العهد يهرب من ازماته المالية بالتخلص من سلامة..«كبش محرقة» لتهدئة الشارع!

رياض سلامة

تسارعت التطورات بين السياسة والشارع ودفع الارتفاع القياسي لسعر صرف الدولار الحكومة الى اتخاذ خدوات كبيرة وملموسة تمثلت في اتجاه لاقالة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في ظل حماسة العهد والفريق المقرب منه مع تحفظ بعض القوى في الاكثرية لخطورة هذا الامر وكلفته على الوضع المالي الحالي.

وازاء هذه التطورات النارية المتلاحقة، بدت حكومة الرئيس حسان دياب في مواجهة الاستحقاق الأخطر الذي يتهددها اليوم بالذات في ظل عوامل عدة من ابرزها ان الحملات العنيفة التي شنت على حاكم مصرف لبنان بدت كانها تمهد لهجوم فريق العهد “والتيار الوطني الحر” مدعوما من “حزب الله “ساعيا الى احراج الحكومة ورئيسها والضغط بقوة للاقتصاص من سلامة وعبره من قوى معارضة أساسية في مقدمها “تيار المستقبل” استنادا الى توظيف غضب الناس وغليان الشارع.

تحميل سلامة مسؤولية الازمة

واذا كان رئيس الحكومة تعهد عقب الجلسة التشريعية لمجلس النواب في قصر الاونيسكو باتخاذ سياسات متشددة حيال ازمة صرف الدولار والمعاملات المصرفية والتحدث عن الامر بعد جلسة مجلس الوزراء عصر اليوم فان التساؤلات التي طرحت عشية الجلسة تناولت الحدود القصوى والدنيا لما يمكن ان يقبل به دياب والافرقاء الاخرين في الحكومة في حال جنح الفريق الطامح الى تسديد ضربات معنوية عنيفة الى حاكم مصرف لبنان وتحميله كل تبعات مجريات الازمة المالية والمصرفية لاهداف معروفة، اذ راحت بعض المواقع الإخبارية الالكترونية الموالية للعهد ولبعض قوى 8 آذار تروج مساء امس لاتجاهات “إقالة” حاكم مصرف لبنان.

إقرأ أيضاً: السيناريو الكامل لفيلم..«ليلة القبض على سلامة»!

والواقع ان التصدعات العنيفة التي تركتها الجلسة التشريعية والتي انتهت الى مشهد اهتزاز حكومي ونيابي وسلطوي واسع، استدعت استنفارا داخل الصف الرسمي والحكومي استباقا لمجلس الوزراء اليوم الذي سيتعين عليه مواجهة مجموعة قضايا ملتهبة دفعة واحدة من شانها اختبار التحالف السلطوي والحكومي الى اقصى حدود التحديات.

تمديد التعبئة العامة

ومعلوم ان المجلس الأعلى للدفاع سيعقد اجتماعا في الأولى والنصف بعد الظهر يسبق جلسة مجلس الوزراء لاتخاذ توصية يرجح لان تكون بتمديد حال التعبئة مدة أسبوعين إضافيين اي الى ما بين 10 او 15 أيار المقبل وهي التوصية التي سيأخذ بها مجلس الوزراء ويقرها. اما في التحركات الاستباقية لجلسة مجلس الوزراء فان اللقاء التقليدي بين رئيس الجمهورية ميشال عون وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة تركز على ما أفادت معلومات على موضوع التعميم الأخير الذي أصدره الحاكم وأثره المحتمل على ارتفاع سعر الدولار.

وكان قد عقد مساء الأربعاء اجتماع في السرايا ضم الرئيس دياب ووزير المال غازي وزني ووزيرة الدفاع زينة عكر والحاكم سلامة تناول ازمة سعر صرف الدولار وتوضيح أسباب ارتفاعه من منطلق ان لا مبرر ماليا ولا نقديا ولا اقتصاديا للارتفاع. وعلم انه كان هناك تباينا في وجهات النظر بين دياب وسلامة حول تدهور سعر الصرف بهذا الشكل القوي وطلب دياب توضيح التعاميم التي أصدرها سلامة أخيرا وان يكون هناك تنسيق بين الحكومة ومصرف لبنان حول هذه الإجراءات.

وفيما رأى دياب ان التعاميم هي سبب ارتفاع سعر صرف الدولار، اعتبر سلامة ان الخطة المالية للحكومة هي المسؤولة عن تدهور سعر الصرف بسبب تحديد السقف له بثلاثة الاف ليرة سنة 2024. وعلم ان الوزير وزني دافع عن الورقة المالية للحكومة حيث ان سعر صرف الدولار كان تجاوز الـ2800 ليرة للدولار لدى صدور الخطة في حين ان الدولار ارتفع الى ما فوق الـ3000 ليرة لدى صدور اول تعميم.

حماسة وتردد!

وقد أكدت مصادر وزارية بارزة ليل امس لـ”النهار” ان فريق رئيس الجمهورية يريد تطيير حاكم مصرف لبنان ومحاسبته وتحميله تبعة الانهيار ككبش محرقة علما ان الاحتياطات في مصرف لبنان في السنوات العشر الأخيرة تراجعت بسبب كهرباء لبنان بقيمة عشرين مليار دولار.

وقالت المصادر ان الافرقاء الاخرين في الحكومة لا يرون موجبا للاستعجال في هذا الموضوع خصوصا ان الوضع قد يتجه نحو اخطار كبيرة جدا.

كما ان هذه المصادر لم تستبعد ان يكون جانب واسع من التحركات الاحتجاجية مساء امس مدفوع نحو اتهام رياض سلامة بالاداء السيء ليشكل ذلك مبررا للعهد والحكومة للاقتصاص منه وتعيين احد المحسوبين المعروفين على العهد مكانه. وذكر في هذا المجال ان بكركي دخلت ليلا على خط التأزم وأبلغت من يقتضي إبلاغهم انها تحذر من تحويل حاكم مصرف لبنان كبش محرقة للازمة.

يشار الى ان مجلس الوزراء سيبحث اليوم في التدقيق المالي لمصرف لبنان.

كما يناقش المجلس ضمن جدول الاعمال ورقة تحت عنوان” تدابير انية وفورية لمكافحة الفساد واستعادة الأموال المنهوبة” تتضمن ابعادا مسيرة للخلافات اذ تبدو اقرب الى سياسات الاقتصاص التي اتبعت خلال عهد الرئيس اميل لحود وهي تتضمن ستة تدابير من ابرزها التحقيق الضريبي الداخلي والخارجي والتحقيق المحاسبي وتطبيق المادة 4 من قانون الإثراء غير المشروع التي تطاول أولا التحقق من تقديم الوزراء والنواب بمن فيهم الذين انتهت ولايتهم خلال السنوات الخمس الأخيرة التصاريح كما تطبيق المادة 12 التي تتناول اجراء الاستقصاءات والتحريات عن جميع الشخصيات التي شغلت وتشغل مناصب وزارية ونيابية وإعداد تقارير مفصلة حول مظاهر ثرواتهم.

السابق
أسرار الصحف المحلية ليوم الجمعة 24 نيسان 2020
التالي
تبريد الأجواء بين بري ودياب..لا قطيعة بين الرجلين!