«حزب الله» في يوم تشييع ضحايا إدلب: الموت لصندوق النقد!

حزب الله

الاف القتلى والجرحى الذين سقطوا في صفوف “حزب الله” منذ تدخله في سوريا بعد العام 2011 .لكن الدفعة الاخيرة من قتلى الحزب في المعارك الدائرة في منطقة أدلب فاقت ما عداها من تأثير بسبب شهادات أدلى بها عناصر الحزب من الميدان ،وهي كشفت حجم التخلي من الجانب الروسي وإنهزام جيش نظام بشار الاسد، ما جعل الحرس الثوري الايراني وأذرعه يقعون تحت رحمة الرد التركي ثأرا لمصرع 33 جنديا تركي قبل أيام. كيف كانت ردة فعل الحزب على ضحاياه في مجزرة إدلب؟

قبل الاجابة على هذا السؤال، لا بد من التوقف عند الرصاص الغزير الذي رافق تشييع خمسة من عناصر الحزب في الضاحية الجنوبية لبيروت يوم السبت الماضي. ويقول سكان المنطقة ، انها المرة الاولى منذ عامين التي تعود فيها عادة إطلاق النار الى مناسبات الحزب بعدما تدخّل الامين العام السيد حسن نصرالله  شخصيا للتوقف عن إطلاق النار .لكن هذا التوقف إنتهى بالامس، الامر رأى فيه هؤلاء السكان تنفيسا لغضب في بيئة الحزب مما وقع في شمالي غرب سوريا.

اقرأ أيضاً: «نيران صديقة» في مقتلة إدلب تدفع نحو جلاء الجيوش الأجنبية عن سوريا

إعتاد “حزب الله” طويلا منذ تأسيسه في مطلع الثمانينات من القرن الماضي أن يتولى تسجيل شهادات لعناصره الذين يستعد الحزب لإرسالهم في عمليات إستشهادية ضد الاحتلال الاسرائيلي، على غرار ما فعلت حركات مسلحة قبله في المنطقة والعالم .وفي النص الذي يتلوه العنصر قبل رحيله يمتاز بدقة سبكه الذي يخدم أهداف الحزب وراعيه الايراني فيما يتم تصوير التلاوة من دون أية أخطاء فنية كي يؤدي غرضه التعبوي عند توزيعه لاحقا بعد غيابه .ومن النماذج،  وصية عنصر سقط عام 1989 في مليتا بجبل صافي –اللويزة بجنوب لبنان خلال عملية ضد الاحتلال الاسرائيلي، ووزعتها “المقاومة الاسلامية ” وجاء فيها وصية الراحل لإسرته: “إياكم والبعد عن الإمام الخميني وأبنائه في أمة حزب الله في لبنان.”

بعد أكثر من ثلاثين عاما ، أطل مقاتل من الحزب يدعى محمد جمال ترشيشي من منطقة أدلب في تسجيل مصوّر أنجزه بنفسه وأرتجل خلاله رسالة الى بيئته عبر تطبيق (واتس اب) ، قال فيه :””في كربلاء الكل استشهد نحنا فدا اجريكي يا زهراء، لكن للصراحة ما فينا نحمل لانو حصدونا حصد”.وظهر أسم ترشيشي بين اسماء خمسة مقاتلين نعاهم الحزب لاحقا.

كما ورد في تسجيل لمقاتل آخر من الميدان نفسه: “الروس لم يساعدونا، لقد خذلونا. والجيش هرب، وبقي شبابنا لوحدهم”.

الزمن تغيّر بالكامل. وصار الضحايا يقولون بأنفسهم ما يريدون أن يقولوه من دون أية مساعدة أو تدخل في الشكل أو في المضمون.وبالفعل، فقد إنتشر هذان التسجيلان على نطاق واسع ، ولم يصدر “حزب الله” رسميا حولهما أي تعليق .لكن الحزب ، وأزاء الخسارة الجديدة  المشهودة التي منيّ بها إكتفى بتوزيع بيان عبر موقعه الالكتروني “العهد” وحمل عنوان “المركز الاستشاري الإيراني في سوريا: ندعو القوات التركية للتصرف بعقلانية”. وجاء في مقدمة الموقع للبيان: “شدد المركز الاستشاري الإيراني في سوريا باسمه وباسم جبهة المقاومة، على ضرورة أن تتصرف القوات التركية “بعقلانية”، لما فيه مصلحة الشعبين السوري والتركي، مجددا دعمه للجيش السوري في تحرير أرضه ومؤكدا سقوط شهداء للمقاومة بقصف تركي خلال العمليات العسكرية.”

هكذا مضت قافلة جديدة من ضحايا “حزب الله”  في الحرب السورية التي بلغت منعطفا خطراً، تاركا الرد على عاتق “المركز الاستشاري الإيراني في سوريا” الذي صار ناطقا رسميا في سوريا ينوب بنفسه حتى عن نظام بشار الاسد ليحدد مسار الاحداث هناك. ويقول خبراء في الملف الايراني لـ”النهار” أن طهران “تعتمد مركزاً إستشارياً تابع لها في كل بلد من مناطق نفوذها في المنطقة يرسم الخطط ويعطي التوجيهات كما هو الحال في سوريا ولبنان. وهذا ما يفسر إكتفاء الحزب بما أصدره مركز سوريا حيال ما جرى في أدلب”.

إنكفاء “حزب الله” في تسجيل ردة فعل رسمية  حيال هذه المأساة التي طاولت ليس بيئة الحزب ” فحسب ، وإنما  طاولت لبنان بأسره ، ترى فيه اوساط شيعية معارضة مخاطر لا بد من تداركها.فقد  تخوّفت هذه المصادر عبر “النهار” من أن يكون هذا التورط الجديد للحزب في إدلب  منطلقا ل”فتنة مذهبية” تنطلق شرارتها اليوم من سوريا وتصل لاحقا الى  أقطار أخرى بينها لبنان الذي يتصف ببيئة مؤاتية لذلك”.

ما يثير الغرابة ،بحسب المراقبين هو الاطلالة الاعلامية لعدد من مسؤولي الحزب في يوم تشييع ضحايا أدلب ، للحديث عن مستجدات فيروس “كورونا”، وكذلك للحديث عن الازمة المالية وما يمكن القيام به عبر الاستعانة بصندوق النقد الدولي بإعتبار ان لبنان عضو فيه أسوة بمعظم دول العالم.وكان الاوضح في هذه الاطلالة النائب في كتلة “الوفاء للمقاومة” حسن فضل الله.ففي موضوع الفيروس نصح فضل الله  ب”عدم تبادل القبلات والمصافحة ” مطالبا بإعتماد “آداب السعال”. أما في موضوع صندوق النقد فقال: “الذين يريدون أن يسلموا البلد إلى جهات دولية، يعدمون كل الخيارات ليبقى أمام لبنان خيار واحد، وهو أن يخضع لبرنامج صندوق النقد” الذي “نرفض أن يكون لبنان تحت وصايته”.

في تطور يتصل بقيام معارضة سياسية جرى بالامس “اعلان حركة المبادرة الوطنية 2020.” وفي البيان الذي تلاه الدكتور فارس سعيّد في المناسبة: “إن المجموعة الدولية لإنقاذ لبنان التي اجتمعت في باريس في 12 كانون الاول من العام الفائت، أصدرت بياناً بعد نيل حكومة الرئيس دياب الثقة، أن لا مساعدة للبنان إلا من خلال العودة للدستور والطائف وإعلان بعبدا وقرارات الشرعية الدولية 1559، 1701، 1680 1757، فما بالنا نبحث عن مخارج لأحزاب ومجموعات تواجه الشرعية اللبنانية والعربية والدولية؟” وردا على سؤال أستعاد سعيّد ما حلّ بلبنان في حرب تموز عام 2006 ، قال :”هل من أجل أن ننقذ إقتصادنا وماليتنا ، يجب أن ندخل أيضا بمسار تخريبي في مواجهة الشرعية اللبنانية والشرعية الدولية ؟”

هذا التساؤل  يشير في ضوء ما يطلّ به اليوم  “حزب الله” بشعار يكاد ان يقول: “الموت لصندوق النقد الدولي”، الى أن لبنان يتجه الى مأساة مالية تماثل بخسائرها مأساة حرب 2006 العسكرية!

السابق
مصائب «الكورونا» عند قوم «فوائد»!
التالي
مستشار ظريف يلتحق بقافلة المُصابين بالكورونا!