سباق بين «وباءين»!

كورونا

وباء الكورونا لن بدوم إلى الأبد، وسنواجه مجددا نتائج فساد المنظومة الحاكمة ومحاصصاتها والتي بفعل حدة الانهيار والكورونا سيكون أشد واقصى.

اللحظة الاستثنائية

دعونا من هجاء السلطة وارتكاباتها، وتحويل الناس إلى متسولين والنركز على أوضاع الانتفاضة. نزول الناس بمئات الألوف إلى الساحات، كما حصل سابقا هي لحظة استثنائية وليست بالضرورة ان تتكرر بإستمرار وبالتالي ليس من الصحيح ان نقيس نجاحنا او فشلنا بمقارنة وضعنا في كل مرة مع تلك اللحظة الاستثنائية. هذا أولاً.

اقرأ أيضاً: «تحية» للقائد.. «كوفيد التاسع عشر»!

وثانياً علينا أن لا ننتظر جلاء الوباء لنقضي بعدها اسابيع او أشهر ونحن نبحث عن المشترك في رؤيتنا وعن خطط التحرك والتوصل إلى صيغ قيادية وتنسيقية بيننا. وهذا يتطلب الإجابة عن عدد من الاسئلة التي تساعد على ذلك وهذه بعضها:

هل مازال المراهنون على حكومة الرئيس حسان دياب على رأيهم بأنه يستطيع أن  يستقل عن سلطة الفساد وانه سينجح بتحقيق إصلاحات اذا ما أعطى فرصة؟ لقد مضت فترة من التجربة وسيكون هناك متسع من الوقت قبل جلاء الوباء للتأكد. وعلى هؤلاء ان يعبروا علنا عن سوء او صحة رهانهم بعد التجربة. وعلى الذين كانوا مختلفين معهم بالرأي الكف عن التهجم عليهم وكأنهم خصوم والعمل على تقريب وجهات النظر.

علينا تحديد وجهتنا ومعرفة قوتنا وأهدافنا في كل لحظة. فهل  نريد أن ندفع الدولة إلى الإفلاس التام والطلب من الناس العصيان المدني

تمويه الموقف

هل سيستمر البعض بتمويه الموقف من تيار المستقبل ومحاولة الاستفادة من ردات فعل مناصريه من قطع الطرقات وسواه بهدف عودة الرئيس الحريري إلى سدة الحكم؟ ألم يحن الوقت لشرح موقفنا والتنصل من ردات فعل غيرنا عندما تتعارض مع أهدافنا  ووسائلنا؟ وهذا يتطلب ان نعي ان خروج تيار المستقبل من الحكومة قد أضعف الباقيين فيها كثيرا وعراهم ومنعهم من تمويه مواقفها والاختباء وراء الرئيس الحريري او قائد الحزب التقديم الاشتراكي او القوات اللبنانية. إن أسوأ سيناريو يمكن ان يحصل هو رجوع الرئيس الحريري الي رئاسة الحكومة واشعار السنة ان مواقعهم ومصالحهم محفوظة.

حلم الثنائي الشيعي

وهذا حلم الثنائي الشيعي الذي سعوا جاهدين إلى تحقيقه لسحب الجمهور السني من الانتفاضة وتغطية ممارسات الحكومة. هذا لا يعني الإبتعاد عن جمهور تيار المستقبل بل العكس، التقرب منه وشرح وجهة نظرنا والتنصل من اي سلوك له لا يناسبنا. علينا تحديد وجهتنا ومعرفة قوتنا في كل لحظة. وعلينا أن نحدد أهدافنا في كل مرحلة. فهل  نريد أن ندفع الدولة إلى الإفلاس التام والطلب من الناس العصيان المدني والتوقف عن دفع الضرائب والرسوم مترافقا مع قطع للطرقات مع ما يرافق ذلك من عنف من السلطة وردا من المنتفضين كشرط لدفع السلطة للتراجع؟ ام ان التركيز سيبقى على سلمية الحراك؟ واذا كان القرار يتعلق بمدى استجابة الناس للمشاركة في الاعتصامات والتظاهرات فمن يقدر المناسب في كل مرحلة؟ وهل يجوز أن نستمر في ترك كل مجموعة، حزبا كان او جمعية أهلية او جهة طلابيةاو سواها في تقرير خطتها كما تريد وتعريضها لأذى قد ينتج عن سوء تقديرها للوضع كما حصل سابقا؟

طرح الاستقلالية

وهل نستطيع أن نستمر بترك قرار قطع الطرقات او عدمه بيد شباب لا شك في شجاعتهم ونبل أهدافهم ولكن ليس بالضرورة ان يكون قرارهم صائب؟ الا يجب أن نقيم وبوضوح نتائج دفع المنتفضين إلى الصدام مع القوى الأمنية سوءا كان هذا الصدام بتوجه من السلطة ام من المنتفضين. أحياناً تكون الاولوية لطرح استقلالية القضاء وأحيانا أخرى التصدي للقمع وفضحه وأحيانا لابراز دور ميليشيات السلطة وأحيانا أخرى التركيز على حقوق المضمونين بتعويضات نهاية الخدمة… الخ.

وهذا كله ينقلنا الى الشق التنظيمي. أعتقد انه بات بالإمكان بعد تجربة ما قبل الكورونا وتعرف المنتفضبن على بعضهم البعض ان يتفقوا على قيادة لكل ساحة تقرر بالتواصل مع جميع الناشطين خطة العمل والتحرك. ومن الممكن الاتفاق على لجنة مسؤولة عن إدارة ساحة الاعتصام في كل موقع وعلى لجنة ميدانية لقيادة التحرك مظاهرة كانت أم سواه. واللجنة القيادية تتولى هي عبر تكليف احدها التنسيق مع بقية الساحات حول نشاطات محددة.

بتنا بحاجة إلى شكل من أشكال القيادة تصرح وتعالج المستجدات الطارئة وتجد الحلول لأي مشكلة قد تطرأ

تجميع القوى

وإذا كانت هذه الاقتراحات ممكنة التحقيق في ساحات المناطق فإن المركز، اي في بيروت، هو اكثر تعقيدا وبحاجة إلى ابتكار أشكال مركبة من التنظيم. فعدد الجمعيات الأهلية والشخصيات السياسية والمهنية والناشطين من محامين ودكاترة جامعات ومعلمين وطلاب وأطباء وجمعات نسائية و….. كثر. ولكن هناك أسماء عديدة لمعت وربما تكون محط إجماع ويمكن البدء بها لتكون نواة تشكل القيادة. نحن بحاجة إلى قدر من نكران الذات وان يعرف كل منا  حجمه وطاقته. فهناك عشرات المنظمات الأهلية والشخصيات السياسية والأكاديمية التي تطوق لتكون تحت الضوء، فهل من الممكن أن يكون هناك جمعيات عمومية لكل فئة لاختيار مندوب او اثنين عنها مثلا.

اقرأ أيضاً: فيروس كورونا: الرواية الكاملة لجائحة تمتحن الأرض!

ثم يكون هناك جمعية عمومية أضيق من هؤلاء المندوبين. هل من الممكن أن يتفق دكاترة الجامعات على مندوب والمحامين على مندوب وكذلك الفنانين والصحفيين والطلاب والناشطين في المجال النسائي الخ؟ بتنا بحاجة إلى شكل من أشكال القيادة تصرح وتعالج المستجدات الطارئة وتجد الحلول لأي مشكلة قد تطرأ، وعند الضرورة لطرح خيارات أمام مختلف الساحات. كلما استفدنا من فترة السكون بسبب الكورونا في تبادل الآراء بلا تهجمات وبمناخ ديموقراطي يهدف إلى تجميع القوى وليس إلى تصفية الحسابات، كلما كان تحركنا أقوى وانجح في فترة لاحقة. المطلوب منا جميعا المساهمة في طرح العضلات واقتراح الحلول قبل أن يداهمنا الوقت.

السابق
«إعلاميون من أجل الحرية» يستنكر إعتقالات الحمرا: يستغلون «كورونا» للإنقضاض على ناشطين!
التالي
الجيش يُحلّق فوق طرابلس.. وتحذيرات للأهالي!