«المصارف» تعتذر من المودعين.. وتصارحهم بحقيقة أزمة السيولة!

دولار

إذلالٌ لم يسبقه إذلال يتعرض له اللبناني بعد حجز المصارف على أمواله وتقطيره إياها الى أن باتت تتمنع اليوم بشكل حاسم عن إعطاء دولاراً واحداً للمودعين الصغار وتكتفي فقط بإعطائهم أموالهم على سعر صرف وهمي لا يتماشي مع سعر الصرف الحقيقي في السوق السوداء والذي تخطّى الـ3000 ليرة للدولار الواحد.

في هذا الإطار، أعلن بيانٌ منسوب إلى جمعية “مصارف لبنان”، أنه “يحتّم الواجب على المصارف اليوم مصارحة المودعين بالأسباب الأساسية لأزمة السيولة وطمأنتهم على مستقبل ودائعهم، والتأكيد على التمسّك بقطاعٍ خاص حرّ مكفول في الدستور اللبناني كشرطٍ أوّل لنهضة لبنان مجدّداً”.

وقال البيان: “بدايةً، تعتذر المصارف على تقطير حقوق المودعين في استيفاء ودائعهم منذ خمسة أشهر وهم في أمسّ الحاجة، ويؤسفها شعور الكثير المبرّر بأنّه يستجدي حقًّا له من مصرفه، تسبّب به عجز الدولة عن دفع ديونها. كما تعتذر المصارف لأنها أقرضت الدولة لدعم تطبيق إصلاحات بنيوية في القطاع العام تعزيزاً لقدرات القطاع الخاص ولرفع مستوى معيشة المواطن عبر فرص العمل والنمو. ولأنها اعتقدت ان الحكومات المتعاقبة، التي تعهدت مراراً وتكراراً بالإصلاح، سوف تتحمل مسؤولياتها تجاه المواطن يوماً ما. ها قد داهمنا يومٌ عسير وجد فيه المواطن دولته مديونة وعاجزة عن السداد، وهو عاجز عن الوصول إلى قرشه الأبيض في يومه الأكثر سواداً منذ عقود”.

إقرأ أيضاً: رغم تخطي الدولار عتبة الـ 3000.. هذا سعر الصرف لصغار المودعين في المصارف!

وأضاف، “تدّعي السلطة السياسية أن أرباح المصارف ساهمت في إهدار المال العام، والحقيقة أن المصارف قد استثمرت على مدى ثلاثة عقود من الزمن أكثر من ٧٥٪ من أرباحها لتقوية رساميلها في هذا القطاع الذي كان العمود الفقري لتنمية قطاعات التجارة والصناعة والسياحة والسكن كل هذه الفترة. كما حرّضت السلطة على إظهار المصارف بغير صورتها وواقعها الإيجابيين متهمة إياها بالمراباة والفوائد المرتفعة، مع أن القاصي والداني يعرف أن الفوائد المصرفيّة تنخفض على المودع والمستدين أيام الرخاء السياسي كما ترتفع كلما فُقد الاستقرار السياسي الداخلي وكثرت التجاذبات وزاد ضجيج مبارزات الصراخ الفارغة”.

وتابع، “الحقيقة هي أن السلطة السياسية ومن خلال الحكومات المتعاقبة هي من أساءت استعمال أموال المصارف ومن ضمنها الودائع، وبدّدت هذه الأموال. وتحاول اليوم، بعد أن قررت التهرّب من مسؤولياتها من خلال عجز الدولة عن السداد وتجريم من أقرضها لهدر حقوق المودعين. لو لم تتحمل المصارف بمفردها مسؤولية الاستقرار النقدي والمالي والاقتصادي والاجتماعي على مدى ثلاثة عقود، لما تمكّن الوطن من الاستمرار حتّى اليوم. لقد استطاع القطاع كسب ثقة المودعين اللبنانيين، مقيمين ومغتربين، والعرب والأجانب من حول العالم بالرغم من تراجع حجم الاقتصاد اللبناني وفي ظل منافسة شديدة عربية وأجنبية على استقطاب رؤوس الاموال. والأهم أنه استطاع بقدراته الذاتية، وبالرغم من التردّي المستمر للأوضاع السياسية في لبنان، استقطاب الاستثمارات الوطنيّة والأجنبية وتأمين السيولة للقطاع الخاص وللدولة ولمستلزمات المواطن على مدى عقود”.

ولفتت الجمعية في البيان، إلى إن “الأولويّة هي لمعالجة أزمة السيولة الحادة التي يشهدها لبنان وبصورة فوريّة من خلال إجراءات لاستعادة الثقة، ما سيحتّم المحاسبة عاجلاً أم آجلاً. محاسبة الأصل لا الفرع فقط، استناداً على أسس قانونيّة سليمة، فالارتكابات، ضخمة كانت أم عابرة، تقع على عاتق كل من أمر أو سمح بها وعلى كل من نفذّها أو يسّرها”.

واعتبرت أن “ما هو غريب أن أصحاب القرار يحاولون وضع أيديهم على ممتلكات الناس بدل أن يباشروا حواراً مع المودعين والمصارف المؤتمنة على هذه الودائع، للتوصل إلى حل يحافظ على حقوق المودعين، مثل تقديم مؤسسات عامّة مربحة كضمانات للمودع والمصرف”.

وأشارت إلى أنه “ليس من المنطقي ولا من المصلحة الوطنيّة استغلال أزمة السيولة الحادة التي يمرّ بها لبنان، بسبب سوء الإدارة السياسية، لتغيير هوية لبنان الاقتصادية ولوضع يد الدولة بصورة مباشرة أو غير مباشرة على القطاع المصرفي، أي على أموال المودعين. إذ لا اقتصاد حرّ بلا قطاع خاص حرّ، وحجر أساسه القطاع المصرفي”.

وقالت: “إن العبث بالقطاع المصرفي سيوجّه ضربةً قاضية للاقتصاد اللبناني ككل ولمستقبل العاملين فيه وسيؤدي إلى تحويله من العمود الفقري للاقتصاد إلى نقطة ضعف مزمنة للبنان المقيم والمنتشر. إن محاولة الدولة تحت أي عنوان، وخصوصًا بذريعة أزمة السيولة التي تسبّبت بها، وضع اليد على القطاع المصرفي أو غيره بأي شكل من الأشكال، ستؤدّي إلى تدمير هذا القطاع على غرار نتائج تجربة الدولة في كافة القطاعات التي تديرها”.

واضافت، “إنّ فشل الدولة في إدارة هذه القطاعات وسواها، كما ترهّل وتضخّم وعدم إنتاجية وسوء إدارة وكلفة القطاع العام، يجب أن تكون جميعها حافزاً لتضافر جهود جميع مكوّنات القطاع الخاص والمجتمع المدني لمواجهة مشروع تغيير هوية الاقتصاد اللبناني وتحويله من اقتصاد حرّ إلى اقتصاد موجّه ينطوي على تأميم مقنّع. فالقطاع المصرفي ليس ملكًا للمساهمين فحسب، بل هو أوّلاً ملك مودعيه الذين وثقوا به، وملك موظفيه البالغ عددهم ثمانية وعشرون ألفًا، ما يؤمّن عيشًا كريمًا لعشرات الآلاف من الأسر اللبنانية في مختلف المناطق، جلّهم من الطبقة الوسطى اللبنانية، عماد الاقتصاد الوطني وكل اقتصاد”.

وأكدت جمعية المصارف، “إصرارها على حماية كافة الودائع المصرفية، وهذا حق كرّسه الدستور لكل مودعٍ. أمّا تحرير هذه الودائع من كل قيد أو شرط فمرتبط بأساس المشكلة، وهو ضمان السلطة السياسية لديون الدولة بموازاة تنفيذ وعودها في بدء عملية الإصلاح وإعادة هيكلة جذرية للقطاع العام، بدايةً بتطبيق القوانين المرعيّة وتفعيل السلطة القضائية، لخلق بيئة مؤاتية تشجّع القطاع الخاص على اتخاذ المبادرات والاستثمار مجدّداً. شرط أن تكون هذه الإصلاحات على أسسٍ حضارية وشفافة لا يرتهن مستقبلها لعشوائيات السياسة وبدائيتها”.

وختمت بيانها، “على السلطة السياسية البدء بإصلاح نفسها أولاً قبل غيرها، ما يخوّلها التطبيق العملي لا الشعاراتي للإصلاحات الاقتصادية من أجل استعادة بعض من ثقة المودعين والمستثمرين. فإيداعات الناس، رغم تقطيرها المؤقت، يبقى وجودها حيث أودعتها أضمن لها من أن تقع في أيدي قطاعٍ عام أقلّ ما يقال فيه إنّه شديد البدائية”.

السابق
بالفيديو.. ناسا ترصد كويكباً ضخماً تصفه «بخطرٍ محتملٍ» يقترب من الاصطدام بالأرض؟!
التالي
الحكومة تتخبط «كورونياً» ومعيشياً.. والتظاهرات تسقط «التعبئة» بالضربة القاضية!