لبنان بين لبنانين.. أي «دينامية» نريد؟!

الثورة اللبنانية

نقطة الانطلاق في رؤيتي لتشخيص العوامل المؤثرة في المجتمع السياسي والاقتصادي اللبناني هو انني اعتبر انه هناك تداخلا او تشاركا بين العوامل الداخلية اللبنانية وبين العوامل الاقليمية عربية كانت او ايرانية والعوامل الدولية.ولذلك لا بد لي من التصدي ورفض نوعين من المقولات:الاولى قومجية قومية واممية تصف لبنان بانه كيان مصطنع لا قيمة له ولا امكان لحياته الا بضمه الى حضن اكبر منه في سورية الكبرى او الوطن العربي الكبير او جمهورية اسلامية عابرة للحدود كانت داعشية او خامنئية، بهذا الموقف من االوطن اللبناني قد يتشابه حزب الله مع البعث والناصرية والقوميين السوريين. جوهر هذه المواقف ان لبنان ليس وطنا بل كيانا مصطنعا انتجته مؤامرة استعمارية وخطأ تاريخي تمادى في العيش خلافا لمنطقهم. كيان كهذا لا يمتلك داخلا، لان حدوده مصطنعه او هشه، حزب الله جزء من هذا المنطق لذلك يعتبر لبنان ساحة.

اقرأ أيضاً: سباق بين «وباءين»!

عوامل مؤثّرة

المقولة الثانية والتي أرفضها أيضاً بنفس قوة رفضي للمقولة الاولى هي اعتبار لبنان وطنا منجزاً وأرضاً لتجمع الاقليات الدينية والعرقية في الشرق وملجأ لكل مطرود من ارضه في العالم الاسلامي وان دوره يتأكد بعزل نفسه عن محيطه، وأن استمراره واستقلاله مشروط بضعف دول الجوار ومنعهم من ابتلاعه، وانه يكفي ان تنقطع أزمات المنطقة عن تخريب واقعه السياسي والاهلي، لينعم بحياة داخلية واقتصادية سليمة و مزدهرة. هذا ما أرفضه أما ما أتبناه إيجاباً ويحكم رؤيتي للعوامل المؤثرة في واقعنا اللبناني فيتلخص بأمور ثلاثة: الأمر الاول ان لبنان ليس واقعاً لبنانياً داخلياً بحتاً، وليس داخلاً يتأزم فيستدعي خارجاً يتدخل، بحيث نستنتج أن صناعة وفاق داخلي عبر تسويات لبنانية نبيلة، يمكن ان تقلص وتمنع تدخلاً خارجياً قائماً أو محتملاً.

المقولة الثانية والتي أرفضها أيضاً بنفس قوة رفضي للمقولة الاولى هي اعتبار لبنان وطناً منجزاً وأرضاً لتجمع الأقليات الدينية والعرقية في الشرق وملجأ لكل مطرود من أرضه في العالم الإسلامي

الأمر الثاني واعتقد انه جوهر خلافي مع د. محمد علي مقلد، هو ان تثقيل العوامل الداخلية بمواجهة العوامل الخارجية المؤثرة في الواقع اللبناني، هو مسألة دينامية متغيرة ومتطورة، بحيث ان وزن العوامل الداخلية مقارنة بوزن العوامل الخارجية لا يمكن أن يقيم لمرة واحدة في كل زمان ومكان، وعليه فان هذه المسألة ليست شأنا فكريا نظريا، بل هي قياسا تجريبيا في كل مرحلة من المراحل.

اقرأ أيضاً: جبران باسيل.. حيث لا «يفشل» الآخرون!

صناعة الداخل اللبناني

الداخل اللبناني يمكن صناعته وهذا ما جرى خلال مئة سنة من عمر لبنان حيث ان الكيان الذي ولد هشا ومرفوضا، اصبح وطنا لجميع ابنائه، لكن هذا الداخل ايضا يمكن ان يفكك ويتم تدمير وظائفه ومكوناته أيضاً، بمعنى أن لبنان وطن يمكن بناءه كل يوم ويمكن تفكيكه وتجزءته كل يوم أيضاً. أن قيام الدولة وسيادتها على حدودها وداخل حدودها هي أهم محرك لبناء الوطن، أما المحرك الاساسي الاخر فهو وظيفته الاقتصادية في محيطه.

الأمر الثالث وهو استنتاج عياني لما سبق، ويتجلى السؤال الجوهري: في أي موقف نحن اليوم من دينامية بناء – تفكيك الوطن اللبناني؟ ولبنانية اي طرف سياسي معيارها انتسابه الفعلي لدينامية واحدة من اثنتين؛ دينامية التفكيك أم دينامية البناء.

السابق
مذكرة جديدة تتعلق بتمديد مهل تسديد اشتراكات «الضمان».. هذا ما جاء فيها
التالي
كورونا.. «إلى أقرب الأجلين»!