ليس السؤال هل سيوزّر باسيل بل كيف سيكمل عون الولاية؟

على رغم الضباب الذي يحيط بموضوع الاستشارات النيابية الملزمة التي من المفترض ان يبادر رئيس الجمهورية ميشال عون الى إجرائها منذ تقديم الرئيس الحريري إستقالته في 29 تشرين الاول الماضي، فأن هناك إنقشاع أمام التساؤلات حول ما يدور في قصر بعبدا الذي لم يعد مقرا للرئاسة الاولى، بل تحوّل الى خلية أزمة تحاول سبر أغوار المرحلة التي بدأت في 17 تشرين الاول المنصرم.

في معلومات لـ”النهار” من جهة رسمية تتابع عن كثب تطورات ملف إستقالة الحريري والتي أدت الى إستقالة الحكومة، انها لمست إنهماكا غير مسبوق في اوساط عون في محاولة لمعرفة تأثير التطورات المتسارعة منذ 25 يوما على وضع الرئاسة الاولى التي صارت وجها لوجه أمام تحد تشكيل حكومة جديدة تحمل معها أثقال الحكم في المرحلة المقبلة. وبات من المسلّم به لدى هذه الاوساط ان الوزير جبران باسيل، الذي كان الرقم الصعب طوال النصف الاول من ولاية هذا العهد، لن يبقى كذلك في النصف التالي من الولاية. وكل ما يدور حول باسيل الان لا يتعدى نطاق المساومة حول الثمن الذي يمكن ان يتقاضاه “التيار الوطني الحرّ” لقاء إبتعاد رئيسه عن عضوية الحكومة الجديدة.

اقرأ أيضاً: الفساد ليس حالات فردية… بل منظومة راسخة تغطي نهج وسلوك..!

هل يقف الامر عند حد تنحي باسيل عن المشاركة في الحكومة المقبلة ، فتعود مياه السلطة التنفيذية الى مجاريها؟ تجيب الجهة الرسمية ذاتها على هذا السؤال بالتأكيد على ان التفكير السائد في اوساط الرئاسة الاولى يتعدى موضوع توزير باسيل مجددا، على رغم أهمية الاخير في إدارة شؤون الرئاسة الاولى كما فعل في الاعوام الثلاثة الماضية ، وكما فعل إيضا منذ أعوام طويلة سبقت وصول عون الى قصر بعبدا. وتضيف: “سمعت عبارة من أحد المقربين لرئيس الجمهورية مفادها ان الاخير يأمل أن يكمل السنوات الثلاث المتبقية له في سدة الرئاسة الاولى.”

المعلومات التي توافرت حول اللقاءيّن الذيّن جمعا في بيت الوسط بين الحريري وباسيل بعد إستقالة رئيس الحكومة بدت للوهلة الاولى وكأنها تتمحور حول شروط يطرحها باسيل على الحريري كي يعاد تكليفه تشكيل الحكومة الجديدة.لكن بعد مرور الوقت تبيّن ان الجهد في اللقاءيّن إنصب على إذابة الجليد في العلاقات بين الجانبيّن والذي تراكم بعد الكلام الذي وصل الى رئيس حكومة تصريف الاعمال ،وقيل ان مصدره وزير الخارجية ، ومفاده ان عودة الحريري الى السراي مرتبط بعودة باسيل الى الحكومة، و”هما يبقيّان معا أو يخرجان معا”. وهذا الكلام أشعل غضبا في بيت الوسط ،لكنه إنطفئ الان بعدما صار البحث يتمحوّر حول تشكيل حكومة لن يكون باسيل في عدادها سواء أكان الحريري رئيسا لها أم لا.

ما يستفاد من عرض ما انتهى اليه الحوار المتجدد بين الحريري وباسيل، بحسب اوساط نيابية قريبة من الحريري، هو ان القضية الاهم لفريق الرئاسة الاولى الان تتمحور حول دعم موقعها الذي صار في وسط بحر الاحداث الهائج .فبعدما إبتلع هذا البحر سفينة  الحكومة إتجهت الانظار الى مصير سفينة الرئاسة الاولى التي لم ترسو حتى الان على بر تشكيل الحكومة الجديدة.

توقف المراقبون بإهتمام عند مقدمة نشرة أخبار قناة  الـOTV المسائية في التاسع من الجاري وجاء فيها: “…في العام 2005 اغتيل الرئيس رفيق  الحريري . الناس الطيبون الملتاعون نزلوا الى الشارع فخرج الجيش السوري، لكن الهدف الحقيقي كان في مكانيّن: اخراج الرئيس اميل لحود واحراج حزب الله. ولا لزوم لسرد ما حصل بعدها. اليوم نعيش السيناريو ذاته… من جديد تطلق النار على بعبدا ويتركز القصف على حارة حريك. هنا الشرعية والجمهورية وهناك المشروعية والمقاومة.”

هل هذا برهان إضافي على ان  دوائر قصر بعبدا تعيش  فعلا هذه الهواجس التي باحت بها الوسيلة الاعلامية التي تعود تيار عون؟ ربما من المتعذر الوصول الى جواب حاسم على هذا السؤال. لكن هناك مؤشرات تفيد أن هناك شيئا ما يحصل في قصر بعبدا، ومن آخر معالمه ما دار في الاجتماع المالي الذي عقده عون في قصر بعبدا بغياب الحريري الذي لم يدع الى اللقاء لإسباب غير مفهومة. وفي معلومات لـ”النهار” ان مسودة بيان حملها رئيس جمهورية المصارف سليم صفير الى اللقاء تتضمن الدعوة الى تشكيل حكومة تعيد ثقة اللبنايين بسلطتهم التنفيذية لكن الجواب على هذه الدعوة وإتصف بالحدة جاء على لسان  وزير رئاسة الجمهورية الذي قال: “إنتو اشتغلوا شغلكم ونحنا منشتغل شغلنا”!

السابق
التحركات الطلابية مستمرة.. مسيرتان حاشدتان في شوارع بيروت
التالي
جواد حسن نصرالله خارج «تويتر»!