قيادو حزب الله يتجولون في «درعا» بسيارات جيب لبنانية!

في ظل النشاط الإيراني المحموم للسيطرة على الجنوب السوري واتخاذه منطلقاً لخلط الأوراق في المنطقة، زار قياديون من مليشيا "حزب الله" اللبنانية مدينة الحارة شمالي درعا، الأربعاء، للمرة الثانية في غضون أشهر قليلة.

مصادر “المدن” قالت إن قادة المليشيا اجتمعوا مع ضابط برتبة مقدم من “أمن الدولة”، لثلاث ساعات، في أحد منازل المدنيين بالقرب من المدخل الجنوبي للمدينة. مصدر “المدن” أشار إلى أن الوفد ضمّ قيادين ميدانيين من مليشيا “حزب الله”، عرف منهم “الحاج ساجد”، الذي سبق وأن زار المنطقة خلال الشهور الماضية بغرض الاستطلاع وتجنيد أبناء المنطقة في صفوف المليشيات المدعومة من إيران، والتي يشرف “الحاج ساجد” شخصياً على تدريبها.

وفد مليشيا الحزب كان قد زار القنيطرة قبل وصوله إلى مدينة الحارة، وتنقّل بسيارة “جيب” تحمل لوحة لبنانية. وهذه هي الحادثة الأولى من نوعها منذ سيطرة النظام على المنطقة، إذ لطالما استخدمت المليشيات اللبنانية أو الإيرانية سيارات عسكرية لقوات النظام أو سيارات مدنية، ولطالما ارتدى قادتها وعناصرها زي قوات النظام، ووضعوا رتبه العسكرية.

مصدر “المدن” رجّح أن يكون الهدف من الزيارة هو التنسيق مع ضباط النظام لتسهيل حركة عناصر وقادة مليشيا “حزب الله” في المنطقة وإحداث نقاط استطلاع ثابتة بالقرب من تل الحارة، بالإضافة لمحاولة تجنيد أبناء المدينة في صفوف مليشيا الحزب.

ويسيطر فرع “أمن الدولة” في المنطقة على 5 حواجز عسكرية، أحدها بالقرب من مكان الاجتماع الأخير، والذي سبق أن استهدفته المقاومة الشعبية قبل شهرين، وقتلت عناصره. وتنتشر بقية الحواجز في محيط مدينة الحارة ومداخلها الجنوبية.

في أيلول/سبتمبر 2018، زار وفد من “القوة الجعفرية” و”لواء الإمام الحسين”، مدينة الحارة، وعرضوا على الأهالي فيها إعادة ترميم المدارس وتقديم الخدمات. وحال دون ذلك دخول الشرطة العسكرية الروسية إلى المدينة. ومع ذلك، تمكنت إيران في تشرين الثاني/نوفمبر 2018 من نصب رادار ومحطة تنصت بإشراف ضباط “الحرس الثوري” بالقرب من السفح الشرقي للتل، بعيداً عن النقاط الروسية المتمركزة في المنطقة.

وتولي إيران مدينة الحارة اهتماماً ملحوظاً ومتزايداً، خاصة وأنها لا تبعد أكثر من 20 كيلومتراً عن الحدود مع الجولان المحتل. ويعتبر تل الحارة القريب من المدينة من أعلى التلال الكاشفة في المنطقة الجنوبية، والذي ظل تحت سيطرة المعارضة لسنوات رغم كل محاولات النظام للسيطرة عليه.

اقرأ أيضا: حزب الله: الحرب السورية لم تكن نزهة

محاولات إيران للتوغل في المنطقة قابلتها عمليات اغتيال واستهداف متكررة لقادة المجموعات المليشياوية المدعومة من قبلها، وكان آخرها استهداف القيادي الميداني في مليشيا “حزب الله” علي الظاهر، في بلدة بصر الحرير شرقي درعا، ليل الثلاثاء/الأربعاء، ما أسفر عن إصابته بجروح بالغة. وتزامن ذلك مع أنباء عن محاولة اغتيال استهدفت عبدالباسط قداح، في مدينة الحراك، وهو أحد قادة المجموعات المدعومة من إيران والعاملة في ريف درعا الشرقي.

نشاط المليشيات الإيرانية أخذ بالازدياد، خلال الشهور القليلة الماضية، واتخذ أشكالاً متعددة كان آخرها عمليات الرصد المتكررة التي نفذها قادة في “حزب الله”؛ بدءاً من منطقة حوض اليرموك في ريف درعا الغربي وصولاً إلى ريف القنيطرة الشمالي. ودفع ذلك بإسرائيل لاستهداف المنطقة أكثر من مرة، في رسائل حملت صفة التحذير للمليشيا بضرورة الابتعاد عن الحدود مع الجولان.

كما تسعى إيران اليوم لتجنيد المزيد من أبناء الجنوب السوري ضمن مليشياتها. والهدف من عمليات التجنيد في القنيطرة هو إعداد مجموعات قتالية تمتاز بقلة العدد وسهولة الحركة، وغالبية عناصرها من أبناء المنطقة. ويساعد إيران في مهمتها بعض القيادات السابقة في صفوف المعارضة، وبينهم القيادي خضر حليحل، الذي أفرجت عنه “المخابرات الجوية” مؤخراً بعد اعتقال دام شهوراً.

ويرى مراقبون أن الهدف من تجنيد تلك المجموعات هو للعمل في اتجاهين؛ الأول أمني، فمن الممكن أن يتم الاعتماد على تلك المجموعات بشكل كامل في تنفيذ عمليات اغتيال لقادة في فصائل “التسوية” ومراقبة المنطقة، وتزويد الاستخبارات الإيرانية بتقارير دورية عن الأوضاع فيها بشكل عام. والاتجاه الثاني يأتي ضمن مخطط الهيمنة الإيرانية الهادف للسيطرة على المنطقة في مختلف المجالات. وتشكيل تلك المجموعات في مختلف القرى والبلدات في الجنوب السوري، هو الخطوة الأولى لتأسيس حاضنة شعبية تتقبل الوجود الإيراني في المنطقة.

اقرأ أيضاً: بومبيو في لبنان… وعينه على حزب الله وإيران

ويساعد إيران اليوم في نشاطها مجموعة من العوامل أهمها الخلافات بين قادة “فصائل التسوية”، والتي ما عادت خافية، ويمثل أحد أقطابها تيار القيادي في “الفيلق الخامس” أحمد العودة، المدعوم من روسيا. في حين يمثل قطبها الآخر القيادي في ما كان يُعرفُ بـ”جيش الثورة” عماد أبو زريق، والذي بدأ مؤخراً بعد عودته من الأردن تشكيل فصيل موالٍ للنظام، الأمر الذي يرفضه العودة، ويحاول عرقلته بالاتفاق مع الروس. الخلافات وحالة التشظي، عجّلت في سيطرة النظام على المنطقة بشكل مباشر أو غير مباشر. وتستثمر إيران الخلافات ذاتها اليوم لتحقيق أهدافها وتسريع خطوات سيطرتها على المنطقة.

في هذه الأثناء يراقب الجانبان الأردني والإسرائيلي، عن كثب، التحركات الإيرانية على الجانب الآخر من الحدود من دون اتخاذ إجراءات تذكر، بعدما أوكلا مهمة كبح جماح تلك المليشيات للجانب الروسي، الذي يبدو بدوره عاجزاً عن وضع حد لتجاوزات تلك المليشيات واقترابها من الحدود بعكس ما تم الاتفاق عليه قبل سيطرة النظام على المنطقة في تموز/يوليو 2018. ويرجع بعض القادة العسكريين أسباب ذلك إلى قلة أعداد الشرطة العسكرية الروسية و”فصائل التسويات” المدعومة من روسيا، مقارنة بالمليشيات المدعومة من إيران.

السابق
بالصور أجمل وأرخص 7 مدن في العالم
التالي
بروناي: عقوبة الرجم ضد المثليين ومرتكبي الزنا تدخل حيز التنفيذ