أوراق جديدة من الليرة اللبنانية في الأسواق.. هل بدأ الإفلاس الفعلي للدولة؟

تضخم العملة في فنزويلا

طالع مصرف لبنان الشعب اللبناني الشهر الفائت، بقرار طباعة 9 أطنان من العملة الوطنية لفئتي الـ50 ألفاً والـ100 ألف ليرة لبنانية، ولكن الخبر مر مرور الكرام، طالما أن اللبناني الخبير بكل شيء، خُدع لسنوات طوال بسياسة المصرف وتطمينات الحاكم التي لم تجره سوى للإنهيار المحتوم.

قرار المصرف، بدى يظهر جلياً اليوم الجمعة، مع ملاحظة عدد من اللبنانيين الذين قرروا سحب رواتبهم من المصارف أن المبلغ المسحوب يتم دفعه فقط من فئة العشرين ألف ليرة الورقية وهي بمعظمها أوراق جديدة.

ماذا يعني ذلك؟

إن طباعة كل وحدة نقدية مطبوعة لا بد أن يقابلها رصيد من احتياطي النقد الأجنبي، أو رصيد من الذهب أو سلع وخدمات حقيقية تم إنتاجها في الاقتصاد، وفقاً لإقتصاديين.

إقرأ أيضاً: الدولار يرتفع وقدرة الشراء تنخفض.. متى ثورة التفليسة؟

بمعنى آخر، يجب ان يتناسب ضخ العملات النقدية في السوق مع حجم الاقتصاد والانتاج المحلي. وذلك بهدف جعل العملة المتداولة في السوق ذات قيمة حقيقية وليست مجرد أوراق مطبوعة.

وفي الدول الفقيرة والتي تعاني من أوضاع إقتصادية صعبة، عادة ما يتم تجاوز هذه القواعد، ويتم طباعة نقود بمعدلات تفوق المسموح به، أي ضخ عملات نقدية بشكل يفوق حجم الاقتصاد. وتكون النتيجة تراجعاً في القيمة الشرائية للعملة وارتفاعاً بالأسعار وتالياً ارتفاع التضخم. وهو ما يعيدنا إلى تجارب دول سابقاً، ومنها تجربة زيمبابوي التي شهدت تدهوراً كبيراً في قيمة عملتها وانهيارها لاحقاً، نتيجة إسهاب السلطات في طبع العملة الوطنية.

الكارثة أنّ هذه الأوراق النقدية الجديدة من فئة العشرين ألف تحمل نفس الرمز (C-01) التي كانت تحمله العشرين ألف التي طبعت في الأعوام 2012 و2014، يعني ببساطة أصبح هناك في السوق اللبناني نسخة طبق الأصل من أوراق العشرين ألف التي تحمل نفس الرقم التسلسلي ولكن بتاريخي إصدار مختلفين!

أي أنّ السوق المحليّة اللبنانية أصبحت معوّمة بعملات ورقيّة مستنسخة وغير مدعومة بقيمة إقتصادية أو ذهبيّة، وهذا قبل إغراق السوق بالمزيد من العملات الورقية الجديدة من فئة ٥٠ ألف و١٠٠ ألف خلال الأيام القادمة التي توازي ٩ طن من العملات (٩ تريليون ليرة جديدة)، أي ما يساوي ما طبعناه في سنوات!

لماذا يحدث التضخم؟

عندما تكون ميزانية الدولة بحالة عجز ( أي مصاريفها أكثر من إيراداتها ) فإن هناك عدة حلول للتخلص من العجز. الحل الأسهل والأخطر هو ما يعرف بالتمويل بالعجز أي طباعة أموال بقيمة العجز وضخها في الاقتصاد. يحدث التضخم وهذا ناجم عن ارتفاع عرض النقود بالاقتصاد أي زيادة كمية المتاح منها بالتالي يصبح في يد الناس المزيد من الأموال كورق لكن بنفس القيمة السابقة. وبالتالي يطلب البائعون المزيد من النقود كورق لكن بنفس القيمة السابقة لقاء نفس بيع نفس السلعة.

مثال من سوريا

لنقل ارتفع معدل التضخم في بلد وأصبحت الـ 1000 من العملة قيمتها الفعلية 800. هذا يعني أن السلعة التي كنت تشتريها بـ 800 أصبحت تشتريها بـ 1000. لو كانت معدلات التضخم جنونية فإنك تجد نفسك تدفع مبالغ طائلة نظرياً وذلك ليس بسبب غلاء السلعة انما بسبب انخفاض قيمة عملتك. من يعيش في سوريا تحديداً الآن وسابقاً العراق وربما دول أخرى مثل ليبيا جرب هذه النقطة بنفسه

مثلاً كنت تشتري كيلو لبنة بـ 50 ليرة، أصبحت الآن تشتريه بـ 300 ليرة .. هذا يعني أن العملة الورقية بقيمة 300 ليرة قيمتها الحقيقية الشرائية هي 50 ليرة .. السبب هو التضخم!

كيف تبدو الحياة في ظل التضخم الجامح

ظهرت صور عديدة من عدد من الدول المفلسة، كفنزويلا مثلاً، كيف أن الأطفال يلعبون بأكوام العملة، كيف أن سيدة ألمانية تحرق أوراق النقود لأن ذلك سيعطيها دفئ أكثر مما لو اشترت بها مازوت في الحرب، كيف أن الناس يرمون أوراق العملة في الطريق ويتم كنسها لأن الاحتفاظ بها يكلف أكثر من قيمتها، كيف أن دولة زيمبابوي أطلقت فئات كبيرة جداً من العملة لأن سعر بيضة مثلاً أصبح مليارات وأنت بحاجة لشاحنة من النقود لتشتري بيضة بينما إصدار فئة كبيرة بورقة واحدة سيساعد على هذا الأمر، فهل يتجه لبنان الى المأساة نفسها، أم سيتم ضبط الأوضاع المالية مع تشكيل الحكومة؟

السابق
الناتو ينضم للدول المُدينة لإيران.. الطائرة المنكوبة سقطت بصاروخ!
التالي
العراق ساحة حرب.. و4 سيناريوهات حول المصالح الأميركية بعد مقتل سليماني!