«الجيوش الصحية» تُنافس الحكومة في «الحرب الكورونية»!

تعقيم الهيئة الصحية في كنائس صور
زاد فيروس "كورونا" من ترهل الدولة وضعفها امام سطوة الاحزاب، التي اخذت دور الحكومة في المعالجة الصحية، ومراكز عزل المصابين في المناطق. لتحل مكان الدولة "جيوش الاحزاب الصحية".

حتى مع فيروس “كورونا” ومواجهته في معركة كاملة الاوصاف يأبى “حزب الله” الا ان يكون الطرف الاقوى فيها وان يخوضها حتى النهاية بعديد يقارب الـ25000  عنصراً وكادراً طبياً، ينشرهم “تكتيكياً” بين الجنوب وبيروت والبقاع بالاضافة الى 23 مركزاً للحجز الصحي  و25 سيارة اسعاف وانعاش وثلاثة مليارات ونصف ليرة ليمسك مفاصل المناطق الثلاثة تحت ستار مكافحة الوباء على طريقة الاستعراض الاعلامي نفسه، والمثل الشعبي القائل :” اذا باضت الدجاجة بيضة اسمعت نقيقها كل الحارة”، ولم يكتف بذلك، بل افرد مقابلة كاملة لرئيس المجلس التنفيذي فيه السيد هاشم صفي الدين للتحدث عن خطة “حزب الله” لمواجهة “كورونا”.

“حزب الله”رمى بكل ثقله في المناطق الشيعية لمنع تفشي المرض لان ذلك يعني ضربة في مقتل البيئة الحاضنة وكذلك عائلات كوادره وخضوعهم للعلاج في مراكز الدولة الصحية يعني انكشاف بنيته التنظيمية

في المقابل خطت “حركة امل” وبناء لتوجيهات رئيسها الرئيس نبيه بري على خطى “الضلع الشيعي الثاني” وبمحاولة للحاق بركبه الدعائي والاعلامي والاستعراضي، ولكن بامكانات اضعف واقل “احترافية” و”ضجيجاً” من حملة الحزب.

تنافس شديد بين “الثنائي”

وتقول مصادر متابعة ان التنافس شديد بين “امل” و”حزب الله” ويترجم احتكاكات بين بلديات “امل” وجهاز “التعبئة الصحية الاسلامية” التابع لـ”حزب الله” حيث منعت “امل” تمدد الحزب في مناطقه وسيطرته البلدية والشعبية والحزبية كما في صور والغازية على خلفية رش المعقمات في الشوارع. ووفق حملة “تكافلوا” لحركة “امل” فإن 25 مركزاً صحياً وللحجر لـ”أمل” تغطي جميع الاقضية اللبنانية.

في المقابل دخل “التيار البرتقالي” على خط الشعبوية الشيعية في ظل اعلانه عن حملة ضخمة لمكافحة كورونا، وعن 19 مركزاً بين اقضية المتن وكسروان و البترون، بعضها يتسع لـ3 مرضى، كما يروج لحملة تبرعات مالية بلغت 250 الف دولار بين لبنان والمهجر.

ووفق احصائية اعلنت امس، يبدو حضور “الاشتراكي” خجولاً بالمراكز الصحية، بثلاثة فقط  في الشوف وحاصبيا وعاليه.

إقرأ أيضاً: خطة «حزب الله» الصحية.. ثلاث رسائل سياسية!

اما المردة فاعلن عن مركزين في قضائي زغرتا و الكورة، و”المستقبل” له مركزان في عكار، اما لكل من “القوات” مركز في زحلة، ولـ”حركة الاستقلال” مركز في إهدن.

هذه الممارسات فيها الكثير من النيل من هيبة الدولة وحضورها في الرعاية الاجتماعية ويعكس ضعفها وهشاشة الحكومة التي تحكمها اليوم

ووفق المصادر يقود هذا السرد المناطقي والحزبي الى جملة استنتاجات، فيها الكثير من النيل من هيبة الدولة وحضورها كدولة رعاية اجتماعية، ويعكس ضعف الدولة وهشاشة الحكومة التي تحكمها اليوم، في حين تبدو الاطراف المشكلة لهذه السلطة غير آبهة بالمركز، اي العاصمة مكان تمركز الدولة، واهتمامها منصب نحو الاطراف حيث الطائفة والمذهب والحزب اي نقطة الانطلاق والعصب الطائفي لكل زعيم.

خيم لعزل مصابي "كورونا" جهزتها "حركة امل" في الجنوب
خيم لعزل مصابي “كورونا” جهزتها “حركة امل” في الجنوب

ومن يتمعن وفق المصادر في خريطة تمركز وانتشار مراكز الحجر الصحية التي اعلنت عنها الاحزاب المذكورة اعلاه، فيكتشف ان “الثنائي الشيعي” ولا سيما “حزب الله” قد رمى بكل ثقله في المناطق الشيعية لمنع تفشي المرض اولاً، لان تفشيه يعني ضربة في مقتل البيئة الحاضنة، وكذلك عائلات وابناء وكوادره وعناصره وخضوعهم للعلاج في مراكز الدولة الصحية يعني  انكشاف بنيته التنظيمية.

اما “حركة امل” فهمّها انتخابي وسياسي وشعبوي واستعراضي،  لكن امكاناتها اقل بكثير من امكانات واهداف “حزب الله” الضخمة.

البلديات رافعة لـ”أمل”

وحتى في مجال الخدمات الاجتماعية والحصص الغذائية، فلولا وجود البلديات وسيطرة “حركة امل”، على جزء هام منها في الجنوب والبقاع. لما تمكنت “امل” من توزيع حصة غذائية واحدة وهي لن تدفع من كيسها ثمن حصة غذائية واحدة في تاريخها اصلاً. ولم يستفد من مال الدولة عبر “امل” الا كل حزبي ومحظي وتابع لمسؤول او جناح داخلها.

اما “التيار الوطني الحر” الذي يريد استلحاق نفسه بعد سلسلة الفضائح التي طالته من الحراك والفساد الى التركيز على العهد وصهره، وصولاً الى مقر جسر نهر الكلب وليس انتهاءاً بفضيحة العميل عامر الفاخوري وصولاً الى “كورونا”.

استمرار ضعف الدولة ومؤسساتها الصحية يعني ابقاء سيطرة الاحزاب على جماهيرها بلقمة العيش وحبة الدواء والحاجة الى التبعية والاستزلام  

وبعد تبييض صورته يريد “التيار” القوطبة على “القوات” شعبياً وانتخابياً كما يريد ان يمنع تزايد حالات “كورونا” التي انتشرت في المتن وبعبدا وجبيل وهناك فوق الـ110 اصابات مصدرها ايطاليا وفرنسا.       

اما “الاشتراكي” الذي منذ الحراك في 17 تشرين الاول الماضي، ويركز رئيسه وليد جنبلاط على البيئة الشعبية الدرزية. حيث انتبه الى الواقع الاجتماعي والاقتصادي الصعب للناس. وبدأ حملة لتموين الجبل والشوف واغاثة المحتاجين والتبرع بمبالغ مالية للصليب الاحمر ولمستشفى رفيق الحريري. وهمّ جنبلاط درزي وحماية طائفته ومناطقها من “الكورونا”، وكذلك تثبيت نفسه كمرجعية درزية تأثرت بالحراك الاخير ايضاً.

اما باقي الاحزاب في باقي المناطق فهي تسعى لمنع انتشار “كورونا” فيها وهي مستعدة لبقاء العصب الشعبي في مناطقها مع سعيها، لتأمين خدمات واغاثة وكلها على حساب الدولة القوية والعادلة.

فاستمرار ضعف الدولة ومؤسساتها الصحية يعني ابقاء سيطرة الاحزاب على جماهيرها بلقمة العيش وحبة الدواء والحاجة الى التبعية والاستزلام.   

السابق
في شكا.. تسجيل 7 اصابات بـ«كورونا»!
التالي
أسرار الصحف المحلية الصادرة يوم الجمعة في 27 آذار 2020