حكومة «نيرون» تحرق شعبها!

حسان دياب الحكومة

صدمة الوباء والهستيريا المرافقة له  مازالت مفهومة، والوقاية المتوفرة منه للكل صارت عن ظهر قلب محفوظة، وعليه فالقدر اليوم  موصول بقدرة علماء التكنولوجيا الحيوية والأدوية على إكتشاف علاج له، بعد إثبات موثوق بالتجربة السريرية لفاعليته ومن ثم الحصول على الترخيص واتاحته أمام العامة المصابين للإستخدام بداية بالمستشفيات ومن بعدها عند تجار الأدوية والصيدليات. لكن ما هو غير مفهوم أو مبررا إلى اليوم وتحديداً في لبنان، هو انغماس المؤتمنين على الجمهورية وانشغالهم حصراً بالحديث عن الجائحة  الواسعة الإنتشار وعن كيفية الوقاية منها والحد من انتشارها وقياس التباعدات، من دون البحث عن حل ينقذ البلاد من خطر جوائح سبقتها مستوطنة فيه منها تفشي وباء الفساد السياسي والمالي والإقتصادي، الذي ضرب وأصاب العباد المعروف المصدر والمستمر ولا يوجد له للأسف حتى اللحظة أي علاج أو حتى بحث يبشر بقرب التخلص منه لكي يتسنى للناس الحفاظ على ما تبقى من روح في أجسادهم، ذلك أن أداء الطبقة الحاكمة الراكدة المتحصنة بالاقنعة والقفازات اليوم يشبه كثيرا فعل الهارب من حريق البيت بالحفر تحته نزولاً الى الأسفل. 

اقرأ أيضاً: حكومة دياب «تغتال» أموال المقيمين والمغتربين.. وآمالهم!

من الجيد بل ومن المفيد أن ينشغل الوزير الأول و معه الوزير المختص بمتابعة مستجدات وتطورات إنتشار المرض المستجد وانحصاره على الأراضي اللبنانية، ومن الجيد أيضاً أن يساعدهم في ذلك العديد بحدود الحاجة في هذه الوظيفة، لكن هنالك أوبئة ومهمات على الحكومة الحالية متابعتها ومعالجتها لاستمرار الحياة  بالحد الأدنى في وطن استثنائي من حيث مشاكله وازماته، مختلف ومتميز عن غيره من دول العالم بالمصائب والمصاعب التي عصفت وتعصف به. 

مسؤولية السلطة الحاكمة اليوم وضع استراتيجة صالحة وذكية لإنقاذ الإقتصاد بأسرع وقت والآن وإلا لن يكون هنالك بداية جديدة

الرعب المُعاش

جزء من هذا الرعب الذي يعيشه الناس في هذا الكيان مرده، إضافة إلى عدم امتلاكهم لوسائل كثيرة لمحاربة الوباء، إلى السلطة الممنوحة شواذا لسياسييه ووكلائهم وموظفي الفئة الأولى التابعين لهم الموغلين والمستشرسين في سرقة المال العام بوسائل احتيال قانونية في أغلب الأوقات على الرغم من كون رواتبهم خيالية، وكذا هي للمفارقة واردات وعائدات المخصصة في البلاد للراقصات والراقصين والمطبلين والمغنيين ومقدمي برامج الكلام التلفزيونية (مع احترامنا الشديد لتلك المهن) المذهلة والتي تتخطى هي الأخرى في معظم الأوقات آلاف الدولارات وتلامس الملايين، في حين أن عالم بيولوجي إن وجد أو فرض عليه أن يبقى في هذا البلد بإنتظار أن تسنح له فرصة عمل في الخارج لا يتخطى راتبه الشهري وبالقياس إلى آنفي الذكر بضعة ملاليم.

 على السياسيين ووزراء الحكومة الحالية أو لربما اللاحقين أن يعوا حقيقة وهي  أنه ما عاد بمقدورهم التعويل على سرقاتهم الموصوفة ولا على “الشحادة” أو الإقتراض من الدول الأغنى أو التابعين عضوياً وذهنياً لها، ذلك أن الأزمة الصحية التي يعيشها هؤلاء دفعتهم إلى التركيز على ما يجري داخل حدودهم أولاً حتى وإن كانت دولاً تتمتع تاريخياً بالنفوذ السياسي وبالقوة الإقتصادية ولديها مؤسسات علمية وخدمات طبية متقدمة.

فرص الحياة

رفع فرص الحياة في لبنان يلزمه وعي حقيقي وتضامن صادق يوجب على الكل أن ينخرط فيه دون إستثناء للعبور نحو المستقبل قبل فوات الآوان، بالتزامن طبعاً مع الجهود المبذولة في هذه الأثناء لمكافحة المرض المستجد الذي وكما هو معلن و بالاستناد إلى أكثر السيناريوهات تفاؤلا بالسيطرة عليه يحتاج إلى أكثر من ثلاثة أشهر إضافية.

وعليه فإن مسؤولية السلطة الحاكمة اليوم أو أن حصل وتبدلت وضع استراتيجة صالحة وذكية لإنقاذ الإقتصاد بأسرع وقت والآن  وإلا لن يكون هنالك بداية جديدة، عليها بالسعي الجدي والفعلي لحل أزمة الإيداعات في المصارف تلك التي تسببت بها كما بات معلوما للخواص والعوام  من إدارات المصارف والدولة السيئتين على حد سواء وذهب ضحيتها المودعين، عليها أي الدولة إعفاء مواطنيها إستثنائياً وفي ظل هذه الظروف من الضرائب التي ما تزال تتراكم على الشركات والمؤسسات والأفراد وكذلك على الواردات لصالحها تفادياً لمزيد من الإنهيارات خصوصا وأن لبنان هو من البلاد المستورد وشعبه يستهلك بشكل عام وغير منتج بإمتياز وذلك تدراكاً لحالة من الإنكماش متوقعة بل هي واقعة بحسب تصريحات الكثير من الخبراء الاقتصاديين لا محالة، على الدولة أن تدعم قطاعاتها الإنتاجية، عليها ان تدعم مؤسساتها، وأن لا تترك بعد درس كورونا للقطاع الخاص وأدوات الشركات الرأسمالية حصراً هذه المهمة بعدما تأثرت وانكشفت عورتها في ظل الوضع المالي المتزعزع بشكل كبير وجعلت حياة الناس في خطر.

على السياسيين ووزراء الحكومة الحالية أو لربما اللاحقين أن يعوا حقيقة وهي  أنه ما عاد بمقدورهم التعويل على سرقاتهم الموصوفة ولا على “الشحادة”

اقرأ أيضاً: أما آن لنهب الأموال أن ينتهي؟!

فكرة الخصخصة

لا بد من الخروج من فكرة الخصخصة الكلية، لا بد لها من التوقف جديا أمام ضرورة إستعادة دورها في قطاعات عدة سيما منها الصحة من خلال تفعيل دور المستشفيات الحكومية ودعم صناديق الضمان الإجتماعي والتعاونيات والشيخوخة وضبط سوق الدواء وتشجيع إنشاء معاهد للأبحاث الطبية وتطويرها، عليها تحسين وضع المدارس والجامعات الحكومية والعمل على زيادتها وإعطاء مراكز البحث العلمي فيها الأولوية، لها أن تطور قطاع الطاقة وتسترد دورها المسلوب منها بالكامل،عليها المبادرة سريعاً إلى إستعادة حضورها في القضايا الإجتماعية ليصار إلى مساندة الأسر المتعثرة ودعم سلتها الغذائية مستندة في كل ذلك متسلحة بخطة لمكافحة الفساد وبنظام مستدام قادر على سد مكامن التفلت والهدر والسرقة على أن يترسخ ويتلازم كل ذلك مع شعور بالمواطنة من أجل الوصول إلى قناعة وإجماع على نهائية هذا الكيان الذي يجب ان يليق بساكنيه وحمايته وصونه ليتسنى للأجيال القادمة وراثته والعيش والبقاء فيه ومواكبة التطور والذكاء العلمي بعيدا عن الفردية الضيقة المسيطرة الآن والمستندة على المذهبية البغيضة والاستفراد والتعصب والتقوقع في الأنا الفئوية القاتلة.

السابق
خلال إتمام مصالحة.. «شيخ» يُشعل إشكالاً في البقاع الأوسط بين النازحين!
التالي
برميل النفط يهوي إلى أدنى مستوى له منذ 1999.. الى ما دون 13.45 دولاراً!