الارجنتين او فنزويلا.. كيف ستدار «تفليسة» لبنان؟

لبنان وضع اقتصادي

مع تفاقم الأزمة المالية والاقتصادية في لبنان، والتي بغلت حدّ تعليق الحكومة سداد الديون الخارجية في ظلّ شحّ السيولة الحاصل، وقد فتحت الأزمة اللبنانية المتشعبة باب المقارنة مع أزمات سابقة حصلت في دول أخرى، بحثا عن النقاط المشتركة التي وجدت لها المراكز الدولية حلولا ناجعة، ما قد يسهل عملية استدراج برامج الإنقاذ لا سيما التقنية منها.
وفي خلال عمليات المقارنة، وعلى سبيل المثال لا الحصر، قامت وحدة الأبحاث والدراسات «ميريل لينش» التابعة لـ«بنك أوف أميركا»، في العام الماضي، بإعداد دراسة لها علاقة بإعادة هيكلة الديون التي فرضها صندوق النقد، وتأثير ذلك على القطاع المصرفي. واعتبرت أن لبنان، قريب من بلدان على غرار موزمبيق وقبرص وباربادوس، وهي دول تعاني من المديونية، ولديها نسبة عالية من العجز في المالية العامة بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي. وذلك بينما يعتبر الكثير من الخبراء أن لبنان قد يكون أقرب في أزمته إلى دولة الأرجنتين، والبعض الآخر يصفه بأنه «يونان» آخر.

إقرأ أيضاً: مرحلة المفاوضات مع الدائنين انطلقت.. والدعاوى القضائية مرجحة!


وفي هذا الإطار، يقول الخبير الاقتصادي الدكتور بيار خوري لـ “الشرق الأوسط” : «هنالك خطأ جوهري عند مقارنة تجربة لبنان بالأرجنتين، إذ إن الأخيرة دخلت ببرامج التكييف الهيكلي مع صندوق النقد الدولي، وهي البرامج التي تقوم على تغيير جذري في البنية الاقتصادية والاجتماعية، وإعادة توزيع الدخل وعناصر الإنتاج، بما يؤول لتعزيز دور القطاع الخاص في الدورة الاقتصادية. والأرجنتين كما الكثير من الدول التي انخرطت في برامج الصندوق، في ظل تناغم سياسي وقيادة سياسية”.
ويتابع خوري «في لبنان لا توجد نظرة موحدة لكيفية الخروج من الأزمة الاقتصادية. فمن الناحية السياسية، ثمة شرخ كبير بين الأفرقاء السياسيين على التعاون مع صندوق النقد من خلال برنامج معين، جل ما تم الاتفاق عليه في لبنان هو الحصول على استشارة من الصندوق وضعت في إطار الاستشارة التقنية، وحتى هذه الاستشارة لم تكن واضحة.

النموذج الفنزويلي


انطلاقا من هذه النقاط، يرى خوري أن «لبنان يميل في أزمته أكثر نحو النموذج الفنزويلي، البلد العائم على النفط. وهذه الميزة ما زالت احتمالية فحسب في لبنان، في الوقت الحالي. إلا أن الحصار الاقتصادي والسياسي والمالي أدى إلى انهيار اقتصاد فنزويلا الداخلي، وتعطل نظام المدفوعات الدولية، وذلك بالإضافة إلى الأخطاء التي ارتكبت في إدارة الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو للأزمة. وفي لبنان توجد نقاط قريبة لفنزويلا، سواء كانت مجموعة الأخطاء في الإدارة العامة للدولة، وعدم وجود نظرة بعيدة الأمد، إلى مخاطر الصراعات الجيوسياسية وإمكانية تأثيرها على شل النشاط الاقتصادي، وانعدام التدفقات الدولية، إضافة إلى الفساد. كل هذه الأمور تجعل من لبنان يقترب من النموذج الفنزويلي في ظل الوضع الحالي».
ويختم خوري: «نحن، وضمن هذه الشروط السياسية الاقتصادية، قريبون من هذا النموذج وليس من النموذج الأرجنتيني، سيما وأن فجوة الانهيار الذي عانت منه فنزويلا كانت كبيرة جدا. إلى اليوم لبنان يقترب من هذه الفجوة، ولكن ربما في حال اتخذت الإجراءات المناسبة وتم الاتفاق على استراتيجية اقتصادية، تحيد المصلحة الاقتصادية عن الصراعات الجيواستراتيجية، نكون قد تفادينا الانزلاق إلى المجهول الكبير.

السابق
خطوة مهمة لاحتواء «كورونا».. هذا متوسط فترة حضانة الفيروس!
التالي
«بلديات مقاومة».. جباية لمصلحة جيوب المحازبين!