العشاء الأخير بين نصرالله وسليماني

السيد حسن نصرالله

عندما يصف الامين العام ل”حزب الله” السيد حسن نصرالله قائد “فيلق القدس” في الحرس الثوري الايراني الجنرال قاسم سليماني ب”الأخ الحبيب”، كما جاء في بيان النعي الذي أصدره نصرالله بعد مصرع سليماني ،فهو بذلك يدلّل على العلاقة الخاصة التي تجمع الرجليّن اللذيّن صار في الاعوام الاخيرة ضمن الحلقة الضيّقة من المقربين جدا  للمرشد الايراني علي خامنئي.وما زاد في خصوصية هذه العلاقة ، الانباء التي تحدثت عن وجود سليماني في بيروت قبل إنتقاله الى دمشق ومن ثم الى بغداد قبل فترة قصيرة من سقوط الجنرال الايراني .فهل هناك ما قيل في الليلة الاخيرة من حياة الاخير عندما إجتمع مع حليفه اللبناني الى مائدة العشاء في الضاحية الجنوبية لبيروت؟

اقرأ أيضاً: قاسم سليماني.. أو حين يصير الظلّ والضوء شيئاً واحداً

يقول خبير في العلاقات بين “حزب الله” والجمهورية الاسلامية عموما ، وما بين نصرالله وسليماني خصوصا ، ان قنوات الاتصال بين الجانبيّن إرتقت منذ العام 2006 الى مستوى غير مسبوق في الجانب الشخصي منها. فالمرشد الايراني إعتمد سليماني ليكون صلة الوصل المباشرة بينه وبين نصرالله. ولم تكن الصورة التي ظهرت قبل أسابيع ووزعها مكتب المرشد وجمعته في وقت واحد مع سليماني ونصرالله في طهران، بالصورة العادية. وقد إعتبرها الخبير بمثابة إعلان من المرجع الاعلى في الجمهورية الاسلامية ان الرجليّن هما ساعداه الفعليين في إدارة مشروع إيران الخارجي في مرحلة معقّدة لم يسبق ان واجهت مثلها هذه الجمهورية.

من يراجع نص الحواريّن مع نصرالله وسليماني ،اللذين نشرهما الموقع الرسمي لخامنئي في تشرين الاول الماضي، يكشف عمق الخصوصية بين الامين العام والجنرال. ويروي الاخير كيف أمضى 33 يوما ، مدة حرب تموز الى جانب نصرالله يشد أزره بما حمله من خامنئي من تقديرات. أما نصرالله فقال من ناحيته: “…قال سماحته(خامنئي) للأخ الحاج قاسم، أنت تكتب ما أقوله أنا وتنزل إلى لبنان إلى بيروت… فسماحة القائد يبدأ الرسالة ويقول ما مضمونه أنّ أسركم للجنديّين الإسرائيليّين كان لطفاً إلهيّاً خفيّاً”.

إذن،ليس ما ذكر حول وجود سليماني في بيروت قبل إنتقاله الى بغداد ليلقى حتفه، سوى واحد من الانباء الكثيرة التي إشارت الى ان زيارات متكررة قام بها الجنرال الايراني للبنان في المراحل التي شهدها هذا البلاد من بداية الالفية الثالثة. مع الاشارة الى العلاقة الوثيقة التي جمعت سليماني بالقائد الميداني الاشهر في “حزب الله” عماد مغنية الذي إغتالته إسرائيل في شباط 2007 في دمشق بموافقة أميركية. لكن بعد غياب مغنية بقيّ نصرالله وحيدا على مسرح العلاقات ذات المستوى الرفيع بين الحزب ومرجعيته الايرانية.

الأمر العاجل الذي أصدره خامنئي بتعيين العميد إسماعيل قاآني قائدا لـ”فيلق القدس” خلفاً لسليماني، لن يملأ الفراغ الذي خلقه رحيل الأخير. إن نصرالله اليوم بات وحيداً بالفعل مع غياب القادة التاريخيين للمشروع الإيراني الخارجي. وسيتذكر نصرالله طويلاً ما جرى في  العشاء الأخير مع سليماني.

السابق
خيوط في إغتيال سليماني .. «الخرق» من مطار بغداد وطاقم الطائرة السوري!
التالي
تشدد أمني وخطوات عدلية لحماية المصارف.. برقية تعزز الإجراءات