نصوص سعد الله ونوس في المسرح السوري.. هل تلتف على السلطة؟!

سعد الله ونوس
يواجه المسرح السوري صعوبات جمّة في الحفاظ على استمراريته.. ولكن هل تفرّغ نصوص المسرحيين من دلالاتها لتصبح صالحة للعرض؟!

مفارقة أن تحدث حين اختار الفنان السوري فايز قزق أن يخرج عرض مسرحي بعنوان “الاغتصاب” للكاتب المسرحي الراحل سعدالله ونوس والذي سبق وقدم على خشبة مسرح الجامعة الأميركية في بيروت عام 2015.

وقد استوحى ونوس، وهو مؤسس المسرح العالي في دمشق، موضوع مسرحيته من مسرحية للكاتب المسرحي الإسباني أنطونيو بويرو باييخو بعنوان “الحياة المزدوجة للطبيب فالمي” في العام 1989.

قام ونوس بنقل هذه الحكاية لتصوّر الضفة الغربية في زمن الانتفاضة الفلسطينية الأولى حين نزل مئات الآلاف من الرجال والنساء والأطفال إلى الشوارع للاحتجاج على الاحتلال الإسرائيلي، ما أدى إلى احتجاز وتعذيب وقتل ما يزيد عن ألف فلسطيني، إلى ان وقّعت معاهدة أوسلو في العام 1993.

مشهد من عرض الاغتصاب
مشهد من عرض الاغتصاب “بيروت 2015”

وكان النص المسرحي الذي يعالج اشكالية الصراع العربي الاسرائيلي، من منظور ثقافي، قدمته المخرجة سحر عساف، حيث عرضت المسرحية على مسرح “أيروين” في “الجامعة اللبنانية الأميركية” عام 2015، واليوم يعيده الفنان السوري فايز قزق مع طلاب جامعة “المنارة” في مدينة اللاذقية السورية في أول عرض مسرحي تقدمه الجامعة التي أنشأت من قبل أسماء الأسد لتكون أول جامعة خاصة تملكها الأمانة السورية للتنمية وتتبع مباشرة لرؤية آل الأسد.

وشكل قرار إنشاء قسم للتمثيل ضمن الجامعة حالة من الاستياء لدى الوسط الفني، خاصة أن ما سمّي بكلية فنون الأداء ضمن الجامعة الخاصة استقطب أساتذة المعهد العالي للفنون المسرحية المتواجد في دمشق والذي يعد المنبر الأهم لتخريج أهم كوادر الفن في سوريا خلال نصف القرن الأخير.

إقرأ أيضاً: «جميل بثينة» ينقُل مسرح كراكلا إلى السعودية!

وتزامناً مع عرض “الاغتصاب” الذي لا يخلو من دلالات كثيرة ترتبط بالواقع الحالي، كان المعهد العالي للفنون المسرحية يشهد عرض “الزير سالم” لطلاب السنة الثالثة أيضاً بإشراف الفنان الفلسطيني حسن عويتي مبتعداً عن المساس برقابة النظام التي خفضت سقف الحريات في التعبير الفني، فاختار المسرحيون اللجوء إلى مسارح صغيرة الحجم وتتبع لجمعيات مستقلة للابتعاد عن قرارات الرقابة المجحفة مثل مدرسة الفن المسرحي في مدينة جرمانا بريف دمشق أو النادي العربي قرب ساحة المحافظة.

مشهد من مسرحية اغتصاب
مشهد من مسرحية اغتصاب “اللاذقية 2020”

فإن حالف الحظ عرض مسرحي مدعوم من صندوق خارجي مثل مسرحية “درس قاسٍ” فإن الرقابة حين أجازت عرض النص على خشبة مسرح القباني اجتزأت جمل عديدة منه تساوي بين أطراف النزاع وتعرّي أفعال النظام.

وهكذا يفقد المسرح السوري في وضعه الحالي أهم أركانه وهي حرية التعبير، ما دفع فنانين مسرحيين إلى اختيار لبنان مساحة لإبداعهم فكانت تجارب عديدة مثل “العمل للأمل” والذي قام على مسرح تفاعلي مع اللاجئين السوريين والفلسطينين في لبنان، أو تجربة “استديو كون” في مسرح “دوار الشمس” والذي قدّم من خلالها عدة نصوص عرضت في لبنان والخارج.

في حين اختار قسم آخر من المسرحيين الهوى الغربي فكانت نصوصهم على مسارح ألمانية وأوروبية عديدة، فقدّم نوار بلبل مسرحية “مولانا” في فرنسا، وتعددت المشاركات المسرحية في ألمانيا من نص وتمثيل وإخراج وعبر بعضها للمشاركة في مهرجانات مسرحية عربية كقرطاج.

السابق
الأوضاع المعيشية غائبة عن البيان الوزاري.. الأولوية للـ«المقاومة» والنازحين!
التالي
ملتقى مالي إقتصادي في صيدا يعرض بالأرقام لسياسات الإنهيار