هذا هو سيناريو الغرف السوداء والضمائر السوداء فأين هي الثورة وأين هم الثوّار؟

كتبتُ قبل يومين أنّ الساعة الصفر قد اقتربتْ، مخاطبًا الثوّار: أعِدّوا العدّة للمواجهة. مواجهة استبداد السلطة، ومواجهة احتقارها لشعبها الجائع، بالأساليب والطرق التصعيديّة السلميّة الجامعة الموجعة، التي تقلب الطاولة على تحالف الطغيان والشرّ والفساد الحاكم.

الثورة، الانتفاضة، سمّوها كما تشاؤون، هي أمام الامتحان الأصعب.

وفي الامتحان يُكرَم المرء أو يُهان.

الثورة، الانتفاضة، سمّوها كما تشاؤون، مطالَبةٌ على الفور بأنْ تكشف من جديد عن وجهها الثوريّ النبيل. وبأن تشمّر عن زنودها. وبأنْ تواجه السلطة بخطّةٍ متكافئة.

في هذا الامتحان الأصعب، إمّا تكون المواجهة متكافئة، وإمّا لا تكون.

اقرأ أيضاً: حكومة الظل كمطلب للثورة

فإذا لم تكنْ الخطّة، خطّة الثورة، الانتفاضة (سمّوها كما تشاؤون) على قدْر المقام، قاطعةً لأنفاس أهل السلطة، مُحكَمة، ومُفشِّلة لخطّة تحالف الطغيان والشرّ والفساد الحاكم، فليذهب الأحرار الثائرون والمنتفضون والمتمرّدون والجياع والحالمون إلى بيوتهم.

نحن الآن في توقيت الساعة الصفر.

أكرّر: نحن الآن في توقيت الساعة الصفر.

ماذا يعني هذا الكلام؟ يعني أنّ السلطة الحاكمة أنجزت مشاوراتها واستعداداتها في الغرف السرّيّة، تأليفًا وتكليفًا.

بالنسبة إلى التكليف والتأليف، أعّدت السلطة الأسماء والبدائل والدمى المناسبة تحسبّا للطوارئ والمفاجآت.

بناءً على ذلك، دعا رئيس الجمهوريّة إلى إجراء الاستشارات الملزمة يوم الإثنين (9 كانون الأوّل)، بعد شهر على استقالة الحكومة المشؤومة.

المشهد واضحٌ للغاية:

إقرأوا كتّاب السلطة، وإعلاميّيها، وأبواقها، وألسنتها، واسمعوهم جيّدًا وبانتباه، تعرفوا جيّدًا وبوضوح أنّ وقت “طقّ الحنك” قد أصبح وراءنا. وأنّ حكومة تحالف الطغيان والشرّ والفساد على الأبواب.

إقرأوني جيّدًا: الحكومة الجهنّمية الموعودة باتت على الأبواب.

الأسبوع المقبل سيشهد ولادة حكومةٍ، هي ابنة الائتلاف الميمون بين “العهد” و”التيّار الوطنيّ الحر” والثنائيّ الشيعيّ، “حزب الله” وحركة “أمل”، وشركاء هؤلاء في الكتل الأخرى.

وهي ابنة المنضمّين (من الأساس) إلى هذا الائتلاف من “اختصاصيّي” (وخبراء) “تيّار المستقبل” و”الحزب التقدميّ الاشتراكيّ”. وهي أيضًا (هذه الحكومة) لا بدّ أنْ تكون أيضًا ابنة هذا الائتلاف مع الدمى “الثوريّة” و”الوطنيّة”، الرخيصة والانتهازيّة والمتسلّقة من هنا وهناك. وهلمّ.

هذا هو السيناريو الذي انتهى إليه أهل الغرف السوداء والضمائر السوداء.

في المقابل، قيل لنا منذ يومين، منذ ثلاثة أيّام، منذ أربعة، إنّ أهل الثورة يهيّئون الأرض (بطريقةٍ مبكّلة) لاستعادة الوضوح ولاستعادة الأرض. لاستعادة كلّ الوضوح. ولاستعادة كلّ الأرض.

هذا اليوم هو الجمعة 6 كانون الأوّل 2019.

لحدّ هلّق ما شفنا شي.

فماذا تنتظرون؟!

بوضوحٍ فجّ، ساطع، وغير مهتمّ باللياقات، أقترح الآتي:

فليكشف لنا أوراقه، هذا الشارع الحرّ الثائر والمنتفض والمتمرّد والجائع.

إمّا أنّه لا يستطيع أكثر ممّا استطاع. وهذا غير دقيق وغير مقبول.

وإمّا يرضخ للأمر الواقع. وهذا عيبٌ جبانٌ ما بعده عيبٌ جبان.

وإمّا يذهب هذا الشارع العظيم بأهل السلطة إلى الجحيم. إلى مزبلة التاريخ.

وهذا هو المطلوب.

أشهد أنّ هذا الشارع الثائر الحرّ المتمرّد المنتفض الجائع، قادرٌ على ذلك.

أؤمن بأنّ هذا الشارع قادر.

يلّا. شو ناطرين!؟

السابق
في صور.. وقفة احتجاجية امام مصرف لبنان
التالي
سوسن بدر من الاستديو: «متخافوش مش هغني»