17 تشرين: نحن هنا يا حكومة ويا حكام ويا مصارف

شوارع بيروت كورونا

لم تكن ثورة 17 تشرين الاول بمنأى عن مفاعيل وباء كورونا.لكن لبنان ، على حد تعبير إحدى الناشاطات في هذه الثورة، هو بلد أكثر من وباء، ولن يكون الوباء الجديد الاخير فيها. وكان سؤال “النهار” التي طافت به على نشطاء الثورة مباشرة وعبر وسائل التواصل الاجتماعي:كيف غيّر الحجر الصحي الثورة؟ والى متى؟

في احدث الاجوبة على هذا السؤال المزدوج علمت “النهار” ان المشاروات التي لا تهدأ بين عدد كبير من هيئات المجتمع المدني التي كانت رأس حربة منذ 17 تشرين الاول الماضي ولا تزال،إنتهت الى ان الاولوية الان هي للعنوان الاجتماعي الذي يمس حياة الفئات الاكثر حاجة في ظل أزمة مالية وإقتصادية إزدادت تفاقما بعد بدء مرحلة كورونا ، وهناك متابعة عن كثب للاداء الحكومي على هذا الصعيد.وتقول اوساط هذه الهيئات ان ما يصدر عن مجلس الوزراء في هذه المرحلة يحتاج دوما الى شاهد إثبات الذي لم يظهر بعد، وأعطت مثالا ما قررته الحكومة في آخر جلسة لجهة إعلانها انه من واجبها “البحث عن طريقة لمساعدة الناس الذين تعطلت أعمالهم وهم في بيوتهم، والنظر إلى ظروفهم الاجتماعية والمعيشية الصعبة.” وتعلّق الاوساط نفسها على هذا القرار قائلة: “المطلوب التنفيذ السريع له، لإن الازمة المعيشية خانقة وتطوّق الكثر الساحقة من المواطنين”.

اقرأ أيضاً: لبنان يتّجه إلى تمديد «التعبئة العامة» هل يُفْقِد فيروس الصراع السياسي حكومة دياب «مناعتَها»؟

في نهاية الاسبوع الماضي، كما علمت “النهار”، وإثر صدور قرار مجلس الوزراء بالتشدد بالاجراءات لفرض الحجر الصحي ، بادرت عناصر أمنية فجرا من أجل أخلاء خيم الاعتصام في ساحتيّ الشهداء ورياض الصلح تمهيدا لإنهائه.لكن النشطاء الذين كانوا يبيتون ليلتهم داخل هذه الخيّم إستيقظوا على حركة رجال الامن وسارعوا في إجراء الاتصالات مع زملائهم الذي سارعوا بالعودة الى ساحتيّ الاعتصام ففرضوا تراجع رجال الامن عن تنفيذ قرار فض الاعتصام. وإذا كانت هناك من دلالات لسلوك الحكومة هذا، فهي وفق نشطاء، تنطوي على رغبة السلطة في إقفال ملف الثورة تحت ستار كورونا .لكن هؤلاء النشطاء يقولون ل”النهار” ان أهل الثورة” حريصون على سلامة المواطنين في مواجهة الوباء ،لكنهم أيضا حريصون أن يكونوا على أهبّة العودة الى الساحات لمتابعة النضال عندما تعود الظروف مؤاتية.”ولم يكتم هؤلاء سرا، عندما قالوا انهم تداولوا فكرة معاودة التحرّك مع أرتداء المشاركات والمشاركين الالبسة الواقية، لكن تبيّن ان هذه الالبسة غير متوافرة بكثرة، وإذا ما توافرت فأسعارها باهظة.

في الاشهر القليلة الماضية أبصرت النور جريدة تحمل عنوان “17 تشرين”. وبعد صدور بضعة اعداد ورقية أعلنت في بداية الشهر الجاري على موقعها على الفايسبوك عن تعليق إصدار الجريدة بسبب حجز مصرف معروف ” التّبرّعات الّتي جُمعت من الشّعب قبل شهرين من خلال حملة التبرّع الالكترونيّة على موقع زومال”.

بالعودة الى صلب الازمة ،حمّلت “حركة المبادرة الوطنية” السلطة السياسية المسؤولية الكاملة عن تقاعسها في مواجهة الحرب الجرثومية الصحية وجائحة كورونا لجهة تأخرها الفاضح عن اتخاذ اجراءات الوقاية منذ اللحظة الأولى، ما أوقع البلد في المحظور الطبي . والمريع انها لم تنتقل بعد ومن دون أي مبرر إلى مرحلة اعلان حالة “الطوارىء الصحية” والالتزام بموجباتها الاقتصادية – الاجتماعية لجهة إعالة العائلات الفقيرة ومساعدة العمال المياومين على الصمود. والأسوأ كان في اعلان الحكومة انها في مرحلة تشكيل قاعدة بيانات، وذلك بعد شهر ونيف من اكتشاف الوباء، علماً انه ما من شيء يمنع حالة “طوارىء صحية” يحدد مهامها مجلس الوزراء ويكون من بين أولوياتها تكليف الجيش والقوى الأمنية فرض حظر التجول في سائر لبنان من دون استثناء لمربعات أمنية ، او استعمال سياسة الكيل بمكيالين على هذه المدينة أو تلك المنطقة.”

في سياق متصل ،يقول الدكتور جاد شعبان وهو اقتصادي وسياسي لبناني  وباحث وكاتب في التنمية الاقتصادية على حسابه على تويتر:”يجب اقرار خطة طوارىء اقتصادية واجتماعية لمواكبة الخطة الصحية لمواجهة الكورونا. العديد ليس لديهم مقومات الحجر المنزلي لمدة طويلة. قرابة المليون شخص فقدوا مدخولهم بسبب الاقفال أو هم عاطلون عن العمل، وليس لديهم أي امكانيات ذاتية لتغطية مصروفهم ومصروف عائلاتهم.”

في العنوان السياسي، لم يفت “تحالف وطني ” ان يصدر بيانا حمل عنوان :”حكومة  الأقنعة تسقط في امتحان العميل عامر الفاخوري”.وأكد التحالف ” تمسكه بالدعوة لانتخابات نيابية مبكرة كخيار وحيد للإطاحة بالمنظومة الحاكمة وإنتاج سلطة تمثل مصالح الشعب وتحفظ حقوقه وكرامته.”

في قراءة واسعة لثورة 17 تشرين، يمكن الذهاب الى ما حدث أخيرا في العراق. تحت عنوان “الحراك العراقي يسدل الستار على “ثورة تشرين” بسبب «كورونا” كتب فاضل النشمي في الشرق الاوسط: “أسدل الحراك العراقي، رسمياً، الستار على نحو خمسة أشهر من التظاهرات والاحتجاجات، أو ما بات يعرف بـ”ثورة تشرين”، نتيجة المخاوف من تفشي فيروس كورونا… على أمل الانتهاء من مخاطر الفيروس الخطير، والعودة من جديد، في حال تعثر القوى السياسية والحكومة في تحقيق مطالب حركة الاحتجاج.”

وفيما اكتفت جماعات الحراك بإعلان موقفها من دون إصدار بيان، أصدر اتحاد الطلبة في محافظة ذي قار، بياناً علق بموجبه وجوده في ساحة الحبوبي، وسط مدينة الناصرية التي تعد أحد معاقل الحركة الاحتجاجية الرئيسية، بعد ساحة التحرير في العاصمة بغداد. وطالب البيان “الحكومة المركزية، بزيادة عدد مواد الحصة التموينية للعوائل المتعففة التي ليس لها القدرة على توفير القوت اليومي، في ظل وجود حظر التجوال، وإعطاء مبلغ مالي يرفق مع الحصة التموينية لكل فرد، إلى جانب إعفاء المواطنين من أجور الكهرباء والماء.”

هذا في العراق.أما في لبنان فقد عاد الثوار الى بيوتهم والحكومة لم تقدم حصة تموينية ولا مال ولم تعف المواطنين من سداد فواتير الكهرباء والماء فيما بقيت خدمات الانترنت بكلفتها كما ولو ان لبنان في أفضل الاحوال.لذلك يقول الدكتور توفيق الهندي:”كورونا المنقذ المؤقت للسلطة المارقة الانتفاضة مستمرة “. أي بعبارة أخرى ان الثورة باقية فلا تطمئن الحكومة ولا الحكومة ولا المصارف الى انهم معفيون  من المسائلة مهما طال زمن كورونا.

السابق
مع تفشي «كورونا».. فرار 5 سجناء من سجن راشيا!
التالي
في لبنان.. عدّاد «الكورونا» يقفز الى 368 إصابة!