويفقهون نظامها كما المؤسسات المحدودة المسؤولية لا يصيب الجرم  مالكيها الزعماء ولا يستدعي الأمر اذا ما ثبت الفعل حلها أو يستلزم  الإغلاق. في المقابل هنالك البعض الأخر  الذي يلهث وراء أحسن الأحوال وأفضلها ويسعى الى الحصول على إجماع يضمن الإستمرار في البحث عن الصندوق الذي بحوذتهم على أمل أن  تطوى الصفحة مع مرور الزمن تماماً كما جرت عليها العادة في بلاد الطوائف ذات الرسالة السمحاء.

اقرأ أيضاً: خلافات رئيسيْ البرلمان والحكومة في لبنان تمهد لمرحلة ما بعد برّي

أما الطارئون الجدد على الحكم فأكثر ما يذكرنا بهم هي قصة الطائر الجاثم على ظهر الحيوانات الضخمة في المناطق الإستوائية الذي يأكل مما  يهبط عليها من القوارض والحشرات، الذي حين نظر إلى أعلى وجد غصن الشجرة مليئاً بالحشرات المحلقة الآمنة فتمنى أن يصل إليها ليتغذى منها، فما كان من الجاموس الضخم إلا أن قدم له النصيحة ودعاه إلى أن يأكل من روثه فمتى قوي وزادت قوته وصل إليها، وهكذا كان لكن ما لم يكن في الحسبان أن صيادا قد رأه أعلى الشجرة فوجده من الطيور الثمان، اطلق عليه النار فأصابه ثم أرداه الى ان انتهى به المطاف معلقاً في مشنقة الصياد.

السابق
الحريري يُعرّي حكومة دياب.. يسعون لتغيير هوية لبنان واستخدام الغضب الشعبي وقوداً!
التالي
مصرف لبنان بمرمى ثوّار صيدا.. مفرقعات نارية وهتافات منددة بالسياسات المالية!