يوم ترمّلت الثورة.. «كفرنبل» وصرخة «حُريّة» الباقية!

إدلب
مرّ خبر سقوط «كفرنبل» بيد النظام السوري عابراً أمام مجتمع دولي لا يأبه لمليون نازح آخر على الحدود واقتصاد مدّمر وصرخات حفرت في ذاكرة التاريخ عميقاًَ

أن تسير بين أشجار الزيتون، يعني أن موسماً من الزيت ينتظرك بعد عدة أشهر، ولأنك في إدلب ستعرف المذاق جيداً وتدرك أن لكل قرية في هذا البساط الأخضر من سوريا فن متقن في الصناعة، فكيف إذا دارت الأيام وتمردت “كفرنبل” على ظلم الأسد لتعكس صورة حية عن بلدة استعصى عليها الاستبداد وكسرت بجدرانها الصورة النمطية لإدلب، بل وصل صوت لوحاتها إلى العالم الذي يصّم اليوم أذنيه عن سماع صوت الرياح تعصف بأبواب بيوتها بعدما تهدّمت، وهجّر أهلها وعفّشت محتويات منازلها، هذه “كفرنبل” التي سقطت بيد الأسد يوم أمس.

كفرنبل
كفرنبل

وحيث تقدمت قوات النظام وسار عناصر الميليشيات في أحياء كفرنبل، طالعهم غرافيتي الجدران الذي روى حكاية سوريا في تسع سنوات، نددت فيها كفرنبل بالتدخل الدولي، صرخت ليسمع المراقبين الأممين صوتها، تحدّت الفصائل المتطرفة ونادت لجراح حلب ونكبة حمص واستغاثة الغوطة، وقفت جنب السويداء حين هاجتمها داعش، وقالت للرقة لست وحدك من تذبحين بصمت، أنا أيضاً أموت قهراً من أجلك.

كفرنبل
كفرنبل

وكأنّه مأتم بثياب سوداء لأم فقدت أبناءها واحداً تلو الآخر، ومع ذلك لم تعتد التشييع بل كانت تزغرد لتضحياتهم، ولكن حين تمكن الألم منها هزمت وغدا موقع الجرح عشرة بل مئة في جسد سوريا المدّمى.

إقرأ أيضاً: النظام يدخل كفرنبل على دماء 44 شخصاً!

ولأن لثورة الشعب السوري أكثر من مهد، لم تكن كفرنبل بأقل شأناً من صرخة الثورة في درعا واعتصام الساحة في حمص ووقفة الناشطات النسويات في سوق الحميدية بقلب دمشق، هي التي شهدت سقوط معاقل الثورة واحداً تلو الآخر بيد النظام، من درعا إلى الوعر وحتى حلب، لكنها لم تسلّم لأن أهلها هم من تنفسوا الحرية واختبروها جيداً فعرفوا كيف يُكسر الرمز وكيف تغلب الإرادة التاريخ، فالمدن تروى بتاريخ من ماتوا من أجلها، فئن دوّن الغزاة تاريخهم كما أرادوا وقف لهم الضمير شاهداً حياً على ما حدث في هذه الأرض.

كفرنبل
كفرنبل

ولأن قليلاً من يتقن لفظ اسمها بالشكل الصحيح فأنت بحاجة لتسكين الكاف بالتزامن مع تكسين الجرح المدمى وفتح الفاء مع فتح صور الذكريات التي عاشتها المدينة الثائرة لتنساب إلى مسامعك صوت الصرخة الأولى “حرية للأبد .. غصبن عنك يا أسد”

السابق
بعد تعيين مستشار دولي لإعادة هيكلة الديون.. لبنان يدفع 71 مليون دولار فائدة سندات دولية!
التالي
بعد أخذٍ ورد.. وزارة الصحة تعلن تسجيل اصابة ثانية بـ «كورونا»!