اقتصاد النهب من «الكليبتوقراطيين» إلى «التكنوقراطيين»!

الثورة اللبنانية

ذات يوم اكتشف فلاح فقير بيضة ذهبية تلمع في عش دجاجته، في البداية ظن انها خدعة، لكن مع الوقت قدر ثمنها فقرر أن ينزل إلى السوق ليبيعها ويقبض ثمنها.

لم يكد الفلاح يصدق حظه السعيد لقد اتضح ان البيضة من الذهب الخالص وزاد من سعادته الغامرة ان وجد في اليوم التالي بيضة اخرى ذهبية باضتها دجاجته، ويوم بعد يوم كان الفلاح يصحو مندفعاً نحو العش ليجد بيضة ذهبية أخرى، وفي فترة وجيزة اصبح الرجل ثريا للغاية.

إقرأأيضاً: «التوتاليتارية» اللبنانية.. لا ترحب بكم!

لكن مع الثروة عادة ما يأتي الطمع ونفاذ الصبر، ومع عدم الصبر على الانتظار كل يوم للحصول على بيضة جديدة قرر ذبح الدجاجة للحصول على كل البيض دفعة واحدة، لكن حين ذبحها وفتحها لم يجد فيها بيضاً لا من فضة ولا من ذهب ولا حتى بيضة بصفار، ومع ذلك هو لم يدرك ان بموتها لم تعد هنالك وسيلة للحصول على المزيد منها، لقد دمر الفلاح الجشع المصدر الوحيد لانتاج ذلك الذهب.

كذلك هم طبقة الكليبتوقراطيين، لكن مع فارق هنا كبير بين ما (وهبه) الله لذلك الفلاح وبين ما لم يهبه لهؤلاء السياسيين، نظام حكم اللصوص هذا يتمتع به قلة كثيرة من السياسيين الذين يراكمون بيضهم الذهبي من السلطة الممنوحة لهم (بالصدفة أو بالديمقراطية الصوتية المقلدة)، ولتتحول هذه القلة بعد ذلك مع الوقت إلى أولغاركية مستبدة تستبد مع من يعاونها وتتسلط على موارد المال العام ووسائل صرف هذا المال ، إلى أن تصل في سطوتها إلى مرحلة تكون فيها الرقابة الخارجية عليها مستحيلة أو معدومة.

وهي بالمناسبة أي تلك الفئة تتكاثر في الدول النامية أو المنهارة مع الزيادة في المداخيل ومع الإستنزاف الحاصل لموارد الدولة والمواطنين. يبقى أن هنالك شكل خاص من حكم الكليبتوقراطين يسمى إقتصاد السرقة أو إقتصاد النهب أيضاً وهذا النوع يلزم أصحابه بالبقاء في حالة حرب مستمرة مع الداخل ومع المحيط  ليتسنى لها سحب المال ليس فقط من صناديق الإدارات العامة بل ومن الأموال الخاصة عبر فرض ضريبة الجالية أو خراج مال الجماجم الغير مباشرة لقاء بدل الخوف من الحرب التي فرضته عليهم.

هنالك شكل خاص من حكم الكليبتوقراطين يسمى إقتصاد السرقة يلزم أصحابه بالبقاء في حالة حرب مستمرة

لقد أضر هؤلاء بمصالح الدولة واقتصادها وشؤونها السياسية والحقوق المدنية فيها ودمروا أفاق الأستثمار وأضعفوا السوق المحلية والتجارة عبر الحدود، هم اختلسوا الاموال وانخرطوا في الملذات وتبعوا الأهواء ومصالح الأسياد (الإقليميين والدوليين) إلى حد  تدهورت معه حياة المواطنين وتضررت بشكل كبير.

رفض تلك الطبقة ومعاداة هيمنتها ومن ثم عزلها واستأصالها هو السبيل الوحيد لمداواة الأوطان من دائها، وغير ذلك من محاولات ناعمة يبقيها في حالة تفشي سرطاني يسعدها لوقت تعتبره مستقطعاً لإستعادة أنفاسها لكنه في الحقيقة ليس إلا بداية نهاية حياة المريض ومعه حياتها.

السابق
بعدما وصلت بيروت.. هل من إصابات على متن الطائرة الإيرانية الثانية؟
التالي
بالفيديو: «درونز» وسيارات بدون سائق.. هكذا تُقاتل الصين فايروس كورونا!