«القوات» تتخلّى عن الحريري.. هل يعتذر عن التكليف؟

بعد ما شهده الشارع عشية التكليف من مواجهات عنيفة بين المتظاهرين والقوى الأمنية استمرت حتى ساعات متأخرة من مساء أمس، حسمت “القوات اللبنانية ” موقفها بعدم تسمية الرئيس سعد الحريري رئيسا للحكومة المقبلة.

اذ اعلنت “القوات اللبنانية” تمسكها  بالتحالف على المستوى الاستراتيجي الذي يجمعه مع “تيار المستقبل” والرئيس سعد الحريري الا انها لن تُسمّي أحداً في استشارات اليوم، على أن تعطي الثقة للحكومة في حال كانت مؤلّفة من اختصاصيين مستقلين يتمتعون بثقة الناس ويلبّون طموحات ومطالب اللبنانيين”.

إقرأ أيضاً: «تكليف الحريري» يترنّح تحت وطأة عنف الشارع!

وعلى الرغم من أن رئيس حزب القوات سمير جعجع لم يعط للوزير السابق غطاس خوري الذي زار ‏معراب موفدا من الرئيس الحريري يوم السبت الفائت، جوابا واضحا حول التكليف، الا ان موقف القوات أحرج الحريري، لسببين:

الأول، أن عدد الأصوات التي ستسمّيه أصبح بحدود 57 صوتاً فقط، أي أقل من نصف عدد أعضاء مجلس النواب. لكن مع ذلك، وفي ظل غياب مرشّح منافس للحريري، فإن هذا العدد كافٍ دستورياً لتكليفه بتشكيل الحكومة. إلا أن الحريري سيكون تفويضه ضعيفاً، وسيؤثّر على عملية تشكيل الحكومة، والأرجح أن المواصفات التي حدّدها لحكومته، أي حكومة اختصاصيين، ستكون أمام حاجزين كبيرين: موافقة رئيس الجمهورية على هذه التشكيلة، وهو أمر مستبعد. والحاجز الآخر الحصول على ثقة المجلس النيابي.

الثاني، أن تكليف الحريري سيكون مثقلاً بضعف ميثاقي، حيث أن عدد النواب المسيحيين الذين يرجّح أن يحصل الحريري على أصواتهم سيكون في حدود 16 صوتاً من أصل 64 نائباً مسيحياً في المجلس النيابي، أي بنسبة لا تزيد عن 25% فقط من اصوات المسيحيين، علماً أن الكتلة المسيحية الوحيدة التي ستمنحه أصواتها هي “كتلة التكتّل الوطني” (المردة) التي تضمّ 4 نواب مسيحيين، في حين أن النواب المسيحيين الـ12 الآخرين الذين سيسمّونه موزّعين على الكتل النيابية وفق التالي: “المستقبل” (3 نواب مسيحيين)، “التنمية والتحرير” (نائبان مسيحيان)، “الحزب التقدمي الإشتراكي” (نائبان مسيحيان)، “الكتلة الوسطية المستقلة” (نائبان مسيحيان)، والنواب: إيلي الفرزلي، ميشال المرّ، ميشال ضاهر.

من هنا، وباستثناء “المردة”، فإن الكتل ذات الطابع المسيحي: “تكتل لبنان القوي” (التيار الوطني الحر)، كتلة “الجمهورية القوية” (القوات اللبنانية)، كتلة “الكتائب”، ستحجب أصواتها عن الحريري الذي لن يبلع هذا الأمر بسهولة، وقد يدفعه ذلك إلى الاعتذار عن التكليف، لتلك الاعتبارات، وبالتالي العودة إلى الدائرة المفرغة ذاتها التي تطوّق البلد منذ 17 تشرين الأول.

وفي حال اعتذار الحريري، فإن المشاورات السياسية ستعود لتنطلق من نقطة الصفر، للتفتيش عن رئيس حكومة “انتحاري”… وبموافقة الحريري!

السابق
بسبب عقدة «الكتلة النيابية الأكبر»..العراق أمام أزمة تكليف جديدة؟
التالي
الثورات السلمية ليست خياراً أخلاقياً فقط.. إنها الأنجع