صراع الحلفاء في الجنوب السوري.. «وقود» لانفجار مُحتمل!

درعا
وسط انشغال الإعلام العربي بأحداث لبنان والعراق، أصوات تتعالى في الجنوب السوري رفضاً للهيمنة الإيرانية واستبداد قوات النظام

هدأت الطائرات في السماء، لتبدأ معركة الوجود على الأرض، الجنوب السوري المحموم يشهد خلال الأشهر الفائتة نزاعات وصل امتدادها إلى ريف دمشق الغربي. وحيث حاول نظام الأسد عزل العاصمة عن أي توتر لإيهام مواليه باستعادة زمام السيطرة على مركز البلاد، يبدو أن الأمور باتت تخرج عن السيطرة مع وجود إيران وحزب الله على الارض والموقف الروسي من ذلك.

وفي حين نفت مصادر روسية دعم موسكو أيّ حراك شعبي في الجنوب أو محيط دمشق ضد إيران وميليشياتها الطائفية، أشارت مصادر في المعارضة السورية إلى أن المنطقة “تشهد تنافساً محموماً بين الطرفين في كل المجالات ما أثار حالة فوضى عارمة، تمثّلت في اغتيالات شبه يومية تشهدها محافظة درعا منذ سيطرة قوات النظام عليها صيف العام الماضي”.

مظاهرة للمطالبة بالإفراج عن المعتقلين

حراك الجنوب مجدداً

مصادر المعارضة ذكرت أن “الحراك في دمشق جاء بعد توسع النفوذ الإيراني فيها وسياسة الترهيب والترغيب التي تتّبعها طهران للسيطرة على محيط العاصمة عبر شراء البيوت ونشر التشيع وتوطين عدد من ميليشياتها في المنطقة وطرد أعداد كبيرة من المواطنين بهدف تكريس تغيير ديمغرافي على غرار ما حصل في بلودان والزبداني القريبتين من الحدود”.

إقرأ أيضاً: من درعا مجدداً.. «الشعب يريد إسقاط النظام»

وحيث شهدت المنطقة ضربات إسرائيلية متكررة لإبعاد إيران عن الجنوب، برز الوجود الإيراني في شرق سوريا بعد ازدياد الحديث عن القاعدة العسكرية الإيرانية على الحدود السورية-العراقية، ما دفع البعض للقول أن إيران قامت بإخلاء مراكز قيادة رئيسية في الكسوة جنوبي دمشق، محاولةً بناء مقرات محصنة في الميادين والبوكمال قرب الحدود مع العراق في محافظة دير الزور.

الغوطة الغربية في الواجهة

من يتفقد أحوال أحياء وقرى الغوطة الغربية يدرك أن قوات مدمرة مثل “التتار” مروا من هنا، ومع ذلك وفي تحد واضح لسلطة الأسد ظهرن في مناطق زاكية وخان الشيح وللمرة الأولى منذ استعادة الأسد السيطرة عليها وتوقيع اتفاق “التسوية”، كتابات على جدران المدارس في البلدة، وتداول معارضون على مواقع التواصل الاجتماعي صورا تظهر كتابات تطالب بإطلاق المعتقلين وتندد بالنظام السوري وإيران.

وفي تقرير لموقع “العرب” قال معارضون إن “السكان ضاقوا ذرعا بعدم وفاء النظام بالتزاماته لإطلاق المعتقلين، وبمنع عودة الأهالي إلى داريا وغيرها من المناطق في جنوب دمشق وغربها بينما يستوطن الإيرانيون ويتنقلون بحرية في المنطقة الممتدة بين السيدة زينب جنوب شرقي دمشق والسيدة سكينة في داريا التي يؤمها الإيرانيون بينما يمنع أهلها من العودة”.

إقرأ أيضاً: ناقوس «داعش» يُطرق مجدداً.. أهل درعا: «لا نريد هيمنة إيران»

وأوضح ناشط معارض أن “الأهالي يخشون عمليات التغيير الديمغرافي التي تنفذ برعاية إيرانية كما حدث في المناطق المحاذية للحدود اللبنانية، من الزبداني حتى مدينة القصير قرب حمص”. محذراً من أن “إيران تعمل لفرض سيطرتها عبر الميليشيات الطائفية على كل محيط دمشق”.

عاد الحراك الثوري لمدن درعا من جديد

الغليان سيد الموقف

بالمقابل تشهد مناطق عدة في الجنوب انتفاضة من تحت الرماد ضد الوجود الإيراني في محافظتي درعا والقنيطرة جنوبي سوريا، وتمددت التظاهرات ضد وجود إيران وميليشيا حزب الله لتصل إلى معظم المناطق في ريفي درعا الشرقي والغربي. وفيما أشار ناشطون في المدينة إلى “أوضاع أمنية تعتبر الأسوأ مع تزايد الاغتيالات في المحافظة”، ذكر مصدر معارض في المحافظة أن “تنوّع أهداف الاغتيالات وأساليبها، في ظل الأوضاع الأمنية الصعبة يكشف صراعات خفية بين إيران وروسيا نظرا إلى بنك الأهداف الذي تجاوز إطار عناصر المصالحات ومقاتلي الجيش الحر السابقين، ليشمل عناصر من النظام، ووجوها اجتماعية، وأشخاصا محسوبين على إيران، والروس، وحزب الله، ليختلط الحابل بالنابل”.

وكشف قائد عسكري سابق أن “الاغتيالات الآن تستهدف كل من يقف في وجه المشروع الإيراني، من شخصيات اجتماعية وعشائرية لها تأثير في المحافظة، وكل من يقع في بؤرة الصراع على النفوذ بين روسيا وإيران”.

ما موقف الروس؟

مصدر دبلوماسي روسي علق على تطورات الجنوب السوري بأنه لا وجود لأيّ خلاف مع “الحليف الإيراني”، وإن “كل ما يشاع تقارير إعلامية لا تلامس الحقيقة”، لكن ذلك يخالف ما يوجد على الأرض من خلافات بين الفصائل المحمية من الحليفين ومناطق تمددها في الجنوب، خاصة أنه لا يخفى على أحد موقف روسيا الداعم لاسرائيل في خلو الجنوب السوري من الوجود الإيراني خاصة قرب الحدود مع هضبة الجولان المحتلة، وفي المنطقة الجنوبية وصولا إلى دمشق”.

إقرأ أيضاً: قيادو حزب الله يتجولون في «درعا» بسيارات جيب لبنانية!

وبدا ذلك واضحاً في موقف روسيا من الضربات العسكرية الإسرائيلية على المواقع الإيرانية في سوريا حيث كان بإمكانها أن تمنعها أو تحدّ من فاعليتها لو سمحت على سبيل المثال باستخدام منظومات الدفاع الجوي إس 300.

كتابات على جدران درعا تذكر ببدايات الثورة

مستقبل المنطقة

على صعيد النفوذ يبدو أن روسيا تفضّل تخفيف النفوذ الإيراني في سوريا نظراً إلى التنافس بين الطرفين في المجالات الاقتصادية والسياسية والثقافية، خصوصا أن إيران تتفوق بسبب تأثيرها الاجتماعي القوي، فيما النظام السوري يسعى إلى المناورة واللعب على حبل الخلافات بين موسكو وطهران للتخلص من أيّ ضغوط روسية قد تجبره على تسوية سياسية لا تناسبه.

هذا ما يعني بأن رؤية الجانبين لمستقبل سوريا ليست موحدة. فروسيا تسعى إلى تغيير في السلطة المركزية وإعادة تنظيم مؤسسات الدولة وتجديد الإدارات الأمنية الرئيسية، وبدأت بإنشاء تشكيلات عسكرية ضمتها للجيش السوري مثل مجموعة النمر بقيادة اللواء سهيل الحسن، في حين تحاول إيران تشكيل ميليشيات تابعة لها وتقويتها لتصبح أقوى من الجيش السوري، كما فعلت في العراق ولبنان واليمن.

وحتى تصل سوريا إلى حل سياسي تجتمع تحته كل الأطراف المتنازعة على الأرض، ينذر الجنوب السوري بانفجار جديد تؤججه أفعال قوات النظام في درعا والمحاولة الفاشلة لإعادة فرض استبداد رفضه الشعب قبل ثمانية سنوات وثاروا عليه.

السابق
الأمر محسوم.. عون أيضا لن يشارك في حكومة يرأسها الحريري!
التالي
سطو مسلّح على 14 صيدلية مؤخرا.. وضحية جديدة فجر اليوم!