نصر الله يُغيب الإمام المغيب.. مرتين!

السيد حسن نصرالله
على الرغم من قرابة النسب التي تجمع بين الامام المغيب السيد موسى الصدر والشهيد السيد محمد باقر الصدر، فان عدم ذكر الأول في خطاب السيد حسن نصرالله، من شأنه ان يكشف ذهنية الاقصاء لديه، والتعصب لعقيدة الاسلام السياسي من جهة ثانية.

بالرغم من قلة تطرقه لموضوعات الساحة الراهنة في خطابه بالأمس، وتركيزه على حديثه المهدوي الذي شرح فيه معتقد المسلمين عموماً والشيعة خصوصاً بظهور المهدي، كما عرَّج على فكرة المُخلِّص في الديانات الأخرى، واستطرد لذكر معتقدات اليهود بزوال دولتهم بعد ثمانين سنة من قيامها، وأثنى على جهود الدولة اللبنانية والكوادر الطبية المنشغلة بمكافحة تفشي جائحة كورونا في البلاد، كما ردَّ على تجمع الأطباء المسلمين والممرضين برسالة جوابية.
 بالرغم من كل ذلك فقد مَهَّد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله لحديثه هذا بالأمس، مهَّد له بإحياء الذكرى السنوية لاستشهاد المرجع الشهيد السيد محمد باقر الصدر، والذي نعته بالفيسلوف والفقيه، في وقت يتفق العلماء والمفكرون على النعت الثاني، ولكنهم يختلفون في الأول، فالفقيه المفكر الراحل الشيخ محمد مهدي شمس الدين كان يرى في الشهيد السيد محمد باقر الصدر رجلاً تبنَّى آراءً فلسفية ولكنه – برأي الشيخ شمس الدين – لم يكن فيلسوفاً صاحب نظريات فلسفية، وإن كان مفكراً إسلامياً من الطراز الأول، وفقيهاً أصولياً يُشهد له بالفقاهة والاجتهاد والتضلُّع في علمي الأصول والفقه في الوسط الحوزوي. 

إقرأ أيضاً: إطلالة «خفيفة» لنصرالله.. ماذا عن رسائل «المجاهدين»؟!

 تغييب الامام الصدر 

وقد أكثر السيد نصر الله من تعظيم الشهيد السيد محمد باقر الصدر ومن تسليط الضوء على نتاجه العلمي والشهادة بجهوده ومواقفه المؤيدة لقيام الثورة الخمينية . ونصر الله من خلال طريقة اهتمامه بفكر الشهيد الصدر بهذا المستوى ومما يُقرأ من بين السطور لا يُخفي ارتباطه السابق بحزب الدعوة الإسلامية قبل أن ينخرط في مشروع حزب الله، فالدعوتيون لا يرون مرشداً روحياً يمكن أن يتفوق في الرؤية الفكرية على ملهمهم الشهيد الصدر الذي كانوا يرونه المرشد الروحي لهم في حياته وبعد شهادته، ولذلك تجاهل السيد نصر الله في خطابه بالأمس ذكر الإمام المغيب السيد موسى الصدر كلياً عندما حصر الفضل الأعم والأغلب – بحسب تعبيره – في تأسيس الحالة الدينية في لبنان بتلامذة الشهيد السيد محمد باقر الصدر وتلامذة تلامذته –  على حد تعبيره – متغافلاً عن جهد هذا الكم الكبير من علماء الدين الشيعة الذين كان لهم الفضل الأكبر في النهوض الفكري المقاوم والثوري إلى جانب الإمام المغيب السيد موسى الصدر، ومتجاهلاً الجهود الجبارة التي بذلها الإمام المغيب لإيجاد الكوادر الفكرية الثورية والثقافية والجهادية التي كانت فيما بعد النواة لقيام حزب الله عندما حصلت عملية الانشقاق عن حركة أمل!

إقرأ أيضاً: لو يلتفت نصرالله الى «الشيعي المقيم» قبل لبنان المغترب!

 تاريخ العقلية الإلغائية 

القاصي والداني يعلم حق العلم أن الكوادر الأساسية التي مثَّلت الجيل الأول في حزب الله عند تأسيسه ، هؤلاء خرجوا من رحم حركة أمل ومن فكر ومدرسة الإمام المغيب السيد موسى الصدر الذي يعتبر مؤسساً للمقاومة وللفكر المقاوم في لبنان بلا منازع في القرن الأخير ! وهذا ما لم يتطرق له بالذكر بالأمس الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله مؤكداً بذلك فكر مدرسة الإلغاء في نهج حزب الله في عمله السياسي والاجتماعي في لبنان، فقوة حزب الله الإعلامية والسياسية والاجتماعية وحتى العسكرية في الدائرة الشيعية أصلاً قامت على فكرة إلغاء الآخرين ومحو وجودهم من الذاكرة عبر خطاب غسل الأدمغة الذي يعتمده مسؤولو ورموز الحزب في إعلامهم وخطاباتهم الثقافية والسياسية المتنقلة في مختلف المناسبات في مختلف المناطق الشيعية ! 

والمتأنِّي في متابعة وقراءة خطاب السيد نصر الله بالأمس يشمُّ منه هذه الرائحة الإلغائية بوضوح !
 والخلاصة إنها هي هي المنافسة على النفوذ على قرار الطائفة الشيعية واحتكار تاريخها وحاضرها تمهيداً لوراثة كل مستقبلها في نهج حزب الله حتى في ظل العصر الكوروني !
 فإلى متى ستستمر هذه الذهنية والعقلية عند قيادة الحزب في التنكر لجهود الآخرين وتجاهل كل القامات العلمية والثورية والجهادية غير المنخرطة في مشروع الحزب السياسي في لبنان؟

السابق
انتكاسةٌ مزدوجة استعاد معها «كورونا» مساره المُقْلِق في لبنان
التالي
كورونا يفتتح «بازار» الحصص..و«الثنائي» يفرض «الحصار الإغاثي» بقاعاً وجنوباً!