لبنان أمامه أسبوع لمفاوضة الدائنين..وإلا!

حسان دياب

التمهيد لتعليق لبنان سداد ديونه الداخلية والخارجية كافة لم يكن وليدة كلمة رئيس الحكومة حسان دياب بل هو كناية عن مسار عمره اسابيع، ولكنه فتح الباب امام توقع تداعيات لهذا القرار على المستوى السياسي والاقتصادي والدولي، ولا سيما حضور لبنان على الخريطة الدولية وما يرتبه شبه اعلان “افلاس” الدولة المالي وما سيرتبه ذلك من نتائج.

وتشير المعلومات الى ان لدى لبنان فترة سماح اضافية لاسبوع يفترض ان يحصل خلالها التوافق مع الدائنين على المفاوضات لاعادة هيكلة الديون والا تبدأ احتمالات تقديم دعاوى على لبنان .

وقالت صحيفة “النهار” في افتتاحيتها اليوم : مع ان أحدا لم يفاجأ بالقرار النهائي الحاسم الذي اتخذته الحكومة اللبنانية بتغطية سياسية كاملة من التحالف السلطوي الحاكم بتعليق سداد استحقاقات الديون السيادية بدءا باستحقاق 9 آذار فان ذلك لا يخفف وقع حدث غير مسبوق وبالغ الخطورة في ابعاده ودلالاته ويتمثل في تخلف لبنان للمرة الاولى في تاريخه عن تسديد الديون . والواقع ان الحيثيات التي اعلنها رئيس الحكومة حسان دياب لتبرير قرار تعليق سداد الاستحقاق اتسمت بطابع دراماتيكي يغلب عليه الاتجاه نحو مغامرة شديدة الغموض تضع لبنان امام مجهول في واقع انتسابه الى الاسرة الدولية لو انه استند في تعليله الى عوامل واقعية من وحي التراجع الخطير في الاحتياطات المالية بالعملات الأجنبية وحاجة لبنان الماسة الى توفير التمويل للحاجات الاستراتيجية .

لماذا تجاهل مشورة الصندوق؟

ذلك انه اذا كان قرار التعليق سيجد في الداخل من يؤيده ويدافع عنه بداعي توفير الأموال الشحيحة المتبقية في لبنان البلد الاكثر مديونية في العالم فان القرار فتح الباب واسعا امام محاذير التخلف عن السداد خصوصا ان الحكومة أعطت الانطباع المسبق على اتجاهها الى هذه الخطوة من دون وسيط دولي اساسي وضروري كان يمكن ان يساعد لبنان ويوفر له التغطية تجاه الدائنين الدوليين وهو صندوق النقد الدولي .

إقرأ أيضاً: في اسبوع واحد.. لبنان من بلد نفطي الى مفلس.. خطاب دياب يفجر غضبا: «حكومة تكنوخراب»!

وتاليا فان السؤال الاكبر والاهم والاكثر جوهرية بعد قرار تعليق السداد هو الى اي مدى سيجد لبنان تفهما حقيقيا وجديا لقراره من الدائنين وهل ستتمكن المفاوضات الشاقة بين لبنان ودائنيه متى انطلقت من توفير مسار توافقي لاعادة هيكلة الدين وفق ما تطلب الحكومة ام ان الامر سيكون اشبه بسمك في البحر بحيث يستحيل الجزم مسبقا بنتائجه من الان ؟

محاكمة دياب للسياسات السابقة!

والسؤال الذي لا يقل اهمية وخطورة عن الاول هل سيكفي الدول والجهات الدائنة للبنان ان يعلن رئيس الحكومة عناوين مكررة لخطة اصلاحية قرن إعلانها بقرار تعليق سداد الدين لكي تفتح امام حكومته أبواب الاستجابة لدعم لبنان وعدم الاقدام على خطوات قانونية من شأنها تعريضه لاجراءات سلبية اكثر مما يتصور اهل الحكم ؟

كما ان تساؤلات اخرى تثار تلقائيا حيال ما أعلنه الرئيس دياب في كلمته مساء امس من السرايا وتتصل بإمعان لديه على محاكمة السياسات السابقة وتحميلها تبعة الازمة الكبرى من دون ان يتنبه الى انه شريك معظم القوى السياسية التي كانت ولا تزال مسؤولة عن هذه السياسات فيما بات هو شريكها ورأس حربتها اليوم .

وهو امر سيرخي ذيولا داخلية على مدى قدرة دياب وحكومته في التزام عناوين الإصلاحات التي اعلنها فيما تبقى نقطة الشكوك الاساسية في هذا الجانب عما يمكن ان تقوم به الحكومة لمعالجة الازمة المصرفية المالية في ظل تعهد دياب السعي الى حماية الودائع ولا سيما منها لصغار المودعين.

سيناريو طويل

ولوحظ في هذا السياق ان السرايا سارعت بعد كلمة دياب الى تسريب معلومات غير رسمية عن بدء المفاوضات مع الدائنين قبل اعلان قرار الحكومة للتقليل من المخاوف حيال موقف الدائنين من قرار التخلف عن السداد .

في اي حال لا بد من الاشارة الى ان اعلان دياب للقرار جاء بعد سيناريو طويل من التمهيدات المتدرجة بدأ بلقاء رئاسي وزراي برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة ووزراء وخبراء انتهى الى اعلان الدعم الجماعي للمجتمعين للحكومة في القرارات التي ستتخذها باستثناء قرار دفع الديون بما عكس ان الغطاء السياسي توفر لقرار اتخذ سلفا .

ثم انعقدت جلسة لمجلس الوزراء جرى خلالها تشريح الخيار المتخذ واحتمالاته .

ومساء اعلن الرئيس دياب القرار في كلمة وجهها الى اللبنانيين من السرايا في حضور جميع الوزراء . وفي اطار تعليله للقرار قال “ان احتياطاتنا من العملات الصعبة قد بلغت مستوى حرجا وخطيرا مما يدفع الجمهورية اللبنانية الى تعليق سداد استحقاق 9 آذار من اليوروبوند لضرورة استخدام هذه المبالغ في تأمين الحاجات الاساسية للشعب اللبناني “.

السابق
قاآني في ظهوره الأول خارج إيران.. على «صورة ونمط» سلفه سليماني!
التالي
بعد تعليق دفع الديون.. المعارضة تتخوف من سيناريو الدولة الفاشلة!