ماذا يعني صمت «حزب الله» على ربط صفقة القرن بإغتيال سليماني؟

قاسم سليماني

التفاعلات الداخلية والخارجية التي تلت الاعلان عن صفقة القرن إتخذت وجوها عدة. وما يهم لبنان، أن لا تتحول الصفقة الى مادة للانقسام، كما هو عادة في كل مناسبة تتصل بشأن عربي عموما وفلسطيني خصوصاً. والجهة الاساسية التي تتجه اليه الانظار في هذه المناسبة هو “حزب الله” الذي يصف نفسه بأنه  القوة الرئيسية التي تمثل إيران فيما كل ما يتصل بالقضية الفلسطينية.فكيف أتت ردة فعل الحزب على هذا الحدث؟

البيان الذي أصدرته دائرة العلاقات الاعلامية في الحزب ، وكان في طليعة ردود الفعل الداخلية، وصف الصفقة التي أعلنها الرئيس الاميركي دونالد ترامب بأنها “صفقة العار وخطوة خطيرة للغاية ولها إنعكاسات بالغة السوء على مستقبل المنطقة وشعوبها “.ولم يفت الحزب كالعادة تخوين أنظمة عربية قائلا:”أن هذه الصفقة لم تكن لتحصل لولا تواطؤ وخيانة عددٍ من الأنظمة العربية الشريكة سراً وعلانيةً في هذه المؤامرة ” .ليخلص الى القول :”أن امتنا وشعوبها الحيّة قادرة على الإطاحة بهذه الصفقة بوقت قريب”.

اقرأ أيضاً: هل يكون إغتيال سليماني لزوم صفقة قرن سعودية – إيرانية ؟!

هل يمكن القول ان الحزب أجاب على كل أعلنه ترامب؟

في رأي اوساط ديبلوماسية ان الحزب إبتعد كليا على  إتخاذ موقف من مواضيع ذات صلة مباشرة بطهران عموما والحزب خصوصاً، الامر الذي يطرح تساؤلات حول هذا السلوك .فالرئيس الاميركي ، وفي كلمته قال: “كما يعلم الجميع أنني قمت بالكثير من أجل إسرائيل”. وأورد فيما أورد، إنسحاب واشنطن من “الاتفاق النووي الفظيع مع إيران”. أضاف: “ان النظام الايراني معزول وضعيف للغاية. لقد صفيّنا قاسم سليماني، الإرهابي الاول في العالم. فهو كما تعلمون، كان مع رئيس حزب الله (أبو مهدي المهندس). ولا أظن أنهما كان في صدد القيام بعمل جيد. كان (سليماني) يدير منظمة يطلق عليها إسم قوات تحرير القدس مستخدما أقصى الكراهية لإسرائيل…”

وقد أثنى رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي وقف الى جانب ترامب، على ما فعله الاخير في “الخروج من الاتفاق الخطير مع إيران وتصفية سليماني”.

كل هذا الكلام الصريح عن إيران وعنه، لم يستوقف “حزب الله” حتى الان.فهل من أسباب لهذا التجاهل؟

سألت “النهار” جهات شيعية خبيرة في شؤون الحزب عن تفسيرها لإغفال الحزب هذا الجانب من كلام ترامب وضيفه نتنياهو فأجابت:”بعد مقتل سليماني ، والصعوبات التي تواجهها إيران، ليس في مصلحة الحزب ان يصعّد مباشرة في وجه الولايات المتحدة وإسرائيل”.وإستبعدت ان يلجأ الحزب الى إلزام الحكومة الجديدة بإلتزام سياسة متشددة ضد واشنطن تظهر معالمها في البيان الوزاري الجاري إعداده.وعزت ذلك، الى ان الحزب يعلم ان هذا التشدد سيضعف الحكومة التي يحرص على مساندتها في وجه الاتهامات التي توجّه اليها بأنها “حكومة حزب الله”. ولم تستبعد هذه الجهات ان يوجه الحزب ضغوطه نحو الحراك الشعبي كي ينكفئ بذريعة “أن لا صوت يعلو على صوت المعركة”.

من يتابع ما يجري في إيران بسبب تداعيات مقتل سليماني ، يدرك أيضا ان ليس في مصلحة “حزب الله” إستقطاب الاضواء في هذه المسألة الحساسة في الوقت الراهن.وكان لافتة في الايام الماضية ،الحملة التي تعرّض لها وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف بسبب هذه المسألة تحديدا.فقد اوردت وكالة “مهر” للانباء، ان 23 نائبا في مجلس الشورى الاسلامي رفعوا “دعوى قضائية”  ضد ظريف .وعزت الوكالة الدعوى ، كما قال النائب في مجلس الشورى الاسلامي محمد رضا بور ابراهيمي، الى تصريحات وزير الخارجية “التي نعتبرها معارضة لسياسة دعم الأمن القومي الايراني”. فيما قال ممثل مدينة كرمان مسقط رأس سليماني:” لم يخلع اهالي مدينة كرمان ثياب العزاء بعد ، ولا زالوا في حالة حداد جراء فقدانهم سيد شهداء خط المقاومة قاسم سليماني .وفي هذه الظروف يطلب ظريف الجلوس مع الولايات المتحدة على طاولة المفاوضات”.

في رأي مراقبين ان أقصى ما تستطيع ان تقوم به طهران في مواجهة الضغوط الاميركية هو الاتكال على ساحات بعيدة عن الشرق الاوسط  كي تتفادى الاصطدام المباشر مع واشنطن. وهذا ما ظهر في التعامل الايراني مع حادث سقوط الطائرة العسكرية الأميركية، في ولاية غزني بوسط أفغانستان، والذي تبنّت حركة “طالبان” مسؤوليتها عنه.وأبرزت وكالة “مهر” حوارا أجرته مع المتحدث بإسم الحركة ذبيح الله مجاهد قال فيه ان “طالبان” تنوي “إستمرار العمليات ضد القوات الأميركية على الأراضي الأفغانية.”

هل يعني ما سبق ان “حزب الله” بدّل من سلوكه في شأن يتصل بمهته الاصلية ،بصفته فصيلا في “فيلق القدس” الذي كان بقيادة سليماني وصار اليوم بأمرة الجنرال إسماعيل قاآني؟ وللمناسبة، فإن الاخير كان في أيام سليماني مسؤولا عن عمليات الفيلق في أفغانستان؟

لا جواب لدى الخبراء حاليا على هذا السؤال.غير ان هناك ترجيحات بأن مرحلة الانتظار لن تستمر طويلا كي يبادر الحزب الى الانخراط بقرار إيراني في ساحات المواجهة مع الولايات المتحدة.علما ان الحزب ما زال نشطا في المعارك التي دارت أخيرا في إدلب بسوريا حيث سقط له أخيرا  ضحايا هناك.

في اي حال، يبدو ان الصمت الذي يلوذ به “حزب الله” ومن خلفه طهران على ما ادلى به ترامب بشأن “تصفية” سليماني، مثير للاهتمام وللاسئلة معا؟

السابق
محمد فهمي.. احذروا هذا الرجل
التالي
كيف تنتخب في مكان السكن؟ «لادي» تُجيب!